أعلنت إسرائيل ليل الأربعاء أنّه لن يبدأ قبل يوم الجمعة سريان الاتّفاق الذي توصّلت إليه مع حماس على الالتزام بهدنة مدّتها أربعة أيام تفرج خلالها الحركة الفلسطينية عن 50 امرأة وطفلاً من بين الرهائن الذين تحتجزهم في قطاع غزة مقابل إطلاق 150 امرأة وطفلاً فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وفي حين تواصلت المعارك في قطاع غزة الأربعاء، لليوم الـ47 على التوالي، ذكرت وسائل إعلام أنّ اتّفاق الهدنة سيدخل حيّز التنفيذ صباح الخميس في الساعة العاشرة (08,00 ت غ)، كما أنّ مسؤولاً في حماس قال إنّه يتوقّع "أول تبادل لعشرة رهائن مقابل 30 أسيرًا اعتباراً من يوم الخميس".
لكنّ رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي قال ليل الأربعاء في بيان إنّ "المفاوضات من أجل إطلاق سراح مختطفينا مستمرّة دون توقف"، مضيفاً أنّ الإفراج عن الرهائن لن يبدأ "قبل الجمعة".
بدوره، قال مسؤول إسرائيلي لوكالة فرانس برس إنّه "لن يكون هناك توقف" في القتال الخميس.
"هدنة إنسانية"
وكانت قطر التي توسطت بالاشتراك مع مصر والولايات المتّحدة في هذا الاتفاق أعلنت فجر الأربعاء أنّ إسرائيل وحماس توصّلتا إلى اتّفاق على "هدنة إنسانية" تفرج خلالها الحركة الفلسطينية عن 50 من النساء المدنيات والأطفال مقابل إطلاق سراح "عدد من النساء والأطفال الفلسطينيين" المسجونين في إسرائيل.
وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان إنّه سيتم الإعلان عن "توقيت بدء" الهدنة التي ساهمت في التوسّط فيها إلى جانب قطر كلّ من مصر والولايات المتّحدة "خلال 24 ساعة وتستمرّ لأربعة أيام قابلة للتمديد".
وأوضح البيان أنّ الاتفاق سيتيح كذلك "دخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية، بما فيها الوقود المخصّص للاحتياجات الإنسانية".
وأتى بيان الدوحة بعد إعلان رئاسة الوزراء الإسرائيلية أنّ الحكومةالإسرائيلية وافقت على الخطوط العريضة للمرحلة الأولى من اتّفاق يتمّ بموجبه إطلاق سراح ما لا يقلّ عن 50 مخطوفاً من النساء والأطفال على مدار أربعة أيام يسري خلالها وقف للقتال".
وأصدرت حركة حماس من جهتها بيانًا أعلنت فيه التوصل الى "اتفاق هدنة إنسانية (وقف إطلاق نار موقت) لمدة أربعة أيام، بجهود قطرية ومصرية حثيثة ومقدّرة"، يتمّ بموجبها "وقف إطلاق النار من الطرفين، ووقف كل الأعمال العسكرية لجيش الاحتلال في كافة مناطق قطاع غزة، ووقف حركة آلياته العسكرية المتوغلة في قطاع غزة".
وأشار البيان أيضا الى أن الاتفاق ينص على "إطلاق سراح خمسين من محتجزي الاحتلال من النساء والأطفال دون سن 19 عاما، مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال من أبناء شعبنا من سجون الاحتلال دون سن 19 عاما"، بالإضافة الى "وقف حركة الطيران في الجنوب على مدار الأربعة أيام، ووقف حركة الطيران في الشمال لمدة ست ساعات يوميا من الساعة العاشرة صباحا حتى الساعة الرابعة" بعد الظهر.
وقالت حماس إنه سيتم أيضا "إدخال مئات الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى كل مناطق قطاع غزة بلا استثناء شمالاً وجنوبا".
وتحتجز حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى 240 شخصاً رهائن في قطاع غزة منذ الهجوم الدامي الذي شنّته على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول (أكتوبر). وتسبّب الهجوم بمقتل 1200 شخص في إسرائيل، غالبيتهم مدنيون، بحسب السلطات الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، تردّ إسرائيل بقصف مدمّر على قطاع غزة أوقع 14128 قتيلاً بينهم 5840 طفلا، وفق حكومة حماس.
كما بدأت إسرائيل عمليات برية واسعة داخل القطاع منذ 27 تشرين الأول (أكتوبر). وتفرض "حصارا مطبقا" على قطاع غزة الذي لا تصله إمدادات وقود ومواد غذائية ومياه.
واعتبرت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كاثرين راسل الأربعاء أمام مجلس الأمن الدولي أن قطاع غزة بات "المكان الأخطر في العالم بالنسبة إلى الأطفال".
