حرب السودان: نساء على خط الإستغلال الجنسي

عربي ودولي
قبل 3 أشهر I الأخبار I عربي ودولي

تختلف قصص النساء اللاجئات والنازحات في السودان، عن التحرش الجنسي في فترة الحرب وتجدهن تتناقلن قصصاً اختبرنها بأنفسهن، أو سمعن عنها فيفضحن المتحرشون بالحكي في دوائر مغلقة توصَف أفعالهم ، هي خيار للناجيات الأقل خطراً للبوح في مجتمع ما زال يلوم المتحدثات و يوصمهن ، بسبب ما تعرضن له من اعتداءات.

 

فالبوح به يبقى واحدة من آليات المواجهة القليلة الباقية للنساء إنْ لم يكن لتحقيق العدالة، فعلى الأقل لتحذير الأخريات من المُتحرش.

 

ومنذ اندلاع الحرب ارتفع عدد النساء والفتيات اللاتي بحاجة الى الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي من ثلاثة ملايين امرأة وفتاة إلى 4.2 مليون؛ وهو أمر يوضح مدى العبء الذي خلفه القتال على النساء ، و تلقت الامم المتحدة تقارير مروعة عن العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، بما في ذلك حالات الاغتصاب.

إستعمال النسوية ذريعة للتحرش

تروي ست نساء سودانيات شهدن بتعرّضهن لتحرش جنسي، لفظي وجسدي مقابل لقمة العيش من أشخاص معروفين لديهن ، وصل الأمر مع عدد منهن إلى الإغتصاب.

 

ومن بين الشاهدات نساء عاملات في منظمات المجتمع المدني و صحفيات ، متزوجات وعازبات، فضلن جميعّهن عدم ذكر أسمائهن ، لذلك نستعيض عنها بأسماء مستعارة لغرض الحفاظ على السرية.

 

تقول رابعة (اسم مستعار)، فتاة تبلغ من العمر (28) عاماً، التي نزحت من مدينة كسلا الي بورتسودان في الخامس من يناير من هذا العام ، ان زميلها استعمل التحرر والنسوية كذريعة ليتحرش بها عندما تحدثت معه في انها بحاجة الي مساعدة منه لتتلقي دعم من منظمة حقوقية حتي تستطيع الخروج الي دولة آمنة ، لكنه سرعان ما بدأ الحديث عن الجنس والمتعة الجنسية؛ وحين صدّته اتهمها بأنها متخلفة وعقلها متحجر قائلاً “انتي ناشطة الموضوع عادي مفروض ما تتضايقي”.

لم يكتفِ سليم (اسم مستعار) بالتحرش اللفظي فقط ، فحين التقيا للمرة الأولى في ورشة عن حقوق الإنسان بنيروبي ، تفاجأت به يقرع باب غرفتها ليلاً وبيده زجاجة نبيذ ليخبرها بأنه جاء ليعتذر عن حديثه السابق وتخطيه الحدود معها.

و تضيف رابعة “سمحتُ له بالدخول بعد تردد وتركت باب غرفتي مفتوحاً تحسباً لأي واقعة إلا أن (سليم) أغلق الباب لاحقاً متحججاً بالبرد أو ان يراهما احد و يسيء الفهم”؛ ثم تعمد أثناء حديثه ملامسة رجلها ، وحين زجرته رد عليها بأنه ” أمر عادي بين الأصدقاء المقربون” .

 

وكشفت أن محاولاتها لصّده لم تفلح ، بل اقترب منها أكثر مع نظرات وصفتها بالشهوانية؛ ثم قال “أنا سكران ويمكن ان يحدث شي بيناتنا” ، أكّدت له (رابعة) أن لا شيء سيحدث بينهما وطلبت منه الرحيل فأجابها بصوت عالٍ “انتي متحررة و انا متحرر ليه بتجنيني و عاملة فيها بنت متخلفة ، و قام (سليم) بوضع يده على كتف (رابعة) ، عندها جنّ جنونها وبدأت بالصراخ وقامت بطرده وتهديده بأنها ستفضحه ان لم يخرج؛ فقال “كلكن تستشرفوا في الأول ، وماشات علي مبدأ عيني فيه و تف عليه” و خرج ، ثم في وقت لاحق تواصل معها مجدداً ليس بغرض الإعتذار عمّا فعله، وإنما ليؤكد عليه قائلاً “لو ما كنت سكران كنت اغتصبتك ؛كلكن مجرد أدوات لنستمتع فيكن”.

