أوضحت صحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية إن خطة الصين لغزو تايوان بالقوة إذا لزم الأمر لها أسباب تاريخية وإستراتيجية وجيوسياسية أساسية، أهمها السعي لإيجاد فرصة لوضع يدها على الجزيرة وتفكيك التحالفات الأميركية في المنطقة.
وفصلت الصحيفة هذه الأسباب الخمسة، في مقال بقلم غاري داغورن، نفت في بدايته أي شرعية لحكم الصين لتايوان.
ولفتت الصحيفة إلى أن, بكين بعد أن أبدت عدم أحقيتها في حكم الجزيرة عادت لتطالب بها فجأة بعد أن نجت من الحرب الأهلية عام 1949. ويقول ستيفان كوركوف، عالم الجيولوجيا والباحث بالمركز الفرنسي لدراسات الصين المعاصرة ومقره تايبيه، إن الحزب الشيوعي الصيني يعدّ "المشكلة التايوانية" شأنا داخليا ولا يسمح بأي تدخل خارجي في هذا الإقليم الذي لم تسيطر عليه الصين قط.
وأشار إلى أن, "الوحدوية الصينية لا تهدف إلى إعادة توحيد تايوان والصين ولكن لضم دولة ذات سيادة، على أساس أمور تاريخية وعرقية ولغوية". وأكّد الباحثة ماريان بيرون دواز، من معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية، أن "الصين تدّعي السيادة على تايوان بالحديث عن إعادة التوحيد، ولكن المصطلح غير مناسب مطلقا، لأن تايوان لم تكن أبدا صينية". ولم يعد للصين الحالية في عام 2022 علاقة كبيرة بالصين الشيوعية في أواخر عام 1949، بعد أن مكّنها تطورها الاقتصادي المذهل في النصف الثاني من القرن الـ20 من تأكيد نفسها كقوة عظمى والدخول في منافسة مع الولايات المتحدة، ولكن جغرافية منطقة بحار الصين الشرقية والجنوبية وكذلك تحالفات جيرانها تحبط طموحاتها في الهيمنة. ويقول مارك جوليان، رئيس أنشطة الصين في مركز آسيا التابع للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إن: "بكين محصورة بطريقة ما في بحار الصين، ولا تتمتع بحرية الوصول إلى المحيط الهادي، لأن بينها وبينه سلسلة من الجزر التي تتسم علاقتها معها بالتوتر"، والتي لديها معاهدة دفاع مشترك مع الأميركيين وفيها قواعد جوية لهم.
وتنبه الصحيفة إلى أن, "من أهداف الضم العسكري لتايوان إضعاف الوجود الأميركي في المنطقة بشكل كبير وتأكيد الهيمنة الصينية، حيث إن تايوان نوع من القفل بالنسبة للصين على المحيط الهادي", كما يقول مارك جوليان، وضمّها سيجعل الجيش الصيني قادرا على ردع الولايات المتحدة عن التدخل في المنطقة، لأن الوصول إليها سيكون صعبا، و"عندما تصبح الولايات المتحدة غير قادرة على الدفاع عن اليابان، فإن التحالف لن يستمر".
وقد يكون ضم تايوان يتعلق بالردع النووي بخاصة المكون المحيطي, حسب الصحيفة, لأن العديد من العناصر الجغرافية تحدّ من إمكانات المناورة لغواصات الصواريخ الباليستية الصينية، بخاصة أن الشبكة الحالية بين سلسلتي الجزر تسمح بسهولة لحلفاء الولايات المتحدة برصد الغواصات الصينية التي ترغب في الوصول إلى المحيط الهادي. وأشار مارك جوليان إلى أن, "اليابانيين والأميركيين والتايوانيين يتمتعون بقدرات حربية جيدة جدا ضد الغواصات، وهم قادرون على تتبع هذا النوع من الغواصات"، وذلك يجبر الصينيين على الاعتماد على صواريخهم الباليستية "أرض-أرض" التي هي بطبيعتها أكثر عرضة للخطر من الغواصات. وإن ضم تايوان, سيخدم أهداف بكين الأخرى، مثل مطالباتها الإقليمية والبحرية العديدة، وتقول الباحثة دواز إننا "يجب أن نعيد طرح مشكلة مضيق تايوان في إطار التوسع العالمي الأكبر للقوة البحرية الصينية"، بخاصة أن السيطرة على تايوان تعني توسيع الصين منطقتها الاقتصادية الخالصة وفرض قيود على الشحن. وأخيرا، سيسمح الاستيلاء على تايوان لنظام بكين بالسيطرة على صناعة أشباه الموصلات هناك التي تمثل جزءا كبيرا من الإنتاج العالمي (63%)، وهذه المكونات ضرورية لتصنيع منتجات عالية التقنية كالهواتف والطائرات والألواح الشمسية وما إلى ذلك، وهي ضرورية للاقتصاد العالمي.