لعقود من الزمان، بدا، الأمير هاينريش الثالث عشر، رجلا غريب الأطوار في نظر الكثير من الألمان، دون أن يخطر ببالهم أنه سوف يتزعم "مؤامرة" للإطاحة بالنظام الديمقراطي في بلادهم، وتأسيس نظام جديد بالتعاون مع حركة يمينية متطرفة تدعى "مواطنو الرايخ".
وبحسب صحيفة "التايمز" فإن هاينريش الثالث عشر كان شديد الاعتزاز بـ"الماضي المجيد" لسلالته التي حكمت يوما جزءا كبيرا مما يعرف الآن باسم ولاية تورينغن، شرقي ألمانيا. ونظرًا لتركيزه على الماضي الغابر لسلالته، فقد أعاد ذلك الأمير غريب الأطوار تمثيل معركة من "حرب الثلاثين عامًا"، والتي كانت عبارة عن سلسلة صراعات دامية مزقت أوروبا بين عامي 1618 و 1648 م. ووقعت معارك تلك الحر ب في بداية الأمر في أراضي أوروبا الوسطى، ولكن اشتركت فيها تباعا معظم القوى الأوروبية الموجودة في ذاك العصر، فيما عدا إنكلترا وروسيا.
كما ضغط هاينريش على السلطات المحلية في، بلدة غيرا، في ولاية تورينغن لفتح إحدى مقابر أسلافه التي تعود إلى القرن السادس عشر أمام الجمهور. وفي الأسبوع الماضي، كان قد جرى القبض على هاينريش الثالث عشر (71 عامًا) بعد اتهامه بأنه كان في قلب مؤامرة يمينية متطرفة لإسقاط الحكومة وتنصيبه على رأس نظام انتقالي، بدعم روسي، وهو الأمر الذي نفته موسكو. وبحسب التحقيقات فإن هاينريش الذي كان يعد من رجال الأعمال الناجحين، قد خطط للانقلاب مع ضباط وجنود سابقين وحاليين بالتعاون منظمة "مواطنو الرايخ"، بعد أن جمعتهم مجموعة أفكار تفيد بأن النظام الديمقراطي في ألمانيا "هو أمر غير شرعي فرضه الحلفاء المنتصرون" على بلادهم عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. ولكن بعض المراقبين يرون أن انخراط ذلك الثري في تلك المؤامرة قد جاء بعد فشله في استعادة العقارات السابقة لسلالته الملكية، والتي جرى الاستيلاء عليها أثناء فترة الحكم الشيوعي لشرق ألمانيا.
وقد سعى هاينريش الثالث عشر منذ انهيار الشيوعية في تسعينيات القرن الماضي إلى استعادة تلك الممتلكات، ومن ضمنها أكثر من 25 ألف فدان من الأراضي في ولاية تورينغن بالإضافة إلى مجموعات من كبيرة من العقارات والتذكارات.
ونأى المتحدث باسم عائلة رويس، هاينريش الرابع عشر، بنفسه وبشكل قاطع عن "مؤامرة الانقلاب"، قائلا في تصريحات لصحيفة "التايمز" إن "قريبه كان مرهقا من الناحيتين النفسية والمالية". وأضاف: "لا أعتقد أنه كان يواجه صعوبات مالية، لكن كان عليه أن يبيع بعض أراضي الغابات التي يملكها، لأنني أفترض أن تكاليف المعارك القضائية التي قد خاضها بلغت الملايين". وزاد: "من الواضح أنه ارتكب خطأ فادحا بعدم إدراكه قبل خمس سنوات أنه لا يمكن الفوز في تلك القضايا.. ومع ذلك استمر في المحاولة حتى لو أدى ذلك إلى خسارات فادحة أوقعته في خراب مالي".
وينتمي هاينريش الثالث عشر، الأصغر بين أربعة أشقاء، إلى فرع صغير من سلالة رويس، وتستند مطالبته إلى ممتلكاتها السابقة على أحداث تمتد من لندن إلى موسكو. "الوريث الشرعي"
عام 1945، توفي آخر عمداء الأسرة الملكية، هاينريش الخامس والأربعين، وهنا تجدر الإشارة إلى أن كل ذكر في عائلة رويس يحظى بلقب "هاينريش" مع إعادة الترقيم في نهاية كل قرن. وقد جادل هاينريش الثالث عشر في المحكمة بأنه الوريث الشرعي لجده هاينريش الخامس والأربعين الذي كان قد تبنى والده. وزعم "متزعم المؤامرة الانقلابية" أن مصادر ممتلكات العائلة كانت غير قانونية لأن هاينريش الخامس والأربعين كان يحمل الجنسية البريطانية. وفي العام 2014، وبعد عدة زيارات لموسكو، حصل هانيريش على رسالة أكدت فيها الحكومة الروسية أنه لم تتم مصادرة ممتلكات هاينريش الخامس والأربعين وأنه كان في الواقع تحت حماية الاتحاد السوفياتي. وبحسب هاينريش الرابع عشر، فإن قريبه قد حقق نجاحًا محدودًا للغاية، فقد استعاد بعض الأعمال الفنية التي كانت تملكها العائلة قبل أن يبيعها عبر دار كريستيز للمزادات. وقد استغل هاينريش الثالث عشر عائدات تلك الأعمال لإعادة شراء واستعادة نزل الصيد القديم لسلالة ريوس في مدينة باد لوبينشتاين، والذي تقول سلطات إنفاذ القانون أنه كان بمثابة مقر لـ"المتآمرين الانقلابيين". من جانبه أوضح، أكسل هيمرلنغ، الصحفي الألماني الذي حقق في الشؤون المالية لهاينريش الثالث عشر أن ذلك "الأرستقراطي كان يحاول على ما يبدو الحفاظ على أسلوب حياة يفوق إمكانياته". وأضاف: "كان دائمًا يوقع نفسه تفاهات غير مدروسة على أمل استعادة الماضي التليد.. لقد أراد أن يكون نبيلًا مرة أخرى". تجدر الإشارة إلى أن هاينريش الثالث عشر لا يزال رهن الاحتجاز، ولا يمكن لوسائل الإعلام التحدث إليه، كما أن فريق دفاعه لم يصدر أي بيان بشأن الاتهامات الموجهة ضده حتى الآن.