الانتهاكات الحوثية هي الخطر الأكبر على الهدنة المتواصلة منذ أكثر من شهر في اليمن». رأيٌ أجمع عليه المحللون الغربيون الذين يتابعون بقلق مواصلة ميليشيات الحوثي الإرهابية، ممارساتها العدوانية في مناطق مختلفة من اليمن، بالمخالفة لبنود «هدنة الشهرين» المتفق عليها برعاية أممية، والتي يُفترض استمرارها حتى مطلع يونيو المقبل، ما لم يتم تجديدها لفترة أخرى.
فمنذ بدء سريان التوقف الحالي للمعارك في الأراضي اليمنية في الثاني من أبريل الماضي، لم تتوقف الاعتداءات التي تشنها العصابة الحوثية على جبهات متعددة، خاصة في محافظة مأرب الاستراتيجية، التي كثف المسلحون الانقلابيون جهودهم للاستيلاء عليها ولكن بلا جدوى، منذ مطلع فبراير من العام الماضي.
وبالرغم من أن وتيرة الاعتداءات الحوثية في مأرب خلال فترة الهدنة تبدو أقل شراسة من تلك التي وقعت في أثناء الشهور السابقة لها، فإن استمرار تلك الانتهاكات لا يزال يثير قلق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، حسبما قال محللون تحدثوا لموقع «فيجين تايمز» الإلكتروني.
وحذر الخبراء من أن مواصلة الحوثيين تحدي الهدنة على هذا النحو السافر، تهدد المكاسب التي عادت على ملايين اليمنيين، من وراء وقف القتال على مدار الأسابيع الماضية، بما أتاح الفرصة لبدء إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في مناطق متعددة من اليمن.
ويخشى مسؤولو الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية الدولية، من أن تبدد تلك الانتهاكات الزخم الذي أحدثته الهدنة، وهي الأولى من نوعها على هذا النحو منذ 6 سنوات، والتي يأمل الكثيرون في أن تشكل خطوة أولى على طريق إيجاد وقف دائم لإطلاق النار، يهيئ الأجواء لوضع حد للصراع اليمني، الناجم عن الانقلاب الحوثي الدموي على الحكومة الشرعية في خريف 2014.
وفي هذا السياق، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، عن أمله في إمكانية أن تقود الأجواء الراهنة في اليمن إلى تمديد العمل بالهدنة لفترة أخرى، بما يفضي في نهاية المطاف، إلى إطلاق عملية سياسية حقيقية، تشمل مختلف الأطراف المعنية بالصراع.
وخلال الشهر الماضي، سمح صمود الهدنة رغم الانتهاكات الحوثية، بإيصال سفن تحمل مشتقات نفطية إلى ميناء الحديدة، كما جرى في إطارها، إطلاق مبادرة سعودية إنسانية، شملت الإفراج عن أكثر من 160 أسيراً حوثياً، ما حظي بترحيب إقليمي ودولي واسع النطاق.
ويؤكد مسؤولو الأمم المتحدة في الوقت نفسه، على أن الجانب الأكبر من الاهتمام، ينبغي أن ينصب الآن، على تكثيف الجهود الرامية لوقف تدهور الوضع الإنساني بشكل متسارع في اليمن، خاصة بعدما أصبح ما يزيد على 23 مليوناً من سكان هذا البلد، بحاجة إلى مساعدات إغاثية، وذلك بزيادة تناهز ثلاثة ملايين شخص، عن عدد من كانوا بحاجة لمثل هذه المساعدة، خلال العام الماضي.
وأبرز المحللون في هذا الإطار، الدعوة التي وجهها منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن ديفيد جريسلي، إلى الجهات المانحة والوكالات الإغاثية، بضرورة اغتنام فرصة الهدنة، للإسراع بتوفير الدعم اللازم لليمنيين المنكوبين بالاعتداءات الحوثية، خاصة من يقطنون منهم في مناطق نائية، حالت المعارك دون وصول الفرق التابعة للمنظمات الإنسانية إليها، خلال السنوات القليلة الماضية.
وشدد جريسلي على أن عدم توافر التمويل اللازم للأنشطة الإغاثية، قد يبدد أي زخم إيجابي ناتج عن الهدنة، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة بحاجة إلى نحو 4.3 مليار دولار، حتى يتسنى لها عكس اتجاه التدهور المتواصل في الوضع الإنساني في اليمن، عبر مد يد العون إلى ما يقرب من 17.3 مليون يمني، باتت الغالبية العظمى منهم، في حاجة ماسة للمساعدة.