لا يظهر البيت الأبيض ضمن قائمة المحطات التي ستشملها الزيارة المقبلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أمريكا.
وإذا ما بقي جدول أعمال الزيارة، التي تبدأ مساء الأحد المقبل وتستمر 5 أيام، على ما هو عليه فإن آمال نتنياهو بزيارة البيت الأبيض ستتبدد.
ولكن الفرصة ستبقى قائمة لأن يلتقي الرئيس الأمريكي جو بايدن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ومنذ تشكيله الحكومة نهاية العام الماضي، سعى نتنياهو للقاء بايدن الذي لا تجمعه معه علاقة ودية.
وعلى غير العادة عند تشكيل الحكومات الإسرائيلية، فإن نتنياهو لم يتلق بطاقة الدعوة إلى البيت الأبيض رغم مرور أكثر من 8 أشهر على تشكيل حكومته.
ولم يخف نتنياهو في أكثر من مناسبة امتعاضه من عدم تلقيه بطاقة الدعوة ومع ذلك فقد أبقى المسؤولون في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، طوال الأسابيع الماضية، فرصة اللقاء في البيت الأبيض قائمة.
غير أن جدول الأعمال الذي نشره مكتب نتنياهو، مساء الأحد، لهذه الزيارة لم يتضمن أي إشارة إلى زيارة البيت الأبيض.
وأشار جدول الأعمال إلى أن نتنياهو سيتوجه إلى الولايات المتحدة مساء الأحد من الأسبوع القادم، ثم سيهبط في كاليفورنيا صباح الإثنين، لعقد اجتماعات في مجال الذكاء الاصطناعي.
ومن هناك سيتوجه إلى نيويورك مساء الإثنين لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن يعود إلى إسرائيل مساء السبت قبيل حلول عيد الغفران.
ويلقي نتنياهو كلمة إسرائيل أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الحادي والعشرين من الشهر الجاري.
ولم يحدد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أسماء القادة الذين سيلتقيهم نتنياهو خلال تواجده في نيويورك، ولكن وسائل إعلام إسرائيلية رجحت أن يلتقي مع بايدن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد تعذر ترتيب زيارة له إلى البيت الأبيض.
وفي السابع عشر من يوليو/ تموز الماضي تحادث نتنياهو هاتفيا مع الرئيس الأمريكي للمرة الأولى من شهر مارس/آذار.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان في يوليو/تموز: "دعا الرئيس بايدن رئيس الوزراء نتنياهو إلى حضور لقاء سيُعقد قريبًا في الولايات المتحدة حيث لبى رئيس الوزراء الدعوة وتم الاتفاق على أن ينسق الفريقان الإسرائيلي والأمريكي لتفاصيل اللقاء".
وفي حينه، فسر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الدعوة على أنها إلى البيت الأبيض ولكن واشنطن ما لبثت أن أوضحت أنه لم يتم الاتفاق على موعد أو مكان اللقاء.
عقبة "الإصلاح القضائي"
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية دعت نتنياهو، مرارا في الأشهر الماضية، للتخلي عن خطة "الإصلاح القضائي" التي تدفع بها الحكومة وسط معارضة شعبية إسرائيلية واسعة وكذلك وقف الاستيطان وعنف المستوطنين في الأراضي الفلسطينية.
ودعا الرئيس الأمريكي في تصريحات علنية، مرتين على الأقل، رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى السعي لإجماع في إسرائيل على قوانين "الإصلاح القضائي".
ووجه مسؤولون إسرائيليون، بينهم وزير العدل ياريف ليفين ونجل رئيس الوزراء يائير نتنياهو، الاتهام إلى الولايات المتحدة بدعم الاحتجاجات في إسرائيل.
وسارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى نفي هذه الاتهامات جملة وتفصيلا.
ومع ذلك فإن الكثير من المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية دعت الرئيس الأمريكي إلى عدم استقبال نتنياهو بالبيت الأبيض على خلفية قوانين "الإصلاح القضائي".
وتأتي زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد وقت قصير من بدء المحكمة العليا الإسرائيلية، الثلاثاء، النظر في طعون ضد قانون المعقولية الذي أقره الكنيست في شهر يوليو/ تموز الماضي الذي يحظر على المحكمة العليا مراجعة قرارات الحكومة والوزراء بناء على معيار المعقولية القضائية.
وستلتئم المحكمة العليا، للمرة الأولى في تاريخها، بهيئة كاملة من 15 قاضيا للنظر في الطعون التي قدمتها المعارضة ومؤسسات حقوقية.
