نشر البنك الدولي عبر موقعه الإلكتروني مؤشرات، ضمن إطار حصاد العام 2022، تشير إلى أن العام الجاري اتسم بعدم اليقين، معتبراً أن الزيادة في عدد الكوارث الطبيعية وشدتها تبين على نحو جلي الآثار الاجتماعية والاقتصادية لتغير المناخ.
وقال البنك، في تقرير لشهر كانون الأول، إن خسائر التعليم والتضخم العالمي وتعطل سلاسل الإمداد، وغيرها من التحديات العالمية، تؤكد أن الدول لا تزال تعاني من تداعيات وآثار جائحة كورونا. إضافة إلى ذلك، واجهت التنمية العالمية أزمة مع حدوث تعاف اقتصادي غير مستقر ومتفاوت خلال عام 2022، وساهم تباطؤ النمو في انتكاسة التقدم المحرز على صعيد الأجندة العالمية لخفض الفقر، فضلا عن زيادة الديون العالمية.
وساعدت الجهود العالمية للتطعيم البلدان على بدء الخروج من كورونا، وأعادت ملايين الأطفال إلى الفصول الدراسية، لكن الآثار الدائمة الناجمة عن خسائر التعلم في الآونة الأخيرة يمكن أن تلقي بظلالها لسنوات.
وارتفع تضخم أسعار الغذاء وزاد انعدام الأمن الغذائي كثيرا على مدار العام، وتفاقم ذلك بسبب تغير المناخ والغزو الروسي لأوكرانيا ما أسهم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة. تباطؤ معدلات النمو
ويشهد الاقتصاد العالمي الآن أشدّ معدلات التباطؤ في أعقاب تعاف ما بعد الركود منذ عام 1970. وتشهد أكبر 3 اقتصادات في العالم، وهي الولايات المتحدة الأميركية والصين ومنطقة اليورو، تباطؤا حادا للنمو. وفي ظل هذه الظروف، فإن مجرد وقوع صدمة خفيفة للاقتصاد العالمي خلال العام المقبل قد تهوي به إلى الركود. الفقر خلال 2022
شكلت جائحة كورونا أكبر انتكاسة لجهود الحد من الفقر في العالم منذ عقود، وكان التعافي متفاوتا إلى حد كبير، وبنهاية العام 2022 يمكن أن يصل إلى 685 مليون شخص في فقر مدقع، مما يجعل عام 2022 ثاني أسوأ عام على مستوى جهود الحد من الفقر في العقدين الماضيين، (بعد عام 2020).
ويلفت البنك الدولي إلى أنه بالإضافة إلى الآثار التي لا تزال مستمرة لجائحة كورونا، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة لا سيما بسبب الصدمات المناخية والصراعات مثل الحرب في أوكرانيا، أعاق تحقيق التعافي السريع. وبحسب التقرير، فإنه من المتوقع الآن أن 7 في المئة من سكان العالم، نحو 574 مليون نسمة، سيظلون يعانون من الفقر المدقع في عام 2030، وهذه النسبة كبيرة للغاية مقارنة بالهدف العالمي البالغ 3 في المئة. المديونية العالمية
وارتفعت مستويات الديون العامة للبلدان النامية على مدى العقد الماضي، فنحو 60 في المئة من أشد بلدان العالم فقرا إما في حالة مديونية حرجة أو معرضة لمخاطر ذلك.
وبنهاية عام 2021، بلغت نسبة الدين العام المستحقة للدائنين من القطاع الخاص 61 في المئة من الدين العام والمضمون من قبل الحكومة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وذلك وفقا لتقرير الديون الدولية لعام 2022. مواصلة التصدي لكورونا
مجموعة البنك الدولي هي أكبر ممول منفرد لجهود الاستجابة الصحية للتصدي لجائحة كورونا على الصعيد العالمي، فارتبطت بتقديم أكثر من 14 مليار دولار في أكثر من 100 بلد، وتضمن ذلك أكثر من 30 بلدا تأثرت بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف. وأنفقت 10 مليارات دولار على الاستجابة للقاحات جائحة كورونا، في 78 بلدا، ويتضمن ذلك تمويل 633,5 مليون جرعة لقاح. أسعار الغذاء وانعدام الأمن الغذائي
وشهد عام 2022 ارتفاعاً حاداً في انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم. واستجابة لهذا الوضع، أتاحت مجموعة البنك الدولي 30 مليار دولار للتصدي لانعدام الأمن الغذائي على مدى 15 شهراً. والبنك الدولي هو أحد الممولين الرئيسيين لأنظمة الغذاء. في السنة المالية 2022، كانت هناك ارتباطات جديدة بقيمة 9,6 مليارات دولار من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، المؤسسة الدولية للتنمية لقطاع الزراعة والقطاعات المرتبطة بها. زيادة الاستثمارات في الأنشطة المناخية
مع شروع البلدان في تصور عالم ما بعد جائحة كورونا في عام 2022، تفاقمت الآثار المناخية، فقد أودت الفيضانات الشديدة في باكستان بحياة مئات الأشخاص وأدت إلى تشرد الملايين، وأثرت موجات الجفاف في الصين ومنطقة القرن الأفريقي على الملايين، وشهدت أوروبا موجات حر شديدة وأسوأ موجة جفاف منذ 500 عام. الطاقة خلال العام 2022
وشهد النصف الأول من عام 2022 واحدة من أكبر الصدمات التي شهدها العالم في أسواق الطاقة العالمية منذ عقود، حيث زادت أسعار الطاقة زيادة كبيرة، مما أدى إلى تفاقم نقص الطاقة والمخاوف المتعلقة بأمن الطاقة، وزيادة التباطؤ في حصول الجميع على مصادر طاقة حديثة ميسورة التكلفة وموثوقة ومستدامة بحلول عام 2030.
وعلى الصعيد العالمي لا يزال هناك 733 مليون شخص لا يحصلون على الكهرباء وبالأسعار الحالية سيظل 670 مليون شخص محرومين من الكهرباء في عام 2030، أي ما يزيد عن 10 ملايين شخص عن العدد المتوقع في العام الماضي، وفق أرقام البنك الدولي. وزاد البنك الدولي عمله لتوصيل الكهرباء أو تحسينها لنحو 77 مليون نسمة، حيث ضاعف تمويله السنوي للحصول على الطاقة ليصل إلى أكثر من مليار دولار في 2019-2022. التصدي لأزمة التعلم
قبل تفشي كورونا، كان العالم يواجه أزمة في التعلم واكتساب المهارات. وأدت الجائحة إلى تعميق هذه الأزمة، حيث أدى إغلاق المدارس لفترة طويلة إلى خسائر هائلة في التعلم. وتشير التقديرات إلى أن معدل فقر التعلم في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ربما ارتفع إلى 70 في المئة في عام 2022، وهو ما يعني فعليا أن جميع المكاسب التي تحققت على مستوى خفض فقر التعلم منذ عام 2000 قد فُقدت على الأرجح. ويقول البنك الدولي إنه من بين كل 100 طفل في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، هناك:
- 10 محرومون من التعليم.
- 47 شخصا كانوا محرومين من التعلم قبل جائحة كورونا، وارتفع هذا العدد إلى 60 منذ تفشي جائحة كورونا. واليوم، لا يزال نحو 30 طفلا فقط خارج دائرة فقر التعلم في جميع أنحاء العالم.