أشار بهنام بن طالبلو وسعيد قاسمي نجاد من مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات إلى فيديو مسرب يقول فيه رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني-إيجئي إن "هؤلاء الرجال لم يناموا طوال ليالٍ".
بعكس احتجاجات الثورة الخضراء سنة 2009، لم يرتبط النشاط الاحتجاجي الإيراني المتصاعد خلال العقد الأخير بأي فصيل أو عنصر من النظام وقد تجلى ذلك في الشعارات التي ترددت خلال الاحتجاجات مثل "إصلاحيون، متشددون، الخداع قد كشف!"
كان محسني-إيجئي يتحدث عن القوى الأمنية التي فشلت في إنهاء التظاهرات التي تخض البلاد. وفي تسجيل آخر، يظهر قائد قوى إنفاذ القانون في إيران العميد حسين أشتري وهو يحاول رفع معنويات ضباطه عبر القول إنه يجب "ألا يساورهم أدنى شك" في المهمة التي تنتظرهم. وكتب بن طالبلو ونجاد في "ناشونال إنترست" أن الأنباء تحدثت عن مقتل 133 إيرانياً واعتقال أكثر من 3 آلاف خلال الاحتجاجات التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد. لكن التظاهرات تتواصل.
من الإصلاح إلى الثورة بعكس احتجاجات الثورة الخضراء سنة 2009، لم يرتبط النشاط الاحتجاجي الإيراني المتصاعد خلال العقد الأخير بأي فصيل أو عنصر من النظام وقد تجلى ذلك في الشعارات التي ترددت خلال الاحتجاجات مثل "إصلاحيون، متشددون، الخداع قد كشف!". عوضاً عن ذلك، بنيت هذه الاحتججات على التطور الحرج للتظاهرات والإضرابات العمالية منذ سنة 2009 بعيداً من الإصلاح وباتجاه الثورة. إن نجاح الحراك الاحتجاجي في إيران أو حتى تآكل النظام قد يترك تداعيات عميقة لصالح الاستقرار في المنطقة ويساهم في مزية أمريكا الاستراتيجية إذا تم دعمها بشكل صحيح وبعناية. واقترح بن طالبلو وقاسمي نجاد على الإدارة خطة من عشر نقاط لدعم التظاهرات. حماقة محضة أولاً، على إدارة بايدن الابتعاد عن المفاوضات النووية مع طهران والمتمحورة حول إعادة إحياء الاتفاق النووي. طالما أن الأخير يبقى على الطاولة، تدرك طهران أن الضغط الدولي سيتلاشى في نهاية المطاف. إن اتفاقاً نووياً يمنع طهران بشكل كامل ودائم من سلوك مسار يؤدي إلى السلاح النووي هو في أفضل أحواله صفقة شيطانية بالنسبة إلى الأمن القومي الأمريكي. لكن الحصول على ذلك الاتفاق الذي سيوفر للنظام الإيراني مكاسب مالية مقدرة بتريليون دولار بحلول 2030 هو حماقة محضة.
