قتل أكثر من 2300 شخص في جنوب تركيا وسوريا المجاورة حيث ضرب زلزال هو الأعنف منذ نحو قرن بلغت قوته 7,8 درجات، تلاه بعد ساعات قليلة زلزال آخر بلغت قوته 7,5 درجات، وقد شعر بهما سكان عدد من الدول المجاورة.
ويتوقّع أن ترتفع هذه الحصيلة غير النهائية، إذ لا يزال عدد كبير جدا من الأشخاص تحت الأنقاض. كذلك، سيصعّب تساقط الثلوج وانخفاض درجات الحرارة مساء الاثنين والثلثاء، وضع الأشخاص الذين شرّدوا بسبب الزلزال، وكذلك جهود المنقذين.
ووقع الزلزال الأول عند الساعة 4,17 (01,17 ت غ) على عمق نحو 17,9 كيلومترا وفق المعهد الأميركي للمسح الجيولوجي وكان مركزه في منطقة بازارجيك في محافظة كهرمان مرعش التركية (جنوب شرق) على مسافة 60 كيلومترا من الحدود السورية، واستمر لنحو دقيقة.
وأعقبت ذلك عشرات الهزات الارتدادية، قبل أن يضرب زلزال جديد بقوة 7,5 درجات عند الساعة 10,24 بتوقيت غرينتش جنوب شرق تركيا على مسافة أربعة كيلومترات من مدينة إكينوزو.
تركيا وأفادت السلطات التركية بأن حصيلة ضحايا الزلزال بلغت 1498 قتيلاً حتى الآن وما لا يقل عن 8533 جريحا، فيما تسبب الزلزال في انهيار 2834 مبنى. وقال رئيس إدارة الكوارث والطوارئ في تركيا يونس سيزر إنّ فرق الإنقاذ وصلت إلى جميع المناطق المتضررة من الزلزال والتعزيزات مستمرة. واعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنها "أكبر كارثة تشهدها البلاد منذ العام 1939". ودعا الرئيس التركي الذي سيكون رد فعله مرتقبا جدا على هذه المأساة قبل انتخابات 14 أيار (مايو)، إلى الوحدة الوطنية. وكتب على تويتر: "نأمل في أن نخرج من هذه الكارثة معا بأسرع ما يمكن وبأقل أضرار ممكنة". ويتوقّع أن تتغيّر الحصيلة بسرعة نظرا إلى عدد المباني المنهارة في المدن المتضررة، مثل أضنة وغازي عنتاب وشانلي أورفا ودياربكر خصوصا. في إسكندرون وأديامان، انهارت مستشفيات حكومية جراء الزلزال الذي ضرب على عمق نحو 17,9 كيلومترا. وتُعدّ هذه الهزّة الأكبر في تركيا منذ زلزال 17 آب (أغسطس) 1999 الذي تسبّب في مقتل 17 ألف شخص، بينهم ألف في اسطنبول. وتشل رداءة الطقس في هذه المنطقة الجبلية المطارات الرئيسية حول دياربكر وملطية حيث يستمر تساقط الثلوج بكثافة. وقال عنصر إنقاذ أُرسل إلى مبنى مدمّر في دياربكر: "سمعنا أصواتا هنا وهناك. نعتقد أن 200 شخص قد يكونون تحت الأنقاض"، بحسب صور بثتها شبكة "إن تي في". وفي مواجهة هذا الخراب، يتجمع السكان في كل مكان ويحاولون إزالة الأنقاض بأيديهم، مستخدمين الدلاء. وفي الجنوب، انهارت قلعة بيزنطية في غازي عنتاب شيّدت في القرن السادس، جزئيا وفقا للشبكة نفسها. وقال محافظ كهرمان مرعش عمر فاروق كوشكون: "لا يمكن تحديد عدد القتلى والجرحى حاليا لأن هناك الكثير من المباني المدمرة". ودمّر مسجد يعود إلى القرن الثالث عشر جزئيا في ملطية حيث انهار مبنى من 13 طابقا يضم 28 شقة. وتضرّرت خطوط أنابيب الغاز التي تغذي المنطقة أيضا، ما أدى إلى حرمان محافظات هاتاي وكهرمان مرعش وغازي عنتاب من الغاز، كما أكدت شركة خطوط أنابيب البترول التركية بوتاش. كذلك، أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق تعليق صادرات النفط عبر تركيا.
