صحف عالمية: أوكرانيا تطرح 3 مراحل لإعادة الإعمار.. والناتو غاضب من أردوغان

عربي ودولي
قبل سنتين I الأخبار I عربي ودولي

تناولت صحف عالمية بارزة، الثلاثاء، آخر تطورات الحرب الروسية الأوكرانية، وسط تقارير تتحدث عن خطة أوكرانية واسعة المدى لإعادة إعمار البلاد في فترة ما بعد الحرب، بالإضافة إلى مطالبة فورية قدرها 65 مليار دولار.

 

وناقشت الصحف تقارير أخرى تصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأنه ”حليف مثير للغضب“ لأعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) الآخرين، لكنها اعتبرت أيضاً أن الرئيس التركي ”لا غنى عنه“ ويجب احتواؤه، خشية تحالفه مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

 

خسائر بوتين 

ذكرت صحيفة ”ديلي إكسبريس“ البريطانية أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أصبح ”يترنح على حافة الهاوية“، وذلك في وقت تواجه فيه قواته بسالة أوكرانية سلبت من جيشه ”الشجاعة“، مما أدى إلى فقد الرئيس الروسي 20 عاماً من التحديث العسكري.

وقالت الصحيفة، نقلاً عن سيرغي غايداي حاكم لوغانسك، إن القوات الروسية ستحاول التوغل أكثر في أوكرانيا بعد الاستيلاء على الإقليم بشرق البلاد، مشيرة إلى أن إقليم دونيتسك المجاور، هو الهدف التالي للجيش الروسي.

 

وأضافت الصحيفة أنه في حين أن بوتين حقق بعض المكاسب هناك بنجاح، إلا أن الحرب لا تزال مكلفة للغاية بالنسبة لروسيا. وفي هذا الصدد، نقلت عن مارك غاليوتي، وهو باحث في معهد ”RUSI“، قوله إن روسيا لن تغزو دولة من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مثل فنلندا أو السويد، لأن الأوكرانيين ”اقتلعوا الشجاعة من الجيش الروسي“.

وأضاف المحلل: ”لقد انتزع الأوكرانيون الشجاعة بشكل أساسي من الجيش الروسي، حيث ظل بوتين على مدى 20 عامًا يضخ الأموال في بناء جيش يبدو رائعًا عند استعراضه حول الميدان الأحمر. لكن تلك العشرين عامًا من التحديث العسكري قد تم تفجيرها إلى حد كبير في 20 أسبوعًا من القتال“.

 

وتابع غاليوتي: ”من الواضح أن الأوكرانيين يتكبدون خسائر فادحة أيضًا، لذلك لا توجد ضمانات بأنهم يمكنهم الفوز أو حتى التراجع في ساحة المعركة. لكنني أعتقد أنه يتعين علينا الاعتراف بالدرجة التي يتعين على روسيا أن تقضي عندها وقتًا طويلاً في إعادة بناء جيشها وسيتعين عليها القيام بذلك في ظل ظروف من المشكلات الاقتصادية الهائلة“.

وأوضحت الصحيفة أن الاعتقاد هذا بشأن احتمال روسيا شن هجوم على دول أخرى، قد نما عندما قارن بوتين نفسه مؤخراً ببطرس الأكبر، الإمبراطور السابق لروسيا الذي بنى البلاد إلى قوة عالمية، وبدا يشير إلى أنه يمكن أن يسير على خطى الشخصية التاريخية.

 

ورأت الصحيفة البريطانية أن الحرب وخطط بوتين لم تساعد على نشوب التوترات بين حلفاء ”الناتو“ وموسكو. وقالت إنه على سبيل المثال، أعلن الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، الأسبوع الماضي أن الناتو سيضع 300 ألف جندي في حالة تأهب قصوى ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

مطالبة أوكرانية ”عاجلة“

وذكرت وكالة أنباء ”بلومبيرغ“ الأمريكية أن أوكرانيا طالبت بتمويل عاجل بما يقدر بين 60 و65 مليار دولار هذا العام لتلبية متطلباتها التمويلية، وهي مليارات أكثر مما تعهد حلفاؤها حتى الآن، مشيرة إلى أن المبلغ المطلوب يشمل على الفور ما يسمى بـ“مساعدة الاستقرار المالي الكلي لتمويل ميزانية الطوارئ ومشاريع البنية التحتية اللوجستية“.

