في المخأ القائد طارق - نجل شقيق الرئيس الأسبق - رئيس مكون "حُراس الجمهورية"، ويمثل فئة الحاكم المناوئ لثورة شباب فبراير ٢٠١١م. لذا يمكن القول إن هذه الفئة لا ترى في صنعاء واليمن عمومًا سوى سلطانٍ نُزعَ منها، ولهذا تُعِدُّ عُدَّتَها لاستعادة ما تظنُّه سُلِبَ منها.
شخصيًا، أُدعِّم كل صوتٍ يدعو للاصطفاف في جبهةٍ واحدةٍ غايتها استعادة الدولة اليمنية. من أجل خلق كتلةٍ موحدةٍ لا بُدَّ من تسوية أي خلافاتٍ سياسية. كما لا بُدَّ أن تكون الأمور واضحةً وبينةً بين مكونات السلطة الشرعية.
فلا يجوز أن ندعو الإنتقالي للتخلي عن أجندته السياسية الانفصالية في سبيل وَحْدَةِ الجبهة والرؤية والغاية، ومن ثم يبقى مكون طارق وأحمد في المخأ على ذات المنوال، دون أن نرى منهم ما يوحي أو يثبت بتنازلٍ ما لأجل الدولة الاتحادية الفيدرالية بمضامينها الحديثة المُتَّفَق عليها في مؤتمر الحوار الوطني..
أُدعّم أي تقاربٍ وأيَّ مقاربةٍ بين مكونات السلطة الشرعية، فلا يمكن تخليص اليمن واليمنيين من معاناتهم الناتجة عن الانقلاب والحرب وما سبقها دون أن تكون هناك إرادةٌ سياسيةٌ قويةٌ، وقرارٌ واحدٌ، ورغبةٌ صادقةٌ لإنهاء الحرب وإحلال السلام.
ومن أجل غاية استعادة الدولة، ينبغي توحيد كافة الأطراف المكونة للسلطة الشرعية. حتى اللحظة، لم أسمع أو أرى من القائد طارق أو السفير أحمد فعلًا سياسيًا يؤكد انتماءَهم لدولة اليمن الاتحادية بمضامينها الوطنية العادلة المُتَّفَق عليها، والمنقلب عليها - إيضًا - من الجماعة الحوثية السلالية الكهنوتية، بدعمٍ وإسنادٍ لا يخفى على أحدٍ من الرئيس الأسبق صالح.
وعلى هذا الأساس، يجب القول إنَّ "حُرَّاس الجمهورية" عليهم التخلي عن فكرة استعادة جمهورية صالح. فمثل هذه الفكرة أعدها مُسْتَفِزَّةً لشركاء الضرورة. فلا الجنوبيون المطالبون باستعادة دولتهم يمكنهم قبولَها، رغم ما فيها من مغرياتَ يُسَوَّقُ بها للسذج والحمقى الذين يرون فيها إمكانيةَ استعادة دولتين .
وتاليًا، هي فكرةٌ تتصادم مع التاريخ ونسقه ومنطقه المتغير دومًا وأبدًا. إضافةً إلى ذلك، لا تؤسس لأيِّ تفاهماتٍ سياسيةٍ يمكن الاعتداد بها في مواجهة تحديات استعادة الدولة وتجسيد مضامينها العادلة والمنصفة لكل اليمنيين.
لا نطلب منهم تمجيدَ ثورة فبراير ٢٠١١م، لكننا بالمقابل نطلب منهم مغادرةَ الماضي، وتجاوزَ حالة العداء لتلك المضامين الجديدة المؤسسة لدولةٍ يمنيةٍ مدنيةٍ، وألَّا يُكَرِّروا خطأَ زعيمهم حين فَتَحَ أبوابَ صنعاء ومعسكراتها وشوارعَها أمام المليشيات الحوثية الزاحفة من جبال ومناطق صعدة وعمران وصنعاء.
مكون "حُرَّاس الجمهورية" أضحى جزءًا من جبهة الشرعية الحاملة لراية الدولة اليمنية الاتحادية. وبما إن غايتَه استعادةُ الدولة ومؤسساتها الشرعية؛ فإن الواجب يقتضي منه فهمَ واستيعابَ مقتضيات مرحلة الانتقال السياسي.
نعم، مرحلةٌ تاريخيةٌ وفاصلةٌ بين ما ساد وما سيكون. وإذا كان رجل الكهف عبد الملك الحوثي قدَّمَ ذاتَه لأتباعه كجمهوريٍّ وكمرشدٍ دون عمامةٍ، تماهيًا مع واقعٍ ضَيِّقٍ بإمامة الآباء والأجداد؛ فإن على الجمهوريين مغادرةَ المساحة الضيقة التي حُشِرُوا فيها، وأن تكون غايتُهم الجمهوريةَ لكل اليمنيين، وليس استعادةَ سلطةٍ سُلِبَتْ منهم.
محمد علي محسن