صوّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بفارق ضئيل، اليوم الخميس، لصالح تعزيز مراقبة الانتهاكات التي يشهدها السودان في ظل النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، رغم معارضة الخرطوم ودول عربية وأجنبية.
وصوّت 18 من أعضاء المجلس البالغ عددهم 47 لصالح القرار بينما عارضه 15 وامتنع 14 عن التصويت.
ويدعو القرار إلى وضع حد للعنف وتوسيع تفويض خبير أممي متخصص في السودان ليشمل مراقبة الانتهاكات "الناجمة مباشرة عن النزاع الحالي" الذي يقترب من اتمام شهره الأول.
وأتى التصويت على القرار خلال اجتماع طارئ لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، بناء على طلب مشترك من المملكة المتحدة والنروج والولايات المتحدة وألمانيا، وحظي بتأييد عشرات الدول.
وجاء التصويت بعد أن دعت دول عربية والصين الدول الأخرى لمعارضة القرار، مؤكدة أنه يعتدي على سيادة السودان، بينما حثت الدول الأفريقية على العثور على "حلول إفريقية لمشاكل إفريقية".
لكن داعمي القرار أصرّوا على أنه ضروري ليتصرّف المجلس بسرعة.
وقال السفير البريطاني سايمون مانلي لوكالة "فرانس برس": "هذا يوم مهمّ فعلا". واعتبر أن المجلس صوّت لصالح "السلام".
ومنذ اندلاعها في 15 نيسان (أبريل)، أسفرت المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، عن سقوط أكثر من 750 قتيلاً وخمسة آلاف جريح، بحسب منظمات غير حكومية والسلطات.
وحتى التاسع من أيار (مايو) لجأ أكثر من 160 ألف شخص إلى البلدان المجاورة بينما تجاوز عدد النازحين السودانيين داخل البلاد 700 ألف شخص، وفقاً للأمم المتحدة.
وشجب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك "العنف غير المبرر"، ودعا الدول إلى الضغط "بكل الوسائل الممكنة" لحل الأزمة.
وقال في افتتاح الجلسة إن المعارك أوقعت السودان في "كارثة"، متابعاً: "أغتنم هذه الفرصة لأحث كل الدول ذات النفوذ في المنطقة على الدفع لحل هذه الأزمة، بكل الوسائل الممكنة".
ودان تورك بشدة "هذا العنف غير المبرر، الذي انتهك فيه الطرفان القانون الإنساني الدولي، ولا سيما مبادئ التمييز والتناسب والحيطة".
وقال إن الجيش السوداني "شن هجمات على مناطق مدنية مكتظة، بما في ذلك غارات جوية"، و"الأسبوع الماضي أصابت غارة جوية على ما يبدو محيط مستشفى في منطقة شرق النيل في الخرطوم، ما أسفر عن مقتل عدد من المدنيين".
وأضاف أن "قوات الدعم السريع استولت على ما يبدو من جهتها على مبانٍ عديدة في الخرطوم لاستخدامها كقواعد للعمليات، وطردت السكان وشنت هجمات انطلاقا من مناطق سكنية مكتظة".
وأفاد بأن مكتبه تلقى تقارير عدة تتحدث عن عنف جنسي ارتكبه رجال بالزي العسكري، فضلاً عن "مزاعم بعمليات إعدام غير قانونية واختفاءات قسرية".
"شأن داخلي" وجاءت جلسة الخميس للتعامل بشكل طارئ مع وضع يجمع المعنيّون على صعوبته. لكن لهجة القرار المتّخذ لم تكن قوية.
فعلى رغم دعوته الى "وقف فوري للعنف من قبل كل الأطراف من دون شروط مسبقة"، امتنع القرار عن طلب أي تحقيق جديد بخصوص انتهاكات محتملة.
وطلب القرار عوضا عن ذلك من المقرر الخاص الحالي المعني بحقوق الانسان في السودان إجراء "رصد مفصّل وتوثيق لكل مزاعم انتهاكات حقوق الانسان والتجاوزات منذ 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، بما فيها تلك المتأتية مباشرة من النزاع الحالي"، ورفع النتائج بشأن ذلك الى مجلس حقوق الانسان.
وعلى رغم أن النصّ كان مخفّفا الى حد كبير، الا أن إقراره تمّ بفارق ضئيل.
وأعرب سفير السودان لدى مجلس حقوق الإنسان حسن حامد حسن عن اعتراضه الشديد على الجلسة والقرار.
وشدد أمام المجلس على أن "ما يجري في السودان هو شأن داخلي"، محذّراً من أن هذه الجلسة قد تصرف الانتباه عن الجهود لتحقيق وقف لإطلاق النار.
وفي غياب الموافقة السودانية، أكدت العديد من الدول العربية والإفريقية أنها غير قادرة على تأييد القرار.
كما أبدت دول أخرى معارضتها أيضاً.
وقال السفير الصيني تشين شو إن "على المجتمع الدولي احترام سيادة السودان... وشؤونه الداخلية".
كما اعتبر منتقدو القرار أن عقد جلسة خاصة للمجلس كان بلا طائل طالما أن جلسته العادية المقبلة مقررة بعد أسابيع قليلة فقط.
الا أن السفيرة الأميركية ميشيل تايلور أصرّت على أن "الصراع (ذا النتائج الوخيمة) على حقوق الانسان والنزاع الانساني في السودان خلال الأسابيع الأربعة الماضية مؤلم فعلا".
وشددت على وجوب "التحرك بشكل طارئ بسبب الخطورة والمعاناة الهائلة لشعب السودان حالياً".
المصدر : أ ف ب