محاولة إغتصاب صحفية

وتسرد زهراء (اسم مستعار)، الصحفية البالغة (30) عاماً، أنها تعرّفت على زميل صحفي لها في فندق بمدينة بورتسودان في الحادي و العشرون من شهر أغسطس من العام الماضي اثناء قدومها من الخرطوم، خلال انتظارها موعد تخليص إجراءاتها للسفر الي القاهرة.

 

تقول زهراء إنه بعد يومين من وصولها ، فاجأها بالمجيء الى غرفتها يحمل مشروباً فائح الرائحة فأخبرته “أنا لا أشرب الكحول”؛ لكنها سمحت له بالدخول، رغم انها لم تألف مثل تلك الأجواء ولا تريد أن تبدو رجعية أو متخلفة، بحسب قولها.

 

وبينت (زهراء) أنها دعته ألى الشُرفة (البلكونة) تجنباً للجلوس معه بالغرفة؛ حينها بدأ يخبرها عن حياته الشخصية وزواجه السيئ ، ودخل في موجة من البكاء محاولاً إمساك يدها، فقالت “فخفت وسحبت يدي بعجالة وغادرت الشُرفة متحججة بالعطش فما كان منه إلا أن لحق بي وأمسكني بقوة وبدأ بتمزيق ثيابي ، رماني بعدها على السرير وعندما كان يحاول فكّ بنطاله، بيديه الاثنتين تمكنت من الإفلات منه ، خرجت من الغرفة وأنا شبه عارية لقد نجوت بأعجوبة من محاولة إغتصاب كانت قد تدمر حياتي أو هذا ما ظننته”.

 

في مساء اليوم التالي، انتظرها في الممرر ليعتذر منها معبّراً عن ندمه وطالباً السماح و العفو منها؛ وتقول (زهراء) “لا زلت تحت تأثير الصدمة و الرعب ، و احساسي تجاهه كان مرعب” .

 

لم تستنجد زهراء بنقابة الصحفيين السودانيين و تقول “لم أفكر في ذلك فأنا لا أعلم آليات الاستنجاد ولا نتائجها، كما أنني غير واثقة من أنهم سيصدقون كلمتي مقابل كلمته وأنا في النهاية إمراة بالكاد يعرفونها ، بينما هو يعرفونه جيداً” .

 

لم تنتهي تجربة (زهراء) عند محاولة الاغتصاب تلك ، بل كانت هذه مجرد بداية لمسلسل من الابتزاز والتهديد عززه سكوتها، فتقول “شعوره بأنّ الحادثة مرّت من دون عقاب جعله يتمادى أكثر بل إن الحادثة نفسها أصبحت ورقة يبتزني بها وكان يقول لي دائمآ إننا في مجتمع سيصدقني ويلومك إذا قررتِ فضح ما جرى “.

توقعات نقابة الصحفيين

من جانبها، قالت سكرتير الحريات بنقابة الصحفيين السودانيين، الاستاذة/ إيمان فضل، ان سكرتارية الحريات لا تستبعد وجود حالات الاستغلال الجنسي لكن في نفس الوقت الوصول لمعلومات لمثل هذا النوع من الانتهاكات صعبة جدآ نسبة لحساسية الأمر علي المستوي الاجتماعي و الشخصي.

 

و اضافت “نحن في نقابة الصحفيين في الدفاع عن حقوق الصحفيين والصحفيات كل الانتهاكات بالنسبة لنا محل اهتمام كبير، ودائماً ما تبحث النقابة عن حلول لها الا ان جرائم الاستغلال الجنسي تحتاج إلى وعي وشجاعة كافيين للتبليغ عنها”.

