حمي وطيس المعارك الحدودية بين روسيا وأوكرانيا في كورسك، ففيما أعلنت موسكو الطوارئ الفيدرالية في المقاطعة الملتهبة، وتكبيد الأوكرانيين خسائر فادحة، تسعى كييف من خلال توغلها الحدودي إلى إيصال رسالة للروس بأن الحرب تزحف ببطء داخل حدودهم، وتحسين الموقف في أي مفاوضات مستقبلية.
وأعلنت وزارة الطوارئ الروسية، أمس، أن الوضع في مقاطعة كورسك يشكل حالة طوارئ على المستوى الفيدرالي، وذلك بعد أربعة أيام من تدفق مئات من الجنود الأوكرانيين عبر الحدود.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، إن تعزيزات في طريقها إلى مقاطعة كورسك لمواجهة التوغل الأوكراني العابر للحدود.
وتنشر روسيا أيضاً عدة منصات إطلاق صواريخ وقطع مدفعية ودبابات تنقل في حاويات ومركبات قتال ثقيلة، وفقاً لوكالة الأنباء ريا نوفوستي نقلاً عن وزارة الدفاع. وأفاد القائم بأعمال حاكم كورسك، أليكسي سميرنوف، بأن الوضع العملياتي في مقاطعة منطقة كورسك لا يزال صعباً.
وأضاف إن الخدمات الاجتماعية والجمعيات المدنية تقدم المساعدة للأشخاص الذين أجبروا على الفرار من منازلهم بسبب القتال.
كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اندلاع اشتباكات في الضواحي الغربية لمدينة سودجا، على بُعد نحو عشرة كيلومترات من الحدود. وتضم المدينة مركزاً مهماً لنقل الغاز الطبيعي الروسي عبر خطوط الأنابيب.
واكتفى بيان لوزارة الدفاع الروسية، بالقول إن الجيش يواصل صد محاولة الهجوم، ويرد بغارات جوية ومدفعية والقوات على الأرض. ولفتت وزارة الدفاع الروسية، إلى أن قواتها سيطرت على قرية فيسيلي قرب بوكروفسك في شرق أوكرانيا.
وذكر الجيش الروسي، أنه جرى صد المحاولات الأوكرانية للتقدم في عمق منطقة كورسك بالطائرات والمدفعية.
وجاء في تقرير للجيش، أن القوات الأوكرانية خسرت ما يصل إلى 945 جندياً و102 قطعة من المعدات المدرعة، بما في ذلك 12 دبابة، منذ بداية الهجوم الأوكراني الثلاثاء الماضي.
وقال إيجور كوربونكوف المسؤول في منطقة كورسك الروسية، أمس، إن القتال مستمر على بُعد عشرات الكيلومترات من بلدة كورتشاتوف في جنوب روسيا، حيث توجد محطة كورسك النووية.
وأظهر مقطع مصور منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، قافلة من الشاحنات العسكرية الروسية المحترقة على طريق بمنطقة كورسك، وبدا أن بعض الشاحنات تحتوي على جثث، وفق رويترز.
خسائر
إلى ذلك، أعلن حاكم منطقة ليبيتسك إيغور أرتامونوف حال الطوارئ بعد هجوم ضخم بمسيرات أوكرانية أسفر عما لا يقل عن 10 جرحى على ما أفاد وألحق أضراراً بمحطة كهربائية.
وأمر أيضاً بإخلاء أربع قرى. ووفق وزارة الدفاع الروسية، فإن القوات الروسية أسقطت ليلاً 75 مسيرة أوكرانية فوق سبع مناطق ودمرت في البحر الأسود سبع مسيرات بحرية كانت تتجه إلى شبه جزيرة القرم.
وفيما رفض المسؤولون الأوكرانيون، التعليق بشكل محدد على التوغل الذي يجري على بُعد حوالي 500 كيلومتر جنوب غرب موسكو، قال أحد كبار مستشاري الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن الهجمات على المنطقة الحدودية ستجعل روسيا تبدأ في إدراك أن الحرب تزحف ببطء داخل الأراضي الروسية.
وأشار المستشار الأوكراني، إلى أن العملية ستعمل على تحسين موقف كييف في حالة إجراء مفاوضات مع موسكو.
كما قالت أوكرانيا، إنها نفذت هجوماً بطائرات مسيرة على مهبط طائرات عسكري في منطقة ليبيتسك غرب روسيا، لتوسع بذلك نطاق هجماتها على الأراضي الروسية.
وأعلنت هيئة الأركان الأوكرانية في كييف، أمس، أن القصف طال منشأة بالمطار يتم فيها تخزين القنابل الانزلاقية التي تستخدمها روسيا لاستهداف القوات والمدن الأوكرانية.
وأشار المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك إلى الوضع في منشور على موقع «إكس» يوم الخميس: «السبب الجذري لأي تصعيد، أو قصف، أو إجراءات عسكرية، أو عمليات إجلاء قسرية، أو تدمير أشكال الحياة الطبيعية، بما في ذلك داخل الأراضي الروسية مثل منطقتي كورسك وبيلغورود، هو العدوان الروسي الواضح وحده».
ما مدى أهمية العملية الأوكرانية في كورسك؟
قال ماثيو سافيل، مدير العلوم العسكرية في «معهد الخدمات المتحدة الملكي (RUSI)»، لشبكة «سكاي نيوز»: «كما هو الحال دائماً، فإن الوضع متطور، لذا يجب أن نكون حذرين من التنبؤات الكبرى».
وأوضح أن الاختراق يبدو أنه يغطي من 10 إلى 20 كيلومتراً، وقد يشمل عدة آلاف من القوات، لكنه أضاف أن الوضع مربك للغاية، ويجب توخي الحذر.
وتابع: «من غير المرجح أن تكون الخطة هي الاستيلاء على كورسك نفسها بجدية، أو محاولة السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي الروسية... لا يمتلك الأوكرانيون كثيراً من الاحتياطيات، في حين يمتلكها الروس، وسيكون الحفاظ على قوة متوسطة الحجم في روسيا الآن أمراً صعباً بالنسبة للأوكرانيين».
وفيما يرتبط بالدوافع المحتملة وراء التوغل، عدد سافيل:
• توجيه ضربة إلى هيبة روسيا ومعنوياتها.
• إرسال إشارة إلى الداعمين الدوليين بأن أوكرانيا لا تزال في القتال ويمكنها المناورة.
• محاولة القبض على المزيد من أسرى الحرب الروس لتبادل الأسرى في المستقبل.
• ربما كانت فرصة سانحة لضرب نقطة ضعيفة ومرتبطة بعمليات غير معلَنة أخرى.
• تهديد الخطوط الخلفية والقوات في روسيا مما قد يؤدي إلى انسحاب القوات الروسية التي حاولت إنشاء «المنطقة العازلة» حول خاركيف.