إن تمكين تدفق هذا التمويل مقابل تنازلات محدودة وقابلة للرجوع عنها على مستوى بعض عناصر البنية التحتية النووية الإيرانية سيمول الجهاز القمعي الذي قتل مهسا أميني ومواطنيها المحتجين. وسيسمح لطهران بدعم فيلقها الأجنبي وبالتالي إراقة الدماء أكثر في إيران وعلى امتداد الشرق الأوسط. عزل إيران وتأسيس هيئة تحقيق ثانياً، تابع الكاتبان، على واشنطن التحرك سياسياً لعزل إيران وطردها من المنظمات الدولية بالتزامن مع فرض ضغط على الحلفاء لقطع أو خفض علاقاتهم الديبلوماسية مع إيران. إن السلسلة الحديثة من المساعي والبيانات من قبل حلفاء الولايات المتحدة مرحب بها لكن يمكن فعل المزيد. ما من سبب يسمح بإبقاء إيران عضواً في لجنة وضع المرأة التابعة للأمم المتحدة بعد القتل الوحشي لمهسا أميني والعديد من الشابات الشجاعات الأخريات. إضافة إلى ذلك، بإمكان واشنطن العمل مع الشركاء لدعم تأسيس هيئة تحقيق "من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الجرائم الأكثر خطورة بموجب القانون الدولي والتي ارتكبتها السلطات الإيرانية". وهذا ما أوصى به الأمين العام لمنظمة العفو الدولية. يجب تشجيع الحكومات الوطنية التي تملك أدلة على انتهاكات حقوقية كي تتقدم بالمعلومات إلى هيئة كهذه بهدف تطوير إجماع دولي أساسي حول الشكل الذي يجب أن تبدو عليه محاسبة منتهكي حقوق الإنسان في إيران. حملة تصنيف شاملة ثالثاً، بعد تصنيفها الأخير لشرطة الأخلاق وبعض القادة العسكريين بسبب تمكينهم النظام من قمع المتظاهرين، على إدارة بايدن الشروع في حملة تصنيف شاملة. تهدف هذه الإجراءات إلى فضح ومعاقبة مضطهدي الشعب الإيراني وبإمكانها استهداف لجان الأمن وقوى إنفاذ القانون والبسيج وحتى الحرس الثوري على مستويات إقليمية ومحلية. في أماكن أخرى، يمكن توسيع نطاق الإجراءات لاستكشاف إمكانية تطبيق العقوبات على السياسيين والمسؤولين الداعمين للقمع إقليمياً ومحلياً. يمكن تحديد معظم اللوم من خلال المصادر المفتوحة.
بالإمكان أن تستهدف العقوبات المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس ابراهيم رئيسي المصنفين أساساً على القائمة السوداء لوزارة الخزانة لكن ليس بسبب اعتداءات متصلة بحقوق الإنسان. ويمكن أيضاً توسيع العقوبات لتشمل ركائز أخرى للنظام حيث قد تبرز علاقة مالية أو مؤسسية لدعم جهاز القمع. على سبيل المثال، إن وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إيران غير معاقب بالرغم من تورط وزارته في فرض القيود أو قطع الإنترنت خلال التظاهرات. لكن في 2019، تمت معاقبة سلفه لأنه قام بهذا الأمر بالضبط.
وعلى الإدارة أيضاً التحقيق في مدى تطبيق العقوبات ضد شركات اتصالات محددة وقياداتها الهيكلية، أكانت شركات تابعة للحكومة أو "شركات ناشئة" مدعومة منها. على واشنطن تقاسم معلومات الاستهداف هذه حول تلك الكيانات مع شركائها الدوليين الذين يملكون أو يطورون سلطات عقابية مستقلة. يمكن عندها توسيع حملة التصنيف والمحاسبة الشاملة لكي تصبح متعددة الأطراف ضد الحرس الثوري وقوى إنفاذ القانون ومسؤولي النظام والملتفين على العقوبات وفارضي الرقابة وآخرين يساعدون آلة قمع النظام.
إن عقوبات كندا الحديثة المفروضة على شرطة الأخلاق الإيرانية هي مثل جيد لكن يجب توسيعها لتشمل حلفاء أمريكا على الضفة الأخرى من الأطلسي. وبالعكس، حين يكون هنالك حالات لكيانات خاضعة للعقوبات الأوروبية لا الأمريكية، سيكون على واشنطن التحرك سريعاً لتجسير الفجوة العابرة للأطلسي.
