وضعت الولايات المتحدة خطة مستقبلية تتيح لأي دولة تعاني من التغير المناخي إرسال أسطول من الطائرات لرش ضباب ناعم لحجب أشعة الشمس ومنعها من الوصول إلى الأرض، ما يقلل من درجات الحرارة وبالتالي يضمن راحة ورخاء مواطني هذه الدولة، في تقنية تُعرف بالهندسة الجيولوجية.
إلا أنّ صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، حذرت، الاثنين، من خطر استخدام هذه التقنية في إثارة الحروب بين الدول التي سترى في ذلك تهديداً لأمن مواطنيها.
ووفقاً للصحيفة الأميركية، فإنّ أعضاء مجتمع الاستخبارات الأميركي وغيرهم من مسؤولي الأمن القومي كانوا مهتمين بشدة في عام 2022 بالتخطيط لكيفية تجنب الحرب الناتجة عن هذا النوع من هندسة المناخ، وهذا مؤشر على أنهم يرون أنها تهديد في حاجة إلى استراتيجية. ما هي الهندسة الجيولوجية الشمسية؟
ونشرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، في 22 كانون الأول الماضي، تقريراً بعنوان: "هل يمكن للهندسة الجيولوجية أن تكون الحل لمواجهة التغير المناخي؟"، سلط الضوء على قرار بايدن إعطاء الضوء الأخضر لأبحاث "التدخلات المناخية" وتفعيل خطة تستغرق 5 سنوات من البحث في هذه السبل.
وأقر الكونغرس هذه الأبحاث، وقال متحدث باسم مكتب البيت الأبيض لشؤون سياسات العلوم والتكنولوجيا، إنه "ليس بحثاً جديداً، وإنما تقرير يركز على النظر في بعض الفجوات المعرفية الرئيسية، والخروج بتوصيات". وأضاف أن "إدارة بايدن تسعى إلى إزالة فعالة ومسؤولة لغاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وإحداث تخفيض كبير في انبعاث غازات الاحتباس الحراري".
ووفقاً لـ"واشنطن بوست"، فإن الهندسة الجيولوجية الشمسية ممكنة من الناحية النظرية، ومن المحتمل أن تكون "أرخص وأسرع" مقارنة بالطرق الأخرى لمكافحة آثار تغير المناخ. لماذا قد تسبب هذه التقنية حروبا عالمية؟
ووفقاً للصحيفة، بما أن سكان العالم الأكثر فقراً يعانون بشكل أكثر حدة من ارتفاع درجات الحرارة، فمن المحتمل أن يتعرض صانعو القرار العالميون لضغوط شديدة لنشر التكنولوجيا بهذه الدول، كما يقول العلماء وصانعي السياسات. ونظراً لأن هذه التقنية يمكن أن تضعف قوة الشمس في جميع أنحاء العالم، ليس فقط فوق أي بلد قرر نشرها، يشعر مسؤولو الأمن الأميركي بالقلق من إمكانية إثارة هذه التقنية للصراعات الدولية؛ لأن دولة واحدة لديها المال يمكن أن تأخذ قرارات تشكل مصير العالم بأسره، بحسب "واشنطن بوست". وحتى الآن، فإن الولايات المتحدة هي من تملك زمام المبادرة في البحث، لكن الصين والهند وغيرهما من الدول تعمل على هذه التقنية أيضا. ويركز عدد من مسؤولي الاستخبارات الأميركية حاليا على فهم تحديات نشر الهندسة الشمسية. ويؤدي الافتقار إلى التنسيق العالمي بشأن الهندسة الجيولوجية إلى زيادة القلق بشأن مخاطر الخلافات المحتملة. ويقول بعض السياسيين، بحسب "واشنطن بوست"، إنه مع تطور المناقشات، يمكن أن تزيد التوترات الحالية بين الدول الصناعية المسؤولة عن الجزء الأكبر من انبعاثات الكربون التاريخية والدول الأقل صناعية التي غالبا ما تعاني من آثار التغير المناخي بشكل مضاعف.
ما موقف المنظمات الدولية؟
قال تقرير صادر عن الأمم المتحدة نُشر، الاثنين، إن الجهود العالمية للاستجابة لتغير المناخ غير كافية حتى الآن، لذا حان الوقت لبدء دراسة دقيقة للتقنيات التي تعكس ضوء الشمس بعيدا عن الأرض لتبريدها مؤقتا، فضلا عن إدارتها الدولية المحتملة. وأشارت المنظمة إلى أن الهندسة الجيولوجية الشمسية هي الطريقة الوحيدة المعروفة التي يمكن استخدامها لتبريد الأرض في غضون بضع سنوات. وستكلف عشرات المليارات من الدولارات سنويا لكل درجة تبريد. وأكد تقرير الأمم المتحدة أنه إذا لم يتم تحديد أي عقبات تقنية تعيق تطويرها، يمكن أن يستغرق تنفيذ هذه التقنية أقل من 10 أعوام. ويمكن أن تصبح التقنية جزءاً من استراتيجية مرحلية طويلة المدى لكسب مزيد من الوقت لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل دائم، بحسب الأمم المتحدة. وأوضحت المنظمة أنه بالإضافة إلى الحاجة إلى دراسة علمية دقيقة، يقول تقرير الأمم المتحدة أيضا، إنه من الضروري وضع استراتيجية حوكمة دولية منسقة لأي استخدام محتمل لتكنولوجيا الهندسة الجيولوجية الشمسية.