باتت عدة مدن بشرق وجنوب ليبيا أشبه بورش بناء مفتوحة، نتيجة النشاط الكثيف لمشروعات الإعمار والبناء الاستثمارية العالمية، وما تنعم به من استقرار بعد القضاء على الإرهاب
ويتحدث خبيران ليبيان، لـ"العين الإخبارية"، عن الأوضاع الحالية في هذه المدن التي جذبت الاستثمار، ودور الجيش الوطني الليبي في تهيئتها، وأولويات مشروعات الاستثمار خلال هذه الفترة.
واللافت للنظر أن المنطقة، التي تشهد هذا النشاط المكثف للبناء، هي ذاتها التي كانت مركز الإرهاب والدمار والتفجير والخراب، إلا أن فرض الجيش الليبي الأمن والاستقرار، منذ أطلق عملية الكرامة، ضد الجماعات الإرهابية في عام 2014، والتفاف القبائل الليبية حوله، كل ذلك هيأ المناخ الجاذب للاستثمار.
المعركة الجديدة
يعتبر الخبير السياسي الليبي، عمرو بوسعيدة، أن "البناء والإعمار هما معركة الجيش الوطني الليبي، بعد نجاحه في معركة صد الإرهاب لبسط الأمن في المناطق التي تحميها في إقليمي الشرق والجنوب الليبيين.
ولفت في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أن القوات المسلحة "أدارت عجلة الإعمار منذ نحو سنة ونصف السنة، بمشروعات متوسطة وصغيرة، ثم تطور الأمر إلى أن وصل لمشروعات استراتيجية كبرى، منها بناء الكباري التي تجاوزت 17 كوبري بين مدينتي بنغازي ودرنة".
هذه المشروعات "لفتت أنظار الدول الإقليمية والمجاورة المتداخلة في الملف الليبي، وأصبحت بنغازي نصب أعين العالم، خاصة مع ما تشهده من تنظيم فعاليات ثقافية وعلمية ضخمة، تدل على فرض الأمن؛ ما أسهم في جلب العديد من المستثمرين والشركات"، وفق بوسعيدة.
ولم تعطّل معركة الإعمار الجيش عن الاهتمام بجاهزيته العسكرية؛ إذ يقول الخبير الليبي إنه مستمر في التدريب والاحتفالات العسكرية والمناورات الكبرى، ومحاولة تطوير نفسه رغم فرض الحصار عليه.
وفرض مجلس الأمن الدولي في عام ٢٠١١ حظرا على ليبيا، فيما يخص صادرات السلاح والعتاد، بعد فوضى اندلاع الاحتجاجات، ضد نظام حكم الرئيس الليبي الراحل، معمر القذافي.
خطة طموحة للأولويات
وعن أولويات مشروعات الإعمار، يوضح المستشار أحمد النمر، مسؤول متابعة المشروعات بصندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، لـ"العين الإخبارية"، أن الإعمار في الجنوب والشرق مبني على خطة استراتيجية للأهم قبل المهم، بداية من الصحة والتعليم والمرافق، وصولا فيما بعد إلى التنمية السياحية والاستثمار، خاصة أن البنية التحتية في جميع أنحاء ليبيا متهالكة، ومشروعات الإعمار تهدف لإعادة بنائها، وفقا للمعايير العالمية.
وفيما يخص الجنوب الليبي، يقول إن المرحلة الأولى من المشروعات التي تم تدشينها، في سبها ومرزق وغدوة وبراك، تعدت حتى الآن 110 مشروعات، وتم البدء بعدد من المستشفيات، أولها مستشفى الأطفال الأول على مستوى الجنوب الليبي (80 سريرا)، ومستشفى النساء والولادة (50 سريرا)، وتوريد جميع الأجهزة بالمواصفات العالمية المعروفة، وصيانة جميع الأقسام بمركز سبها الطبي الرئيسي الذي يخدم الجنوب بالكامل.
وفي مجال التعليم العالي، تحدث النمر عن بدء العمل على صيانة جامعتي سبها وبراك، وإنشاء كليات ومبيت للطلبة، وخلق جو ملائم للطالب للدراسة والتحصيل العلمي، كما تم تنفيذ مشروعات تنموية، بما في ذلك مصانع الأسمنت والرخام ومواد البناء، وغيرها.
وشدد النمر على أن قطار الإعمار "سيستمر إلى أن يتم استكمال جميع احتياجات المواطنين في الجنوب فيما يخص قطاع الصحة"، مؤكدا أن صندوق التنمية وإعادة الإعمار سيعمل كذلك على تنمية الكوادر البشرية، خاصة الطبية، كما يستهدف أن تكون مدينة مرزق أول مدينة ذكية بالطاقة الشمسية بالكامل، ويعمم ذلك فيما بعد على بقية المدن