أكبر مصادر التمويل لميليشيا الحوثي الموالية لإيران في اليمن يأتي من قطاع الاتصالات. هذه المعلومة وردت حرفياً في تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة، وفي بيان صادر عن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
مليارا دولار سنوياً يكسبها الحوثيون من قطاع الاتصالات، ووفقاً لبيان صادر عن وزارة الاتصالات في عدن، فقد استغلت الميليشيا لسنوات وبشكل غير قانوني موارد الدولة والإيرادات الكبيرة في قطاع الاتصالات لتمويل جبهاتها العسكرية.
تتحصل الميليشيا على جزء كبير من هذه الإيرادات عبر سيطرتها غير القانونية على البنية التحتية السيادية للاتصالات السلكية واللاسلكية وأنظمة الاتصالات السيادية والتي تشمل الكابلات البحرية التي تمر في المياه اليمنية وبالأخص كابل آسيا - إفريقيا - أوروبا 1 (AAE-1)، وكابل جنوب شرق آسيا - الشرق الأوسط -أوروبا الغربية 5 (SEA-ME-WE 5)، وكابل أفريقيا 1 (Africa-1)، وكابل فلاج شبكة ألكاتيل - لوسنت الضوئية (FALCON)، كما تتلقى ميليشيا الحوثي مئات الملايين من الدولارات من شركات الاتصالات العالمية في جميع أنحاء العالم المالكة والمشغلة لهذه الكابلات البحرية، وذلك عبر النظام المصرفي العالمي.
علاوة على ذلك قال فريق خبراء الأمم المتحدة إن الحوثيين أصدروا توجيهات لبعض الشركات بتخصيص وإيداع 1 في المئة من فواتير الاتصالات في حساب صندوق رعاية أسر قتلى الجماعة المسلحة.
إيرادات مهولة خبير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس محمد المحيميد تحدث لـ"النهار العربي" عن هذا الملف قائلاً: "في الحقيقة فإن الحكومة الشرعية تركت قطاع الاتصالات والانترنت تحت سيطرة الحوثيين، وغاب القرار السياسي والإداري لانتزاع هذا القطاع طوال سنوات الحرب، رغم أنه أهم عامل يستثمره الحوثي في معركته ضد الشعب اليمني اقتصادياً من خلال الإيرادات المهولة التي يوفرها هذا القطاع، وعسكرياً وأمنياً من خلال استخدامه للتجسس على القيادات العسكرية والمدنية والمواطنين في كل أنحاء اليمن".
وأضاف: "عندما تكون هناك إرادة سياسية حقيقية للسيطرة على هذا القطاع فإنه يمكن حرمان ميليشيات الحوثي من كل هذه الامتيازات الاقتصادية والعسكرية والأمنية".
ولفت إلى أن الشرعية تحتاج "لقرار سياسي شجاع بالسيطرة على القطاع ونقله للعاصمة الموقتة عدن، وأيضاً استقطاب الكفاءات الهندسية والإدارية والفنية لفعل ذلك".
تجسس واستخدام حربي ويتابع المحيميد: "يشكل قطاع الاتصالات أحد أهم الموارد المالية واللوجستية للميليشيا الحوثية لاستمرار حربها ضد الشعب اليمني، إضافة إلى تسخيرها للاتصالات في جرائمها وانتهاكاتها بحق المعارضين".
ويضيف: "تستخدم الميليشيا قطاع الاتصالات في انتهاك حرمات وخصوصيات المواطنين والمعارضين لها عبر التجسس على اتصالاتهم ورصد تحركاتهم بغرض ابتزازهم وتطويعهم لخدمة توجهاتها وأفكارها ومعتقداتها، والتجسس على قيادات وأفراد الجيش ورصد تحركاتهم بغرض جمع المعلومات واستهداف القيادات والمقرات والتجمعات".
ويلفت إلى أن الحوثيين "يضغطون على جبهات القتال عبر التحكم في اغلاق وفتح خدمات الاتصالات في أماكن المواجهات بما يخدم تعزيز قدرات الميليشيا وتفوقها على حساب القوات الشرعية"، مضيفاً: "هم أيضاً يسخّرون خدمات الاتصالات كأداة من أدوات خطابهم الإعلامي من خلال حجب المواقع والتطبيقات، وإجبار المواطنين على متابعه المواقع والأخبار التابعة للميليشيا بغرض تجريف الهوية اليمنية وشحن المجتمع بمعتقداتهم وأفكارهم الهدامة".
عائق النقل الى عدن من جانبه يرى الخبير التقني المهندس فهمي الباحث في حديث لـ"النهار العربي" أن الحوثي استفاد من مركزية البنية التحتية للاتصالات في صنعاء من حيث الإدارة والتحكم، و"بالتالي كان من السهل عليه السيطرة على قطاع الاتصالات في البلد بأكمله والتحكم به، مستغلاً حاجة الناس للإنترنت بشكل رئيسي. ولذا استمرت الخدمة بالعمل حتى في مناطق الشرعية".
ويضيف: "مركزية التحكم بالشبكة كان هو العائق في نقل التحكم بقطاع الاتصالات الى عدن".
ويرى الباحث أنه "كان بإمكان السلطات الشرعية العمل مبكراً على إيجاد البدائل التي كانت وبلا شك ستتغلب من حيث الجودة على الخدمات المتوفرة حالياً، ومن ثم انتقال المستخدمين والمؤسسات للخدمات الجديدة وبالتالي الحد من العائدات التي يحصل عليها الحوثي حتى من المناطق المحررة فقط"، مشيراً إلى أنه يمكن للحكومة الشرعية أيضاً طرح الاتصالات كواحدة من أهم النقاط في المفاوضات التي تجري برعاية أممية لاستعادة السيطرة الكلية على المنافذ الدولية والكابلات البحرية مثل الكابل AAE-1 ، الذي تم ربطه في عدن ولم تستطع الحكومة الشرعية تشغيله.
30٪ من موازنة الدولة ويتابع المهندس الباحث: "يعتبر قطاع الاتصالات من أهم الموارد التي كانت ترفد موازنة الدولة سنوياً بما لا يقل عن 30% ولذا فإن سيطرة الحوثي على هذا القطاع في ظل الطلب المتزايد والاستهلاك المستمر لخدمات الاتصالات تعتبر بلا شك مورداً مالياً مهماً للحوثي، بحكم ملكية الدولة التي انقلب عليها لقطاع الاتصالات وانفرادها بمعظم خدمات الاتصالات والانترنت".