"لا يزال ينبغي القيام بالكثير"
ورحّبت دول وجهات عدة باتفاق الهدنة مقابل الإفراج عن الأسرى.
وأشادت الأمم المتحدة الأربعاء بالاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس لإطلاق سراح رهائن وهدنة في قطاع غزة، لكنها قالت إنه "لا يزال ينبغي القيام بالكثير".
وكتب أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ عبر منصة "إكس"، "الرئيس محمود عباس والقيادة ترحّب باتفاق الهدنة الإنسانية، وتثمّن الجهد القطري المصري الذي تمّ بذله".
وفي واشنطن، أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن بحث هاتفياً الأربعاء مع زعماء مصر وإسرائيل وقطر هذا الاتفاق.
وقالت الرئاسة الأميركية في بيان إنّ محادثات بايدن مع القادة الثلاثة تناولت "الاتفاق على ضمان إطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم حماس خلال هجومها الوحشي على إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) وآخر التطورات في المنطقة".
وأضافت أنّ بايدن وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "ملتزمان بالبقاء على اتصال وثيق لضمان تنفيذ الاتفاق بالكامل".
الضفة ولبنان
وتحدث بايدن في اتصالين هاتفيين آخرين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وفي مكالمته مع نتنياهو، أكد بايدن أنه سيواصل العمل لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقّين، مشدّداً على أهمية الحفاظ على الهدوء على طول الحدود اللبنانية وكذلك في الضفة الغربية.
وبحسب البيان، قال بايدن للسيسي إن "الولايات المتحدة لن تسمح بأي حال من الأحوال بالترحيل القسري للفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية" أو "إعادة رسم حدود غزة" - في حين أكد أيضا أنّ غزة لا يمكن أن "تظلّ ملاذاً لحماس".
كما أكّد بايدن "التزامه بإقامة دولة فلسطينية واعترف بدور مصر الأساسي في تهيئة الظروف لتحقيق هذه النتيجة".
وكان السيسي رحّب بنجاح "الوساطة المصرية القطرية الأميركية" في الوصول إلى الاتفاق، مؤكدا استمرار الجهود "من أجل الوصول إلى حلول نهائية".
واعتبر الكرملين الاتفاق "خبرا سارا". كذلك رحبت به الصين وألمانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وعبّر منتدى عائلات الرهائن الذين تحتجزهم حماس الأربعاء عن سعادته بالافراج المرتقب عن عدد من هؤلاء المحتجزين، قائلًا "لا نعرف راهنًا من سيتم إطلاق سراحه بالضبط ومتى".
وقال المسؤول في حماس طاهر النونو بعد ظهر الأربعاء "جار في هذه اللحظات تبادل القوائم والتدقيق في هذه القوائم التي سيتم بناء عليها إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وإطلاق المحتجزين والأسرى لدى المقاومة الفلسطينية".
والتقى البابا فرانسيس على نحو منفصل ذوي رهائن إسرائيليين محتجزين في غزة، وأقارب معتقلين فلسطينيين في إسرائيل، وقال إن الجانبين "يعانيان بدرجة كبيرة".
واعتبرت العديد من المنظمات غير الحكومية بينها منظمة العفو الدولية الأربعاء أن إمكان إرساء هدنة لأربعة أيام بموجب الاتفاق بين اسرائيل وحركة حماس هو أمر "غير كاف" لإدخال المساعدة المطلوبة الى قطاع غزة، داعية الى وقف لإطلاق النار.
وذكر مسؤول كبير في حماس لوكالة "فرانس برس" أن " تنفيذ تبادل الأسرى يبدأ باطلاق سراح 10 محتجزين اسرائيليين ويفرج الاحتلال عن 30 أسير فلسطيني يوميا، والباقي يتم الافراج عنهم قبل انتهاء اليوم الرابع".
تمديد الهدنة
وأوضحت الحكومة الإسرائيلية أنه بعد إطلاق سراح 50 رهينة، "سيؤدي الإفراج عن عشرة رهائن إضافيين إلى يوم إضافي من تعليق" القتال.
ونشرت إسرائيل قائمة بأسماء 300 أسير فلسطيني من المحتمل أن يُطلق سراحهم بينهم 33 امرأة و123 أسيراً دون سنّ 18 عاما.W
وحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت مساء الثلثاء من أن اتفاق الهدنة لا يعني نهاية الحرب في قطاع غزة، مشيرا إلى أن الجيش سيستأنف العمليات "بكامل قوته" بعد الهدنة من أجل "القضاء" على حركة حماس و"تمهيد الظروف اللازمة لإعادة الرهائن الآخرين".
ويتطلّع سكان غزة الذين نزح قرابة 1,7 مليون منهم (2,4 مليون) بسبب الحرب، الى هدنة في ظل صعوبة الحصول على مواد غذائية ومياه للشرب وملابس للشتاء ومأوى