 

وأكدت ان النقابة كانت تتوقع ان يكون هناك تبليغ لمثل هذه الانتهاكات لوجود السرية و الخصوصية الكافية للتعامل معها و حماية الناجية و لوعي الصحفيات و إلمامهن بالتبليغ عن الانتهاكات.

 

ودعت (فضل) إلى ضرورة تكامل الأدوار في عملية تشجيع الناجيات على التبليغ و تقديم شهادتهن للنقابة بغرض توثيق الحالات.

 

وتوقعت ان يكون هناك قصصاً عن الاستغلال الجنسي بأشكاله المختلفة، يمكن أن تحدث من المجتمع نفسه للنساء بمختلف شرائحهن نسبة لعدم وجود الحماية الكافية في ظل هذه الفوضى.

 

وقالت (فضل) “رصدت النقابة في خلال عام من الحرب وحتى الآن حالة واحدة فقط لإعتداء جنسي لصحفية في منزلها من احد قوات طرفي الصراع في السودان.

و في ذات السياق، إعتبرت المدير العام لليونسكو، السيدة/ إرينا بوكوفا، ان العنف ضد الصحفيات يعد هجوماً مزدوجاً بسبب جنسهن و مهنتهن؛ و لمواجهة هذه الظاهرة سلط مجلس الامن التابع للامم المتحدة في القرار (2222) ــــــ 27 مايو 2015م ـــــــ الضؤ على المخاطر الخاصة التي تتعرض لها الصحفيات و العاملات في وسائل الاعلام ضمن عملهن، و دعا الي الاخذ بعين الاعتبار هذه المخاطر بحيث يتم أخذ التدابير اللازمة لضمان سلامتهن في فترة الصراع المسلح.

الإنزلاق للجنس مقابل المال

تحكي رحاب (اسم مستعار)، اليتيمة الأب، أنها اضطرت للنزوح من الخرطوم الى مدينة شندي في الثالث من يونيو من العام الماضي بقرار من والدتها بسبب ما واجهته الأسرة من صعوبات و تهديدات بسبب عملها الحقوقي ، تركت وراءها مسؤولية أخواتها الخمسة.

 

أفادت (رحاب) أنها تلقت حينئذ عرضا لتمويل سفرها من السودان إلى نيروبي و من ثم عرضا آخر يتمثل في المعيشة و الدراسة ، لكن لا شيء من دون مقابل .

 

وكان ذلك عن طريق استدراجها بواسطة زميلها بقوله “أنا أريدك أن تأتي وفرت لك عمل إن وافقت سأقوم بتمويل سفرك و دراستك”؛ ، ولفتت إلى أن الكثير من زميلاتها تلقين عروضا مماثلة من نفس الشخص .

 

وأضافت “كنت اعرف انه ينوى استغلالي و انا رضخت لذلك لأنه لا خيار أمامي في غياب المال ، يكون أمامك خياران في حال أردت إتمام مسارك و الهروب الي دولة أخري، إما أن تمنحي جسدك لشخص ما أو أن تمارسي الدعارة ، والاثنان هما وجهان لعملة واحدة، (العنف).

 

التحرش تحت غطاء المجتمع المدني

بالإضافة إلى الضغط على النساء بحجة “التحرر” وتقريعهن إنْ لم يرضخن للتحرش استغل المتحرش جمعة (اسم مستعار)، علاقاته مع عشرات المنظمات الفاعلة في الشأن الحقوقي ليضمن سكوت النساء اللواتي تحرّش بهن مستغلاً حاجة العديدات منهن للعمل او المنح للوصول الى اماكن آمنة.

هذا ما حدث مع الناشطة النسوية خلود (اسم مستعار) (28) عاماً، كان كافياً بمجرد سؤالها عن متحرّش يعمل في منظمات المجتمع المدني ” كنت اعمل معه على مشروع في دارفور قبل الحرب كان منسّقاً له ، أثناء الحرب عندما لجأت إلى أوغندا تواصلت معه حتي يساعدني في الوصول الي منظمات تدعم الحقوقيين استغل سلطته وحاجتي للعمل والمال ليتمادى معي” .

