مع اقترب فصل الشتاء تزيد حدة الضغوط التي تعيشها بلدان أوروبا، على خلفية تصاعد التململ الشعبي من تفاقم تبعات الحرب الأوكرانية عليها لا سيما الاقتصادية منها، حيث تسجل معدلات تضخم مرتفعة مع شح في مصادر الطاقة وخاصة الغاز، مما يدفع بتلك الاقتصادات نحو الركود
ومن أكثر الاقتصادات المتضررة في أوروبا من جراء الأزمة العالمية بفعل حرب أوكرانيا، وما خلفته من عقوبات متبادلة ما بين الغرب وروسيا، الاقتصاد الألماني، الذي يعد الأكبر على مستوى القارة.
غضب غير مسبوق
في أحدث مؤشرات تزايد الضيق الشعبي في ألمانيا تجمع عشرات الآلاف من المحتجين في 6 مدن، يوم السبت الماضي، للمطالبة بالمزيد من العدالة في توزيع المخصصات الحكومية للتعامل مع ارتفاع أسعار الطاقة وتكاليف المعيشة، وبالتحول سريعا نحو وقف الاعتماد على استخدام الوقود الحفري.
ونظم المحتجون مسيرات حاشدة في برلين ودوسلدورف وهانوفر وشتوتغارت ودريسدن وفرانكفورت، رافعين لافتات تحمل مطالبات بخفض التضخم وإيقاف محطات الطاقة النووية وزيادة دعم أسعار الطاقة للفقراء.
ماذا يحدث؟
يقول الباحث والخبير في الشأن الألماني والأوروبي ماهر الحمداني، إن التظاهرات التي عمت عددا من مدن ألمانيا نظمتها أساسا القوى اليسارية في البلاد، التي تنادي بالعدالة الاجتماعية وخفض التضخم ودعم الفقراء وفرض المزيد من الضرائب على الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال.
ويضيف الحمداني في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "الدراسات والبيانات تشير إلى أن عدد الألمان ممن هم بمستوى خط الفقر ودونه حتى، قد ازداد بصورة كبيرة خلال العامين الماضيين، وعلى وجه الخصوص خلال الأشهر الأخيرة على وقع تداعيات الحرب الأوكرانية وتبعاتها الاقتصادية المدمرة على أوروبا عامة وألمانيا خاصة".
ويرى أن "ما تعكسه هذه المظاهرات هو أن ثمة غليانا شعبيا متصاعدا في ألمانيا، وإن لم يظهر بعد بشكل ملموس وواسع في الشارع فإن استطلاعات الرأي العام تكشفه بوضوح. الألمان بطبيعتهم، وعلى عكس الفرنسيين مثلا الذين يخرجون للتظاهر بالشوارع بسرعة، لا يميلون للاحتجاجات العلنية، ويمكن تلمس توجهاتهم عبر طرق أخرى من خلال استطلاعات الرأي مثلا".
ويضيف الحمداني: "الألمان في مقدمة الشعوب الأوروبية التي تعارض فرض المزيد من العقوبات على روسيا، باعتبار أن أول من أضرت به هذه العقوبات الاقتصاد الألماني، الذي يعيش وفق مختلف الخبراء وحسب اللجنة الاقتصادية في البرلمان مرحلة تباطؤ مقلق، وسيشهد مع مطلع عام 2023 أزمات كبرى ليس أبرزها الركود رغم خطورته طبعا".