ويشير انعقاد المحكمة بكامل هيئتها إلى صعوبة القرار الذي قد تقدم عليه الحكومة.
ورفض نتنياهو في سلسلة مقابلات مع وسائل إعلام أمريكية، في الأسابيع الماضية، التعهد بالتزام القرار الذي سيصدر عن المحكمة العليا.
وبالمقابل، فقد أشار رئيس الكنيست أمير أوحانا، الأربعاء، إلى أن الائتلاف الحكومي قد لا يقبل حكما محتملا للمحكمة العليا بإلغاء قانون المعقولية، محذرا من أن مثل هذا القرار قد "يغرقنا في الهاوية" وأن الكنيست "لن يسمح لنفسه بأن يُداس بخضوع".
وفسر هذا التصريح، الذي رحب به وزير العدل ياريف ليفين، بأن الحكومة لن تقبل بقرار المحكمة العليا.
وكان مسؤولون إسرائيليون سابقون حذروا من أن رفض الحكومة لقرارات المحكمة سيعني ضمنا الدخول في أزمة دستورية، باعتبار أن المحكمة العليا هي أعلى هيئة قضائية في البلاد.
وقد ألمح مسؤولون أمريكيون مرارا إلى أنهم لن يتدخلوا في الشأن الداخلي الإسرائيلي.
ويقول معارضون إسرائيليون إن استقبال نتنياهو بالبيت الأبيض سيعطي إشارة سلبية إلى الإسرائيليين المعارضين.
الملف الفلسطيني
ومن جهة ثانية فإن الإدارة الأمريكية، التي تعلن صراحة أنها تؤيد حل الدولتين، تعارض النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية وعنف المستوطنين في الأراضي الفلسطينية.
وسبق للرئيس الأمريكي أن وصف الحكومة الإسرائيلية بأنها الأكثر تشددا في تاريخ إسرائيل لوجود وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش فيها.
وعشية زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة، أعلن رئيس بلدية القدس الغربية موشيه ليون أن إسرائيل ستبدأ قريبا في بناء آلاف الوحدة الاستيطانية في مستوطنة "جفعات هاماتوس" جنوبي القدس الشرقية.
وسبق للولايات المتحدة الأمريكية أن حذرت من مخاطر هذه الخطة التي تفصل القدس الشرقية عن بيت لحم وتجعل تطبيق حل الدولتين مستحيلا.
ملف إيران وتحذيرات الموساد
ويكاد يكون الملف الأكثر تقاربا بين الطرفين، وإن كان ثمة خلافات فيه أيضا، هو الملف الإيراني.
وفي هذا الصدد قال رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد" دافيد بارنيع، الأحد، أمام القمة العالمية لمكافحة الإرهاب في جامعة رايخمان: "إننا نشاهد بقلق الإرهاب العالمي يرفع رأسه الشرير. إننا نشهد زيادة كبيرة في محاولات مهاجمة اليهود والإسرائيليين في جميع أنحاء العالم، وبينما نتحدث، نواصل تعقب الفرق الإيرانية والوكلاء".
وأضاف: "لقد حان الوقت لفرض سعر مختلف عن ذي قبل. رسالتنا عالية وواضحة وحازمة: لا تخطئوا، يا من قررتم إرسال الفرق منكم، كونوا على يقين أننا سنصل إليكم، وسيتم تحقيق العدالة ليراها الجميع. لقد تم إثبات ذلك في الماضي، وفي المستقبل، سنعمل على الارتقاء به إلى المستوى التالي."
وفيما يتعلق بالحوار بين إيران والغرب بشأن القضية النووية، قال: "لا يمكننا أبدا أن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، ولن نسمح لها بذلك. ويجب على المجتمع الدولي أن يقف بحزم ضد إيران. ويجب على المجتمع الدولي ألا يستسلم لوضع يكون فيه ما يفصل إيران عن التخصيب للأغراض العسكرية هو القرار وحده".
وكان مسؤولون من الطرفين تبادلوا في الأشهر الماضية الزيارات لبحث التطورات في هذا الملف,
ومن جهة ثانية فإنه من المتوقع أن يجري بحث فرص عقد إسرائيل اتفاقيات مع دول عربية وإسلامية في إطار ما تسميه الولايات المتحدة الأمريكية دمج إسرائيل بالمنطقة.
ويرجح أن تركز كلمة نتنياهو في الأمم المتحدة على إيران وعلى سعيه لإبرام اتفاقيات مع دول عربية وإسلامية.