 

وبعد سلسلة مراسَلات لمدة ثلاثة أسابيع وللتأكد من المعلومات التي أدلت بها ، قررت الشابة سحب شهادتها قبل النشر بوقت قصير ، خوفاً من ردة فعل المتحرش، الذي لم تتجاوز علاقتها معه اطار العمل؛ إلا أنه واظب على دعوتها إلى منزله في اوغندا اكثر من مرّة؛ واصفةً نظراته إليها بالشهوانية مع إطراءات جنسية ومُخيفة .

 

وتجدر الإشارة إلى أن كل شهادات المتحرش بهن أفادت أن المتحرشين استخدموا علاقاتههم الواسعة مع منظمات المجتمع المدني او غيره لترشيح النساء وتوظيفهن ، كورقة للضغط عليهن للسكوت عن التحرش.

 

وفي سياق ذي صلة، روت ضحيتان كيفية استغلالهن بواسطة زميلهن في منظمة سودانية حقوقية تعمل في توثيق انتهاكات المدنيين اثناء النزاع وعلى الأخص تجارب النساء والشباب؛أنهن بعد فرارهن من الخرطوم الي كسلا في الخامس عشر من سبتمبر من العام الماضي، تواصل معهن زميلهن و دفع تكاليف سفرهن إلى أوغندا ، استقبلهن في المطار وقام باصطحاهن الي المنزل الذي ادعى انه استأجره لهن.

 

تقول الأولي، “مكثنا فيه يومين و لكن تصرّفات وأفعال صابر (اسم مستعار) الي محاولات الملامسة والاقتراب في كل فرصة، كانعدم الاحترام واضح من النظرات الشهوانية” و عدم الاستجابة لمحاولات إيقافه عند حده مهما قلن له و فعلن.

 

وتضيف انه كان دائماً ما يدعو أصدقاءه للشقة لتناول الكحول ثم يخرجون ويعود وحده متأخر ، و في إحدى المرات دعاهن إلى منزل صديقه لحضور مناسبة خاصة، وبرضوخهن لتلبية الدعوة بعد إلحاح، قام (صابر) بإستدراجهما لشرب الكحول وبعدها مارس معهما الجنس.

 

تروي الثانية “لا أخفي شعوري بالخوف الشديد منه عندما فُقت وجدت نفسي و صديقتي في غرفة حيث قاموا بإغتصابنا نحن الاثنين كنا امام الأمر الواقع عندما تحدث الينا و قال انه لا يعلم من الذي اغتصبنا بحجة انهم كانوا يتعاطون الكحول ، أشعر بالقرف والاشمئزاز كلمّا تذكرت هذا الشخص أو أي شيء يتعلق به ” .

لم ينفي الحقوقي عثمان حدوث التحرش في المؤسسات الحقوقية مثلها مثل كل المؤسسات العامة والخاصة، ويرى وجوب أن يكونوا موضوعيين وأن تتعامل المؤسسات الحقوقية بشفافية إزاء هذا السلوك وتعلن الحالات التي لديها.

و أضاف عثمان أن “المجتمع الحقوقي قادر على تحمل هذا النوع من الاتهامات والتصدى لها رغم قسوتها، ويجب يكون قدوة في وضع قواعد لضبط هذا السلوك وحماية العاملين والعاملات”.

تصديق الناجيات

تختار العديد من الناجيات عدم الإبلاغ عن الجرائم الجنسية بسبب عدم تصديقها وإلقاء اللوم عليهن ووصمهن بالعار، الذي غالبًا ما تقوم به السلطات والمجتمع وحتى الأصدقاء والعائلة ، فيعتبر مبدأ تصديق الناجيات يعد أمراً غاية في التعقيد لدى كثير من الرجال السودانيين، ويواجه انتقادات لاذعة بسبب المعتقدات والأعراف؛ لدرجة عدم إتاحة المجال للتبليغ عن الانتهاكات.

