قبل الغزو الروسي، كان يتدفق حوالى 98٪ من صادرات الحبوب الضخمة لأوكرانيا من الموانئ المطلة على البحر الأسود. لكن هذه الموانئ أغلقت بسبب الحصار البحري الروسي، واستهدفت الهجمات الروسية المستودعات وساحات السكك الحديدية وغيرها من البنية التحتية الرئيسية للتصدير.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، "على الرغم من الحرب، من المتوقع أن تنتج المزارع الأوكرانية حوالى 30 مليون طن من القمح والذرة والسلع الغذائية الأخرى هذا العام. يبحث التجار والمزارعون، بدعم من الحكومة الأوكرانية والدول المجاورة، عن طرق بديلة لتصدير تلك الحبوب لدرء نقص الغذاء العالمي وتخفيف الأسعار المرتفعة. ومع ذلك، فإن المسعى أبعد ما يكون عن الوضوح.
الطرق الجديدة أطول، وغالبًا ما تكون متراكمة وأكثر تكلفة. التحدي معقد بسبب البنية التحتية الممتدة والهجمات الروسية المستمرة على الجسور والسكك الحديدية".
وأضافت الصحيفة، "يعد ميناء كونستانتا المطل على البحر الأسود في رومانيا المجاورة أحد هذه الخيارات، ولكن للوصول إلى هناك، يجب أن تقطع الحبوب مسافات طويلة عن طريق البر أو السكك الحديدية أو يتم تحميلها على المراكب في موانئ النهر الأوكرانية وشحنها عبر نهر الدانوب. إن ميناء كونستانتا واسع، ويبلغ حجم مبيعاته 27 مليون طن متري من الحبوب كل عام، ويقع بالقرب من الحدود الأوكرانية.
ولكن ابتداءً من هذا الشهر، سيتعين على الحبوب الأوكرانية التنافس على السعة مع محاصيل الحبوب الضخمة في رومانيا. تعرضت البنية التحتية الرئيسية على طول الطريق، مثل جسر للسكك الحديدية في زاتوكا بالقرب من ميناء أوديسا الأوكراني، بشكل متكرر للهجمات الصاروخية الروسية.
وقالت روسيا في الأيام الأخيرة إنها ستدرس تخفيف حصارها البحري، مما يسمح باستئناف بعض شحنات الحبوب مقابل رفع العقوبات. وأعرب المسؤولون الأوكرانيون عن شكوكهم بشأن العرض، بينما قالت الحكومات الغربية إنها لن ترفع العقوبات. ومن المحتمل أن يترك ذلك أوكرانيا تواصل بحثها عن طرق جديدة".
وتابعت الصحيفة، "عرضت بولندا وليتوانيا موانئهما لشحنات الحبوب الأوكرانية، لكن روابط السكك الحديدية بين أوكرانيا وموانئ البلطيق في هاتين الدولتين تكافح للتعامل مع السعة الإضافية. أوكرانيا وروسيا وليتوانيا وأعضاء سابقون آخرون في الاتحاد السوفيتي يستخدمون المعيار الروسي لمقياس السكك الحديدية. وتستخدم بولندا ورومانيا ومعظم دول أوروبا مقياسًا أضيق. لنقل الحبوب عبر تلك الحدود، يجب تغيير إما الهياكل السفلية لعربات السكك الحديدية أو نقل البضائع إلى قطارات جديدة.
على الحدود بين أوكرانيا وجيرانها، أصبحت الآلات المصممة خصيصًا لنقل شحنات الحبوب بين مقياسي السكك الحديدية مثقلة بموجة من الشحنات الجديدة، مما أدى إلى فترات انتظار طويلة وتراكم عربات السكك الحديدية. هذه مشكلة خاصة في ميناء كلايبيدا في ليتوانيا. تستخدم الدولة السوفيتية السابقة نفس مقياس السكك الحديدية الأوسع مثل أوكرانيا.
لكن تمتد بينهما روسيا البيضاء المتحالفة مع روسيا، وقد تم تعليق خدمات السكك الحديدية مع أوكرانيا بسبب الحرب. لذلك يجب توجيه الشحنات عبر بولندا، مما يستلزم تغيير الهياكل السفلية مرتين، أولاً على الحدود الأوكرانية مع بولندا ومرة أخرى عند دخولها ليتوانيا".
وبحسب الصحيفة، "إن صراع أوكرانيا لتصدير منتجاتها ليس مجرد مشكلة للبلد ومزارعيه. قبل الحرب، كانت المزارع الأوكرانية أساسية لتغذية العالم، واحتلت أوكرانيا المرتبة الأولى بين أكبر 10 مصدرين للقمح والذرة والشعير، بالإضافة إلى أكبر مصدر لزيت دوار الشمس. كان الكثير من هذه الحبوب يتدفق إلى العالم النامي. يساعد الحصار الروسي لموانئ أوكرانيا على رفع أسعار المواد الغذائية، مما زاد من نقص الغذاء وأثار احتجاجات في الدول الفقيرة. أصبحت العديد من الدول النامية تعتمد على إمدادات الحبوب الوفيرة والرخيصة في أوكرانيا وتكافح الآن للحصول على إمدادات جديدة من أماكن أخرى. كما أدى ارتفاع أسعار الحبوب إلى زيادة التضخم الأمر الذي أثر على الاقتصاد العالمي. وتكافح أوكرانيا لتصدير بقايا الحبوب من المحاصيل السابقة.
ففي الأشهر المقبلة، سيبدأ المزارعون في حصاد محاصيلهم الأخيرة، مما يزيد بشكل كبير كميات السلع الزراعية التي تحتاج إلى إيجاد طرق جديدة لتصديرها الى الخارج".