وأوضحت الوكالة أن الرقم المطلوب، الذي لا يشمل الإنفاق على الدفاع والأمن، هو جزء من مخطط أكبر لإعادة الإعمار على المدى الطويل في البلاد، الذي يقدر بأكثر من 750 مليار دولار، وتم الكشف عنه في مؤتمر في مدينة لوغانو السويسرية أمس الاثنين.

 

ووفقاً للوكالة، تتضمن ”خطة الإنعاش“ الأوكرانية ثلاث مراحل تمتد على مدى العقد المقبل، تبدأ بإعادة بناء البنية التحتية الحيوية هذا العام، ثم ترميم المباني والمساكن والممتلكات الأخرى التي دمرت في القتال وتعزيز الخدمات العامة، وأخيراً استخدام الاستثمار لإنشاء اقتصاد أوكراني حديث.

ونقلت الوكالة عن دنيس شميكال، رئيس الوزراء الأوكراني، قوله في المؤتمر: ”بعد انتهاء الحرب مباشرة وتحقيق النصر لأوكرانيا، نحتاج إلى تنفيذ الآلاف من مشاريع إعادة البناء“.

وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن صندوق النقد الدولي كان قد صرح في وقت سابق بأن أوكرانيا بحاجة إلى حوالي 5 مليارات دولار شهريًا لتغطية الخدمات الأساسية والحفاظ على اقتصادها قائمًا، حيث يقدر الصندوق أن فجوة الميزانية الأوكرانية لهذا العام تبلغ حوالي 39 مليار دولار.

وقالت الوكالة في تقرير لها: ”من غير الواضح كيف سيتمكن حلفاء أوكرانيا من تغطية هذا المستوى من الإنفاق، خاصة أن عليهم التعامل بشكل متزايد مع ارتفاع التضخم في الداخل والتهديد بقطع روسيا لإمدادات الطاقة“.

 

وبحسب قول الوكالة، اقترح الاتحاد الأوروبي تقديم مليار يورو الأسبوع الماضي كإغاثة مالية قصيرة الأجل، حيث تواصل ألمانيا دعمها لحزمة أكبر بقيمة 9 مليارات يورو، موضحة أن الأموال ستأتي علاوة على حد ائتمان سابق بقيمة 1.2 مليار يورو مُنح لكييف في وقت سابق من هذا العام.

في سياق متصل، نقلت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية عن شميكال قوله إن خسائر البنية التحتية المباشرة لأوكرانيا بلغت أكثر من 100 مليار دولار، مضيفًا أن أكثر من 1200 مؤسسة تعليمية و200 مستشفى وآلاف الكيلومترات من خطوط أنابيب الغاز وشبكات المياه والكهرباء والطرق والسكك الحديدية قد دمرت أو أُضرت.

ووفقاً للصحيفة، ادعى رئيس الوزراء الأوكراني أنه ستكون هناك ثلاث مراحل للتعافي قد تحتاج معًا إلى أكثر من 750 مليار دولار من الاستثمار، ثلثها سيكون من القطاع الخاص، وبعضها من التعويضات الروسية وتجميد الأصول.

 

وتابع شميكال: ”ستكون المرحلة الأولى خطة تنفيذ فورية تبدأ بالمساعدة الإنسانية الطارئة، مثل استعادة إمدادات المياه والجسور، وإطار عمل متوسط ​​المدى من 2023 إلى 2025 لإعادة الحياة إلى المجتمعات المدمرة من خلال إعادة بناء المدارس والمستشفيات والمساكن“.

وأردف المسؤول الأوكراني، وفقاً للصحيفة البريطانية: ”وأخيراً رؤية تحديث طويلة الأجل من 2026 إلى 2032 لاقتصاد رقمي أخضر أوكراني يترك الحقبة السوفيتية في النهاية وراءه، وتعد البلاد لعضوية الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف“.

”حليف مثير للغضب“

نشرت صحيفة ”فاينانشيال تايمز“ البريطانية مقالاً للرأي جادل بأن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ”حليف مثير للغضب“ في ”الناتو“ حيث يبتز الأعضاء الآخرين، لكنه اعتبر في الوقت نفسه أن الزعيم التركي ”لا غنى عنه“.

وذكر المقال: ”لا شك في أن رجب طيب أردوغان حليف مثير للغضب. بعد إسقاط اعتراضاته الأسبوع الماضي على انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، أثار على الفور شكوكًا جديدة عندما أشار إلى أن البرلمان التركي لن يصدق على الاتفاقية، ما لم تسلم السويد 73 شخصًا تتهمهم أنقرة بالإرهاب“.

