ارهاب «الحوثي» يهدد منظومة اليمن البيئية

محليات
قبل سنتين I الأخبار I محليات

لا تكتفي ميليشيات الحوثي الإرهابية بإلحاق الدمار بحاضر اليمن، وإنما تمتد آثار عدوانها المستمر منذ نحو 8 سنوات إلى مستقبله كذلك، لتجعله مُهدداً بأن يصبح من بين أكثر دول العالم معاناة، من شح المياه الصالحة للشرب، التي يتدنى نصيب المواطن اليمني منها، إلى أقل من 7.5 % من المعدل العالمي المتعارف عليه، لما يُعرف بـ «خط الفقر المائي».

ففي حين يعتبر الخبراء أن عتبة المعاناة من هذا الخط، تتمثل في حصول الفرد على ما لا يزيد عن ألف متر مكعب من المياه النقية سنوياً، لا يتجاوز نصيب اليمني سوى 74 متراً مكعباً في كل عام، وهو ما يقل بشكل كبير كذلك، عما يطلق عليه المختصون اسم «خط الندرة المائية»، الذي يعني أن الكمية السنوية المتوافرة من ماء الشرب النقي، تبلغ 500 من الأمتار المكعبة.

ورغم أن اليمن كان قد صُنِّفَ قبل سنوات، كإحدى الدول المعرضة أكثر من غيرها لخطر نفاد المياه النقية بشكل كامل، خلال عقود، فإن العدوان الحوثي المتواصل في أراضيه منذ أواخر عام 2014، يُنذر بالتعجيل بحدوث هذا السيناريو الكارثي؛ نظراً لما تسببه الاعتداءات التي تشنها العصابة الانقلابية، من أضرار جسيمة بالبيئة ومصادر الماء والغذاء، عبر الاعتداءات الصاروخية وزرع الألغام الأرضية.

فهذا النوع من الألغام يشكل أحد أخطر الأسلحة الحوثية المُدمرة للبيئة في اليمن، إذ زرعه المسلحون الانقلابيون في 18 محافظة تقريباً من محافظات البلاد البالغ عددها 23.

كما أن هذه العصابة الإجرامية، تلجأ إلى تلك الوسيلة بكثافة هائلة، إلى حد جعل من العسير على الخبراء المستقلين، إحصاء عدد الألغام التي زرعها الحوثيون على جبهات القتال أو بالقرب منها، أو حول المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

وفي تصريحات نشرها موقع «إنك ستيك ميديا» الإلكتروني، قال عاملون في منظمات مسؤولة عن نزع الألغام في بعض المناطق اليمنية، إن التقديرات المتداولة، تشير إلى أن العدد قد لا يقل عن 800 ألف لغم أرضي، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، الذي يحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد، التي تمثل الصورة الأكثر شيوعاً، للألغام التي يستخدمها الحوثيون.

وأدى زرع الكثير من هذه الألغام، في الأراضي الزراعية وحول مصادر المياه، إلى منع المزارعين اليمنيين، من الوصول إلى أراضيهم، وحرمانهم أيضاً من الانتفاع بمصادر المياه التي تمس الحاجة إليها.

وتفاقمت هذه المشكلة، بفعل الفيضانات التي ضربت بعض المحافظات اليمنية مؤخراً، وأدت إلى جرف الألغام الأرضية، ما يجعلها أكثر خطورة، بعدما أصبحت مواقعها غير معروفة، حتى لمسلحي «الحوثي» أنفسهم.

وحذر الخبراء، في تقرير نشره الموقع، من أن زرع الألغام الأرضية الحوثية في المناطق الريفية اليمنية وحول شبكات إمداد المياه، يحول دون أن تحصل هذه الأراضي على الرعاية المطلوبة أو الري اللازم، بما يُخلِّف أضراراً طويلة الأجل، سيتواصل تأثيرها، طالما لم يتم نزع تلك الألغام، التي ستحتاج عقوداً طويلة لتطهير اليمن منها.

في الوقت نفسه، أدت الفوضى التي أشاعها الانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية في صنعاء، إلى إضعاف قبضة السلطات على الكثير من المدن والبلدات والقرى، وهو ما أطلق العنان للمزارعين لحفر الآبار بمعدلات متزايدة، بما قاد إلى الإفراط في استخراج إمدادات المياه الجوفية، وأفضى في نهاية المطاف إلى تقليل احتياطياتها، وجفاف الكثير من هذه الآبار.

كما أدى انهيار شبكات الصرف الصحي جراء الهجمات العدوانية الحوثية، إلى تلويث احتياطيات المياه الجوفية، وهو ما يعني أن اعتداءات الميليشيات الانقلابية، تتضافر مع العوامل الطبيعية من قبيل التغير المناخي وغيره، في التسبب في التقلص السريع للإمدادات المائية في اليمن.  

تخريب الأراضي والآبار

يتحمل المسلحون الانقلابيون المسؤولية المباشرة، عن تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وموارد المياه في عدد كبير من المحافظات المنكوبة بسيطرتهم عليها. ونقل «إنك ستيك ميديا» عن مزارعين في هذه المناطق قولهم، إن العصابة الحوثية، استهدفت بشكل مباشر آباراً للمياه في أراضيهم، واستولوا على جانب كبير منها، إما للانتفاع بها، أو لاستخدامها لأغراضهم التخريبية.

وأشار التقرير إلى أن الأضرار الفورية التي تُحدثها اعتداءات الحوثيين للبيئة في اليمن، والتي تتمثل في تخريب الأراضي والآبار، لا تُقارن بالتدمير طويل المدى، الذي يلحق بالمنظومة البيئية في البلاد، إذ أن تعطل أنظمة الري، يجعل الأرض بمرور الوقت، جرداء جافة وغير صالحة للزراعة، فضلاً عن التأثيرات الضارة المستدامة التي تسببها الذخائر المتفجرة للهواء والتربة ومصادر المياه.