حيرت قصة جزيرة جيليو الإيطالية الأطباء والباحثين بسبب عدم إصابة سكانها البالغ عددهم 800 نسمة، بفيروس كورونا المستجد رغم اختلاطهم مع الآخرين، الأمر الذي أثار أسئلة كثيرة.
وأفادت وكالة "أسوشيتد برس"، في تقرير نشرته اليوم الأحد، بأن الجزيرة، التابعة لإقليم توسكانا، سجلت فيها خلال شهري فبراير ومارس عدة إصابات بفيروس كورونا كانت جميعها لدى قادمين من الخارج، لكن بعد ذلك لم يتم رصد أي حالات جديدة بما في ذلك بعد رفع إجراءات العزل والإغلاق في أوائل يونيو وعودة السياح من كل أنحاء إيطاليا.
وتحدثت الوكالة عن الباحثة في مجال السرطان، باولا موتي، التي تقطعت بها السبل في الجزيرة الصغيرة، وتصاعد قلقها بعدما تناهى إلى سمعها تسجيل إصابات بفيروس كورونا بين زوار الجزيرة.
وتأهبت موتي لمواجهة تفش سريع لفيروس كورونا بين سكان الجزيرة الذين يعرف ارتباطهم بصلات وثيقة مع بعضهم بعضا، لكن الأيام مرت ولم تظهر أعراض على الأهالي المحليين ولم تسجل إصابات بينهم، على الرغم من أن الظروف بدت ملائمة لانتشار المرض بسرعة اندلاع حرائق الغابات.
وعادة ما تزور باولا منزل عائلتها في جيليو لتستمتع بإطلالة ساحرة على البحر من نوافذ صالة الاستقبال، لكن فرصة الاستراحة جعلتها محاصرة في الجزيرة بسبب إجراءات الإغلاق التي فرضتها الحكومة لمواجهة تفشي الفيروس.
وبعدما رأت الباحثة عدم وجود إصابات في الجزيرة، كما هو الحال في بقية الأراضي الإيطالية، قررت معرفة السبب، لأنه بالنسبة لها أمر محير، وشاركها في الحيرة، الطبيب الوحيد في الجزيرة منذ 40 عاما، أرماندو سكيافينو، الذي كان أيضا في البداية قلقا من احتمال انتشار المرض.
وقال سكيافينو، في مقابلة مع "أسوشيتد برس"، إنه في كل مرة يتفشى فيها مرض عادي للأطفال مثل الحصبة أو الحمى القرمزية أو غيرها كان الجميع يصابون بالعدوى خلال أيام قليلة.
وكان هذا الأمر حافزا للباحثة الإيطالية لمعرفة السبب: "هل هو وراثة؟ هل هو شيء آخر؟ أم أنه مجرد حظ؟".
وصرحت موتي: "جاء الدكتور شيافينو إلي، وقال، انظري باولا. هذا أمر لا يصدق، فمع حالة الوباء الكاملة، ومع كل الحالات التي وصلت الجزيرة. لم يصب أحد من سكان الجزيرة بفيروس كورونا".
وفي أواخر أبريل الماضي، قبيل التخفيف الجزئي لقيود الإغلاق والحركة، أجرى سكان الجزيرة فحص الدم، وتطوع 723 من إجمالي السكان البالغ عددهم 800 لإجراء الاختبار، وقال أحدهم: "كلنا نريد أن نخضع للاختبار، ونساعد العلم".
وذكرت موتي أن من بين سكان الجزيرة الذين تم اختبارهم، كان هناك شخص واحد يتمتع بأجسام مضادة، وهو مسن أبحر في نفس العبارة إلى الجزيرة مع زائر ألماني مصاب بالفيروس.
ولم تصل الباحثة إلى أي تفسير قاطع وراء عدم تفشي الفيروس بين سكان جيليو حتى الوقت الذي كانت تستعد لمغادرة الجزيرة في يوليو الجاري، وتخطط لاستكمال دراستها في وقت لاحق، وقالت إنه من الممكن أن السكان لم يتعرضوا بما فيه الكفاية لفيروس كورونا.
الاعتقاد نفسه أعرب عنه رئيس قسم الأمراض المعدية في أحد مستشفيات روما، ماسيمو أندريوني، مشيرا إلى أن بعض المرضى أقل قدرة على نقل المرض من غيرهم، لأسباب لا تزال مجهولة.
أما أستاذ علم المناعة في إمبرايال كوليدج، دانيال إلتمان، فرأى أن الأمر ربما يكون أبسط من ذلك بكثير، مرجحا أن القصة كلها "مجرد حظ".