د. عادل الشجاع
د. عادل الشجاع

هل يستطيع نائب وزير الخارجية إصلاح ما أفسده من سبقه؟

أولا لا بد أن نعترف بأن تعيين وزير الخارجية الدكتور شائع الزنداني ونائبه الأستاذ مصطفى النعمان يعد التغيير الأوحد في الحكومة اليمنية منذ ٢٠١٨ إذا ما استثنينا رئيس الوزراء، وقد جاءا كلاهما الوزير والنائب إلى الوزارة وهي تشهد حالة غير مسبوقة من التذمر والغضب في أوساط موظفيها المؤهلين، نتيجة لممارسات تتنافى مع أبسط قواعد العدالة الوظيفية والنزاهة الإدارية، فبدلاً من أن تكون الوزارة واجهة للدبلوماسية والانضباط المؤسسي، تحولت في سنوات الحرب إلى ساحة مفتوحة للتعيينات العشوائية والمحسوبيات، في ظل غياب الرقابة والمساءلة..

 

هل وقع النائب تحت وطأة “اللوبي الفاسد”؟

 

إذا صدقت التسريبات التي كشفت عن تداول بعض الأسماء، فإن ذلك سيشكل صدمة لأبناء الوزارة الذين علّقوا آمالهم على نائب الوزير الجديد، ظنًّا منهم أنه سيكون حاملا لواء الإصلاح، فإن بعض تلك الأسماء قد فاجأتهم بنتائج مغايرة تمامًا لتوقعاتهم، فبدلاً من الوقوف على حجم المظلومية داخل الوزارة، فإن النائب سيكون قد وقع تحت سيطرة المعلومات والتقارير التي قدمها له نفس اللوبي السابق المسؤول عن موجات الفساد والتعيينات العشوائية خلال الفترات الماضية..

 

هذا اللوبي، الذي يملك نفوذاً داخل أروقة الوزارة، عمل على تزييف الحقائق، وتقديم صورة مشوهة عن واقع الوزارة وكوادرها، بما يخدم مصالحه ويحفظ امتيازاته، فكانت النتيجة أن نائب الوزير لجأ إلى إحالة أصحاب المظالم الفعلية إلى “كشف التظلمات”، في خطوة بدت أشبه بتسويف القضية، بينما في الوقت نفسه جرت التعيينات لمن هم من خارج الوزارة الذين لا تربطهم أي علاقة بها، فما جدوى النظر في التظلمات بعد إصدار قرارات التعيين؟.

 

المؤسف أن هذه الممارسات لم تُبقِ فقط على منظومة الفساد كما هي، بل منحتها غطاءً رسميًا جديدًا، مما سيزيد من الشعور بأن الفساد لا يزال محصنًا داخل الوزارة، بل ويعاد تدويره بطرق جديدة..

 

الشفافية والمحاسبة: الطريق الوحيد لاستعادة الثقة

 

في ظل ما تشهده وزارة الخارجية اليمنية من تدهور إداري وتغول لوبيات الفساد، تبرز الحاجة الملحة إلى تفعيل أدوات الشفافية والمساءلة، ليس فقط لضبط التعيينات، بل لإعادة بناء المؤسسة الدبلوماسية على أسس وطنية ومهنية، يجب إخضاع جميع التعيينات للمراجعة القانونية، ونشر كشوفات التوظيف والتظلمات علنًا، لقطع الطريق أمام المحسوبيات، وإعادة الاعتبار لأبناء الوزارة الذين جرى تهميشهم ظلمًا..

 

إن استمرار هذه الممارسات العبثية لا يقتصر أثره على الداخل فحسب، بل ينعكس بشكل مباشر على سمعة اليمن في الخارج، فالدبلوماسية ليست مجرد تمثيل شكلي، بل هي واجهة الدولة ومفتاح علاقاتها الدولية، وعندما تُدار السفارات والبعثات بأشخاص يفتقرون للمؤهلات والخبرة، فإن ذلك يضعف الموقف اليمني على الساحة الدولية، ويقوض فرصه في كسب الدعم والتأييد في ملفات بالغة الحساسية..

 

وعليه، فإن إنقاذ وزارة الخارجية من هذا المسار يتطلب تغيير النهج، وإرساء قواعد عمل جديدة قائمة على العدالة والكفاءة والشفافية، فبغير ذلك، ستظل الوزارة حبيسة لوبيات الفساد، وسيبقى الوطن هو الخاسر الأكبر، ويبقى فتح ملف التظلمات هو الأولوية الكبرى..