 

في هذا السياق يرى ناشطون أن المشكلة ليست فقط في تصرف المتحرش وإنما في البيئة الاجتماعية والثقافة السائدة التي يتم فيها التحرش وبالنسبة إليهم فالتحرش الجنسي ليس فعل جماعي أو جريمة سياسية عامة، بقدر ما هو اعتداءٌ جنائيٌّ شخصي. واتفق عدداً من الناشطين والحقوقيين “الثقافة السودانية مصمّمة على حماية المتحرشين والدفاع عنهم لإسكات الناجيات وقمعهن”.

 

وذهب أحد الناشطين لوصف أمر تصديق الناجيات بسلاح المقاومة للنساء ضد الانتهاكات الجنسية؛ ومحاولات لإسكاتهن والتضييق على مشاركتهن في الفضاء العام.

 

وقال انه بالضرورة يجب توفير الحماية والدعم للناجيات وتشجيعهن على الحديث رغم آليات القمع الاجتماعي التي تدافع عن المتحرشين؛ قائلاً، “نحن نصدق الناجيات لنخلق بيئة آمنة للنساء ليتحدثن بحرية ولأننا نعرف أن التحرش يحدث”.

حماية الناجيات

تحتاج الناجيات من العنف الجنسي بأشكاله إلى الحصول على رعاية صحية آمنة ، وعالية الجودة ودعم نفسي واجتماعي؛ إلا أن نظام الرعاية الصحية في السودان قد انهار بالكامل بسبب الحرب ، وغالبا ما تضغط الأعراف الاجتماعية على النساء بغرض الكتمان مع ربط وصمة العار بخدمات الصحة العقلية.

 

وفي ذات الخصوص طالب كبار مسؤولي الأمم المتحدة في بيان مشترك، بضرورة وضع حد فوري للعنف القائم على النوع الاجتماعي بما في ذلك العنف الجنسي، وعدم استخدامه كوسيلة من وسائل الحرب لترويع الأشخاص، وأكدوا أن العدد الحقيقي لحالات العنف أعلى بكثير من المبلّغ عنها، إذ تجد كثير من الناجيات صعوبة في الإبلاغ عن العنف الجنسي بسبب مفهوم الخزي والوصمة والخوف من الانتقام.

 

وفي خضم هذه التحديات تقول الاستاذة/ إحسان عبد العزيز، منسقة حملة نساء ضد الظلم، أن الحماية بالنسبة لهن تتمثل فى تقديم الدعم المعنوى للمعنفات فى ظل الحرب ، و ان الاستغلال الجنسى فى الحرب بدأ كظاهرة الى ان اصبح الان احد أدوات الحرب باستغلال الفتيات جنسياً بجانب قضية الزواج وزواج القاصرات بالاكراه، وغيرها من الممارسات التى تنتهك حقوق النساء بجانب استخدامهن كخادمات للطهى وصناعة الخبر والكسرة وغيرها من الأعمال الشاقة لخدمة طرفي النزاع .

 

و أردفت “لدينا تواصل مع الناجيات فى مراكز الإيواء ومعسكرات النازحين وكذلك معسكرات اللاجئين عبر عضواتنا فى الولايات ىونهتم ايضاً بالتدريب؛ فمثلاً إلمام العضوات بالاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان يجعلهن أكثر حرصاً على تقديم الحماية للأخريات و لأنفسهن، و اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية وصكوك حقوق الإنسان جميعها تنص على واجب قانوني تجاه المعنفات والناجيات وتوفير حماية السلامة البدنية والنفسية لهن ولكرامتهن”.