سوريا أما في سوريا، فقتل 812 شخصاً وأصيب 2315 آخرون على الأقل بجروح في حصيلة غير نهائية، وفق ما أعلنت وزارة الصحة السورية وفرق إغاثة. وتسبب الزلزال في مشاهد من الذعر، مع خروج السكان من المناطق المتضررة سيرا أو بالسيارات، رغم الأمطار الغزيرة. وسجلت معظم الإصابات في محافظات حلب (شمال) واللاذقية (غرب) وحماة (وسط) وطرطوس (غرب). وبثّت وكالة "سانا" صوراً تظهر دماراً كبيراً في مدن عدة بينها جبلة واللاذقية، انهارت فيها أبنية بأكملها موقعة خسائر بشرية وأضرارا جسيمة. وفي مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية والتي شهدت على ضراوة المعارك وحملات القصف خلال سنوات الحرب، نقلت "سانا" عن مصدر في محافظة حلب انهيار 46 مبنى على الأقل، ما أدى الى مقتل 156 شخصاً من إجمالي الضحايا. وفي حي الأربعين في مدينة حماة، انهار مبنى مؤلف من ثمانية طوابق، فيما انهمكت فرق الإنقاذ والإسعاف في انتشال الضحايا والمصابين من تحت الأنقاض. وقال متحدث من الهلال الأحمر السوري في الحي إن عدد السكان الموجودين في المبنى يبلغ نحو 125 شخصاً. وأعلنت وزارة التربية إغلاق المدارس في جميع المحافظات حتى نهاية الأسبوع، في وقت أفادت وزارة النقل عن وقف العمل بمصفاة بانياس نتيجة أضرار لحقت بأجزاء منها. وفي مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرة دمشق، أوردت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) مقتل 380 شخصاً وإصابة أكثر من ألف آخرين. ورجّحت ارتفاع حصيلة القتلى مع "وجود مئات العائلات تحت الأنقاض" وسط "صعوبات كبيرة والحاجة لمعدات ثقيلة للإنقاذ". وأحصت المنظمة انهيار أكثر من 133 مبنى بشكل كامل و272 بشكل جزئي، عدا عن تصدّع آلاف المباني في شمال غرب سوريا. وأفيد عن سقوط أبنية بأكملها فوق رؤوس قاطنيها في شمال سوريا. وبدت الأضرار جسيمة في المناطق الأقرب إلى الحدود التركية مثل مدن أعزاز وجرابلس وجنديرس (شمال حلب) وسرمدا (شمال إدلب). وشعر سكان لبنان وقبرص أيضا بالزلزال، وكذلك في كردستان العراق في شمال البلاد في اربيل، لكن لم ترد أنباء عن وقوع إصابات. بدورهم، شعر سكان في مناطق بعيدة مثل غرينلاند بالهزات الناجمة عن الزلزال القوي الذي ضرب جنوب تركيا وسوريا على ما أعلن المعهد الجيولوجي الدنماركي.
مساعدات دولية وفيما تتواصل عمليات الإنقاذ، أعلنت دول عدة استعدادها لمساعدة تركيا وسوريا، وإرسال فرق متخصصة للمساهمة في جهود مجابهة الكارثة. وبدأ الاتحاد الأوروبي الذي عرضت الكثير من دوله الأعضاء تقديم المساعدة لسكان المناطق المنكوبة، إرسال فرق إغاثة. وكتب المفوض الأوروبي المكلف إدارة الأزمات يانيش لينارسيتش في تغريدة: "إثر الزلزال الذي وقع في تركيا فعلّنا آلية الدفاع المدني في الاتحاد الأوروبي (...) وتوجهت فرق من هولندا ورومانيا". وأوضح ناطق باسم المفوضية الأوروبية أن هذه المساعدة تأتي بناء على طلب من تركيا. وغرد المستشار الألماني أولاف شولتس كاتبا: "نتابع الأنباء عن الزلزال في المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا وسط حالة من الصدمة... سترسل ألمانيا المساعدة بالتأكيد". وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنّ باريس "مستعدة لتوفير مساعدة عاجلة للسكان" في تركيا وسوريا بعد الزلزال العنيف. وكتب الرئيس الفرنسي في تغريدة: "تردنا صور فظيعة من تركيا وسوريا بعد زلزال بقوة غير مسبوقة. نتعاطف مع العائلات التي خسرت أفرادا". كذلك، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، ينس ستولتنبرغ، إنّ الحلفاء يحشدون الدعم الآن لتقديم الدعم لتركيا. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنّ حكومته تجهز مساعدات طبية وإغاثية لإرسالها إلى تركيا وسوريا. وقدم الرئيس الصيني شي جينبينغ تعازيه للمسؤولين الأتراك والسوريين بعد الزلزال على ما أفاد الإعلام الرسمي. بدوره، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه لرئيسي تركيا وسوريا وأكد استعداد بلاده لتقديم مساعدة بعد الزلزال. وأعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم المساعدات اللازمة للمتضررين من الزلزال في تركيا سوريا.
وأعلنت أذربيجان إرسال 370 عنصر إنقاذ على الفور فيما قالت الهند إنها سترسل فرق إنقاذ وفرقا طبية. من جهتها، أعربت أوكرانيا عن استعدادها لإرسال "عدد كبير من عناصر الإنقاذ" إلى تركيا للمشاركة في عمليات البحث. وقال البابا فرنسيس إنه "حزين للغاية" بسبب الزلزال القوي الذي ضرب تركيا وسوريا.