حظر التأشيرات وسحبها رابعاً، وبناء على حملة التصنيفات الجماعية، ينبغي على الإدارة استخدام صلاحيات وزارة الخارجية بموجب قانون تخصيصات 2021 لمنع منتهكي حقوق الإنسان في إيران وعائلاتهم من دخول الأراضي الأمريكية. بعد ذلك، بإمكان واشنطن بدء حوار مع شركائها الدوليين حيث نجحت في تقاسم معلومات الاستهداف كي تدفعهم إلى دراسة منع الأشخاص أنفسهم من الحصول على التأشيرات. وبإمكان الإدارة أو الكونغرس الاستفسار ضمن النطاق الكامل للقانون عن إلغاء التأشيرات لعائلات أعضاء النظام الموجودة في الولايات المتحدة. لتدخل الكونغرس أيضاً خامساً، يقترح الباحثان على بايدن ضرورة العمل على زيادة الدعم الخطابي للمتظاهرين الإيرانيين من أجل إبقاء قمع النظام تحت الأضواء. بالاعتماد على القواعد التي استخدمها سلفه خلال تظاهرات 2018 و 2019، بإمكان بايدن وغيره من كبار المسؤولين احتضان الإعلام التقليدي والاجتماعي لتكبير دعمهم للشعب الإيراني وتذكير المتظاهرين بأن واشنطن تقف إلى جانبهم. كلما ذكر المسؤولون الأمريكيون أسماء ضحايا نظام القمع، أدرك الشعب الإيراني أكثر أن محنته لن تذهب طي النسيان.
في الوقت نفسه، بإمكان أعضاء الكونغرس، وينبغي عليهم، مواصلة توجيه سلسلة الرسائل والتغريدات والقرارات والبيانات الداعمة للشعب الإيراني مع الاستمرار في السعي إلى توضيح أو تحسين السياسة الأمريكية. جلسات الاستماع إلى سياسة الإدارة على مستوى حقوق الإنسان في إيران يمكن أن تساعد إلى جانب إجراءات أخرى. مساران للمساعدة العنكبوتية سادساً، على الإدارة دعم جهود توفير إمكانية الإيرانيين بالوصول إلى الإنترنت غير المقيد عبر الأقمار الاصطناعية. مع ازدياد اعتماد الإيرانيين على الإنترنت لتنظيم التظاهرات ونشر فظائع النظام إلى العالم الخارجي، طور المسؤولون الإيرانيون قدراتهم السيبيرانية لخنق الإنترنت وتعتيمه. مع ورود تقارير عن استخدام 80% من الإيرانيين شبكات افتراضية خاصة وتقنيات مكافحة الفلترة قبل بدء التظاهرات، أصبحت التدابير المتخذة لضمان الاتصال ركيزة أساسية.
التقارير عن سعي إيلون ماسك إلى توفير خدمة ستارلينك للإيرانيين أخبار مرحب بها. من أجل تكثيف إنتاج محطات طرفية لستارلينك يجب تأسيس صندوق إنترنت مجاني للإيرانيين برعاية عامة وخاصة من أجل تقديم دعم مالي لصالح ستارلينك لتطوير برنامج استحواذ خاص بإيران. يمكن واشنطن بعد ذلك تأسيس فرقة عمل مشتركة بين الوكالات للإشراف على عملية ضمان حصول الإيرانيين على الأجهزة الضرورية كي تصبح ستارلينك عملانية واستدامة تحويل هذه الأجهزة إلى إيران بمرور الوقت. في الوقت نفسه، بإمكان فرقة العمل المكلفة من الحكومة الأمريكية المساعدة في تحديد المعلومات المضللة وجهود القرصنة التي يقودها النظام وقراصنته لتضليل الإيرانيين حول الوضع العملاني الراهن لستارلينك. خطوة شبيهة بما حصل في الحرب الباردة سابعاً، إن الجولة الأخيرة من تصنيف وزارة الخزانة ضد شبكات طهران لتهريب النفط والبتروكيميائيات ترفع الآمال في أن واشنطن قد تتحرك بالحد الأدنى نحو إنفاذ أكبر للعقوبات التي ورثتها قبل أن تسمح بتلاشيها مؤخراً. منذ مايو (أيار)، أصدرت وزارة الخزانة هذه العقوبات ضد الشبكات الداعمة بشكل غير شرعي لمنتجي النفط الإيراني ومموليه وشاحنيه بوتيرة حزمة واحدة من العقوبات شهرياً.
