نشرت صحيفة "الغارديان" اليوم تقريرًا أعدّه المحرر الدبلوماسي باتريك وينتور قال فيه إن الولايات المتحدة أعطت السعودية الضوء الأخضر لإحياء صفقة السلام مع الحوثيين. ذلك أن واشنطن بحاجة لمساعدة السعوديين في وقف النزاع في غزة، فيما ترغب الرياض بفكّ ارتباطها في الحرب اليمنية.
وقال وينتور إن "تصميم الولايات المتحدة على إبقاء السعودية مرتبطة بالعملية السلمية مع إسرائيل، دفع واشنطن لمنح الرياض ضوءًا أحضر غير رسمي، ومحاولة إحياء صفقة سلام مع الحوثيين، الجماعة المتمردة في اليمن، والتي تقوم، منذ نوفمبر، بمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر".
وتم التوافق على ملامح خطة طريق للسلام في اليمن، أعدتها الأمم المتحدة في بداية ديسمبر، لكنها جمدت بسبب تصعيد الحوثيين حملة الهجمات في البحر الأحمر، في عملية قالوا إنها تضامنًا مع فلسطين. وقدّرت قيادة الحوثيين، قبل أسبوع، أن الحملة أدت إلى 112 هجومًا على سفن، وأدت إلى تراجع الملاحة التجارية في البحر الأحمر، وزيادة في كلفة التأمين.
وتحاول الولايات المتحدة وبريطانيا إضعاف مواقع الصواريخ المتحركة لدى الحوثيين، إلا أنهم قالوا، في الأسبوع الماضي، إنهم يخططون لتوسيع مدى الهجمات، في وقت لا تزال فيه حركة الملاحة منخفضة بنسبة 40 -50 % مثل نسب الفترة نفسها في العام الماضي.
ويبدو أن السعودية، وبدعم من المبعوث الأممي لليمن هانز جرندبيرج، تريد التقدم أمامًا بخطة طريق، حتى لو أدت إلى تقديم أموال كبيرة للحوثيين الذين سيحصلون على مقعد دائم في حكومة الوحدة الوطنية المقترحة.
وأخبر جرندبيرج الحكومة اليمنية، التي تعترف بها الأمم المتحدة في عدن والمعارضة للحوثيين، إن محادثات السلام يجب أن تمضي قدمًا. وقال إنه أخبر الحوثيين بأنه لا يتوقع توقيع خطة الطريق في وقت استمرت فيه الهجمات بالبحر الأحمر. وأخبر جرندبيرج لاحقًا جلسة لمجلس الأمن: “رغم النزاع فيظل الحل السلمي والعادل ممكنًا”.
وعبّر قادة الحكومة اليمنية في عدن عن قلقهم، وطالبوا بإعادة موازنة خطة الطريق لكي تكون مقبولة لهم. وفي إحاطة، وضع عمرو البيض، عضو المجلس الانتقالي الجنوبي، شرطين للبدء في خطة الطريق. وطالب بشفافية كبيرة بشأن خطة الطريق نفسها، ووقف إطلاق للنار في اليمن تشرف عليه الأمم المتحدة، وإنهاء الحوثيين هجماتهم على الملاحة الدولية.
وقال: “لن تكون هناك مكافأة للإرهاب، ولن نتقدم للأمام بخطة طريق صممت قبل ستة أشهر. فقد تغيرت الأمور، ونحن بحاجة لضمانات خارجية بشأن وقف إطلاق النار، عبر بعثة الأمم المتحدة، ويجب أن تكون هناك شفافية بشأن منح الحوثيين المال. وعلينا ألا نعزز قوة الحوثيين من خلال منحهم مقدمًا دفعات كبيرة من المال”.
وتعكس خطة الطريق التي أعدتها الأمم المتحدة المحادثات الثنائية السابقة بين السعوديين والحوثيين، وتشمل على كميات كبيرة من الأموال للحوثيين، كتعويض عن الرواتب العامة، وزيادة المصادر المخصصة لشمال اليمن، مع أن الخطة لم تقدم أبدًا لحكومة عدن التي تعترف بها الأمم المتحدة.
ويريد الحوثيون، على ما يبدو، اتفاقًا موقعًا مع الأمم المتحدة أو مع السعوديين. ويشعر السعوديون المتعجلون لوقف حملتهم العسكرية في اليمن، بانسداد أفق عسكري بين الولايات المتحدة والحوثيين، كما يظهر، حتى لو كان فك الارتباط مع اليمن يعني ترك الحكومة اليمنية في عدن كطرف خاسر.
وتبدو الولايات المتحدة ميالة للموقف السعودي المتعجل للخروج من اليمن، فواشنطن تريد وقف الحرب في غزة، وفتح مساحة دبلوماسية، وإقناع السعوديين للموافقة على معاهدة دفاعية مع الولايات المتحدة، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو تحرّك ترى الولايات المتحدة أنه سيضعف أثر إيران في المنطقة.
وقدمت واشنطن مجموعة من المحفزات لإقناع الحوثيين بالتوقف عن الهجمات، بما فيها تسريع محادثات خطة الطريق ورفع القيود على تجارة الحوثيين.
ويدعم المسؤولون في بريطانيا نهجًا متشددًا مع الحوثيين، وذلك لعدم وجود مبررات لتوقيع اتفاقية سلام تنفع الحوثيين. وظلت السعودية، منذ عام 2016، في موقف دفاعي، وبعدما قام الحوثيون الذين تمركزوا في معاقلهم القبلية بالشمال بالزحف نحو العاصمة، ودفعوا بالحكومة التي تدعمها السعودية إلى الخروج وإعادة بناء قاعدتها في عدن.
ويعترف البيض أن الجماعة الحوثية، التي تدعمها إيران، حظيت بشعبية، وإن قصيرة الأمد، بسبب هجماتها على السفن في البحر الأحمر، إلا أن الفقاعة انفجرت، كما يقول، حيث شاهد المواطن العادي أثرها على اقتصاد اليمن. ولكنه اعترف: "نحن في وضع خطير نظرًا لعدم تصدير النفط الذي يعتمد عليه اقتصاد الجنوب.
ويقول الحوثيون إنهم مستعدون للمضي قدمًا في خريطة الطريق، إلا أنهم يواصلون استهداف السفن في البحر الأحمر، فكيف نوقع اتفاقًا مع جماعة ملتزمة بمواصلة أعمال الإرهاب في البحر الأحمر، وتريد السيطرة على اليمن؟".
ويحمّل البيض الغرب مسؤولية الفشل في تصميم استراتيجية عسكرية واقتصادية لإضعاف التأثير الحوثي: "ببساطة، لم يكن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية كافيًّا".
وتركت الحرب أكثر من 17 مليون بحاجة للمساعدة الإنسانية، ولم تجمع الأمم المتحدة سوى 792 مليون دولار من 2.7 مليار دولار كحزمة مساعدات إنسانية لليمن طلبتها لعام 2024. ما دفع منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة مارتن جريفيثس للتحذير من انتشار الكوليرا مرة أخرى في اليمن.