 

ضعف التشريعات و عوائق نفسية

و يرى ناشطون حقوقيون ضعفًا في التشريعات السودانية فيما يخص العنف المبني على النوع الاجتماعي، خاصةً التحرش الجنسي؛ إذ لا توفر التشريعات السودانية الحماية القانونية الكافية للنساء في الشوارع أو أماكن العمل والساحات العامة؛ والمسألة ليست محصورة في نصوص القانون بل في الإطار الكامل للعدالة في الدولة وأداء الأجهزة العدلية وأجهزة إنفاذ القانون وفي التدابير والإجراءات القانونية المفترض بها توفير الحماية اللازمة للشاكية/ الشاكي، فضلًا عن السياقين الاجتماعي والثقافي.

 

حيث جرّم القانون الجنائي السوداني التحرش الجنسي في عام 2015 بتعديله للمادة (151) التي تنص على أنه: “يُعدّ مرتكبًا جريمة التحرش الجنسي كل شخص يأتي فعلًا أو قولًا أو سلوكًا يشكل إغراءً أو دعوةً لشخص آخر لممارسة غير مشروعة للجنس أو يأتي سلوكًا مشينًا أو غير لائق له طبيعة جنسية يؤدي إلى إيذاء الشخص المجني عليه نفسيًا أو يعطيه إحساسًا بعدم الأمان؛ يُعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات والجلد”.

أما قانون الطفل السوداني لسنة 2010 فقد غلّظ العقوبة على التحرش بالأطفال وقد تصل إلى السجن إلى (15) سنة، ولكنه جرّم التحرش الجنسي من دون أن يُعرّفه، ويؤخذ بالتعريف الوارد في القانون الجنائي – بحسب ما يقول قانونيون.

 

و تمتد آثار التحرش سواء كان جنسيًا أو لفظيًا وتسبب الأذى الجسيم للفتاة، ويترجم الجسد في حالات متعددة المشاعر إلى أعراض جسدية يصعب التعامل معها، فالحزن يترجم إلى العزلة والبعد عن التجمعات والمناسبات، بجانب الأعراض الجسدية الأخرى مثل فقدان الرغبة في الطعام وتأنيب الضمير. 

 

ويتوقف حجم الأذى وشدة المعاناة على تعامل الناجية من التحرش مع الأعراض، حيث نجد إنه في المجتمعات المغلقة تحاول الناجية التعايش مع آثار التحرش، في حين تلجأ أخريات للفضفضة مع الدوائر المقربة أو النشر على وسائط التواصل الاجتماعي للتخفيف من أثر التحرش الذي تعرضن له. 

 

وفي هذا السياق قالت الإختصاصي النفسي د. شذى باب الله بريمة أن الإستغلال الجنسي يعد من الأسلحة النفسية و الجسدية الخطيرة و واحدة من أدوات الضغط في الحروبات و له آثار كبيرة جدا علي النساء علي المدى الطويل و القصير علي الناجيات.

 

و أردفت لا شك أن الاستغلال الجنسي له تأثير نفسي كبير مدمر علي الناجيات كالصدمة النفسية الناتجة من الاعتداءات الجنسية و التي قد تؤدي الي اضطرابات نفسية كبيرة و يسمى بإضطرابات ما بعد الصدمة ناتجة من تخيل الحدث و الاحساس بالعار و الاكتئاب و القلق و الكثير من الضحايا يشعرون بالذنب في عدم الدفاع عن انفسهم .

 

و زادت شذى ان الناجية التي تعرضت للإستغلال الجنسي تحدث لها مشكلة اضطرابات نفسية و فقدان الثقة في الآخرين و التي تؤثر علي العلاقات الاجتماعية و العاطفية و الاسرية و قد يصل الي إجراء محاولات انتحارية.

 

و دعت الي ضرورة توفير خدمات الرعاية الصحية و النفسية للناجيات و العمل علي القضاء علي قضايا الوصم الاجتماعي حتي تستعيد الناجية حياتها.

 

و إن علاج الناجيات من الاستغلال الجنسي و كافة أشكال العنف هو مجرد طريقة واحدة لمعالجة هذه الممارسة الضارة ولوضع حد حقيقي لهذه القضية ، و يجب على المجتمعات إجراء تحولات ثقافية بعيدا عن المعايير التي تديم عدم المساواة بين الجنسين.