 

وقال: ”إن تسليم أي شخص إلى رحمة نظام أردوغان العدلي هو طلب صعب لأي ديموقراطية.. ومثالاً على ذلك، صلاح الدين دميرتاش، وهو كردي وسياسي معارض بارز، مسجون منذ عام 2016، على الرغم من حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بإطلاق سراحه، لكن من الواضح أن سجنه كان مجرد غطاء لغرض سياسي خفي“.

وتحت عنوان ”دميرتاش ليس الوحيد“، أضاف المقال: ”يثير سلوك أردوغان أسئلة غير مريحة للناتو. ويقول التحالف إنه يقوم على الدفاع عن الديموقراطية وحقوق الإنسان. لكن سجن المعارضين السياسيين بتهم ملفقة هو من النوع الذي يفعله بوتين. في الواقع، لطالما كان للزعماء الروس والأتراك علاقة وثيقة“.

 

وتابع: ”كما أن استعداد أردوغان لابتزاز الناتو على فنلندا والسويد يثير أيضًا شكوكًا حول الطريقة التي قد تتصرف بها تركيا في الأزمات المستقبلية. وعلى سبيل المثال، المادة الخامسة، ضمان الدفاع المتبادل في قلب التحالف الذي قد ينجم عن هجوم روسي، يعتمد على التصويت بالإجماع“.

وتحت عنوان ”ألن يكون الناتو أفضل حالاً دون تركيا؟“، ذكر المقال: ”بالطبع لا.. إن طرد تركيا، حتى لو كان ممكناً قانونياً، سيكون كارثة استراتيجية، بالنظر، على سبيل المثال، إلى البحر الأسود“.

 

وأوضح: ”البحر الأسود هو الطريق الرئيسي إلى البحر الأبيض المتوسط ​​والعالم الأوسع لكل من أوكرانيا وروسيا.. وإذا كانت الحبوب الأوكرانية ستخرج من موانئ البلاد إلى الأسواق العالمية، فسوف تمر عبر البحر الأسود، حيث تتحكم تركيا في مدخل البحر. وقد تم التأكيد على هذا الدور الحاسم من خلال احتجاز تركيا لسفينة روسية يُزعم أنها تحمل حبوبًا مسروقة من أوكرانيا“.

 

ورأى المقال: ”إذا تم طرد تركيا من الناتو وأصبحت حليفًا فعليًا لروسيا، فإن أوكرانيا ستصبح فعليًا دولة غير ساحلية وروسيا ستكون على أبواب البحر الأبيض المتوسط“.

وأضاف: ”التوازن الأمني ​​في الشرق الأوسط سيكون أيضاً معقداً بشكل خطير.. للأتراك وجود عسكري كبير داخل سوريا. على الرغم من تصادمهم مع الأمريكيين حول دور الأكراد، إلا أنهم يعارضون التحالف بين روسيا والنظام السوري. كما وفر الأتراك الملاذ لـ3.7 مليون لاجئ سوري، وهو عمل إنساني خفف الكثير من الضغط عن الاتحاد الأوروبي“.

وتابع: ”ليس هناك شك في أن أردوغان قد شوه بشكل خطير أوراق اعتماد تركيا الديموقراطية. ولكن، على عكس روسيا، لا تشكل تركيا أي تهديد أمني لبقية دول الناتو، ربما باستثناء اليونان التي تشعر بالقلق من استعراض عضلات أردوغان في بحر إيجه.. وبالنظر إلى الأهمية الساحقة لحلف الناتو لمواجهة روسيا، أصبح من الحيوي أكثر من أي وقت مضى إبقاء تركيا في صفها“.

 

وأردف: ”يمنح ضعف الاقتصاد التركي أعضاء الناتو الآخرين بعض النفوذ على أردوغان، حيث بلغ معدل التضخم في تركيا الآن حوالي 80%، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى سوء الإدارة الاقتصادية لأردوغان“.

 

واختتم المقال: ”لتجنب كارثة اقتصادية، من المرجح أن تحتاج تركيا إلى مساعدات خارجية.. هذا هو المكان الذي يمكن أن يساعد فيه حلفاؤها في الناتو. وفي مقابل المساعدة الاقتصادية، قد يتعين على تركيا اتخاذ موقف أكثر منطقية بشأن عضوية الناتو لفنلندا والسويد.. وإن كان هذا يبدو وكأنه مساومة“.