بينما كانت هذه الإجراءات غير كافية لانتزاع تنازلات نووية إيرانية أو تحفيز تغيير في سلوك النظام يبقى التركيز الأكبر على صادرات إيران البتروكيميائية أساسي لأهميته بالنسبة إلى النظام. يمكن للأموال التي تولدها تلك المبيعات ألا تمول صندوق الإنترنت الحر وحسب بل أن تدعم أيضاً صندوقاً للتظاهرات والإضرابات شبيه بما حصل مع حركة التضامن البولندية خلال الحرب الباردة. قوة الهجوم ثامناً، يملك الأمريكيون والعديد من شركائهم الدوليين إمكانات سيبيرانية بارزة يمكن استخدامها لدعم المتظاهرين. إضافة إلى استهداف أنظمة الإمرة والقيادة في طهران من الخارج، بإمكان واشنطن مساعدة المتظاهرين في جهودهم للانتقال من قوة الشارع إلى قوة الهجوم. حالياً، يواجه المتظاهرون تحديات في استدامة تحرك الكماشة ضد النظام. الإضرابات العمالية مستمرة في المؤسسات التعليمية على امتداد إيران لكنها تنتقل ببطء إلى قطاع الخدمات. يهدد العمال في قطاعات استراتيجية مثل قطاع الطاقة بتنفيذ إضرابات. كانت الإضرابات النفطية عاملاً أساسياً ضاعف قوة الشارع في تظاهرات 1978 و1979 التي أطاحت بالنظام الملكي البهلوي في إيران. معلومات مهمة تاسعاً، مع مكافحة المتظاهرين آلة قمع مجهزة بشكل جيد، من المرجح أن يملك الأمريكيون وحلفاؤهم معلومات من خلال الصور والإشارات يمكن مشاركتها مع المتظاهرين عبر المعارضة الإيرانية. بالتحديد، يمكن مشاركة المعلومات عن مواقع البسيج والحرس الثوري وقوى إنفاذ القانون ستكون مفيدة للمتظاهرين الإيرانيين.
لم يحجب عينيه عن الإقليم عاشراً، لا يزال النظام الإيراني يتطلع إلى الخارج لنشر قوته مع مواصلة القمع الداخلي. للمرة الثالثة منذ انطلاق التظاهرات في سبتمبر (أيلول)، هاجمت إيران مواقع كردية شمالي العراق. لكن بعكس اليومين الأولين من الهجمات، صعد الحرس الثوري هجومه ليطلق 73 صاروخاً بالستياً ضد مواقع عدة في كردستان العراق فقتل 13 شخصاً وفقاً للأنباء، من بينهم مواطن أمريكي. لم تتلق طهران لغاية اليوم سوى إدانة واشنطن.
بالرغم من الاضطراب الداخلي، لم تحجب طهران عينيها عن حروب الوكالة في الشرق الأوسط، ويجب على واشنطن فعل الأمر عينه. فإضافة إلى الحاجة لمكافحة انتشار الأسلحة الإيرانية وتمويل طهران للإرهاب، إن ضغطاً حركياً ضد إيران ووكلائها يمكن أن يؤدي إلى عوامل متزامنة وحتى معززة للضغوط الداخلية والخارجية على النظام. مع الوقت، قد يساعد ذلك في إثارة أو توسيع التفسخات في المؤسسة الأمنية بما أنها ستضطر للدخول في نقاش حول الأولويات وإعادة تخصيص التمويل والوقت والتركيز السياسي وموارد أخرى لكل تحد.
وأكد الكاتبان ختاماً أن الشعب الإيراني سيبقى ممسكاً بمصيره وهو يستحق المزيد من الدعم بعد ثلاثة أسابيع من الاحتجاجات. كما أوضحا أن هذه الاستراتيجية تمنح واشنطن طريقاً للابتعاد عن الهامش وإظهار أنها تقف إلى جانب الإيرانيين بالممارسة لا بالمبدأ وحسب، وبطريقة متناسقة مع مصالح الأمن القومي الأمريكي.