* عودة جمهوريتي جنوب اليمن وأرض الصومال يخدم أمريكا
* الجنوب دخل بوحدة اندماجية فشلت وحقه استعادة دولته
قال الباحث الأمريكي البارز مايكل روبن في مقال تحليلي نشرته مجلة "ذا الناشيونال سكيورتي جورنال"، إن عودة دولتي جنوب اليمن وجمهورية أرض الصومال لوضعهم السابق كدول "مستقلة" يخدم المصالح الأمريكية والأمن القومي الأمريكي، وأن رفض وزارة الخارجية الأمريكية الاعتراف بمطالب الدولتين سيظل نقطة ضعف في السياسية الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف الباحث الأميركي في مقاله التحليلي: "صحيح أن الخارجية الأمريكية تخشى من دعم مطالب جنوب اليمن وأرض الصومال في الاستقلال خوفا من أن يشجع ذلك الكثير من الحركات المطالبة بالانفصال في دول كثيرة مثل نيجيريا وأثيوبيا وجمهورية الكونغو وحتى في روسيا والصين، لكن الباحث يرى أن هذا التوجه الذي تتبناه الخارجية الأمريكية فيه التباس ويحتاج إلى مراجعة، فهناك فرق بين دول كانت مستقلة ودخلت في وحدة اندماجية مع دول مجاورة وفشلت تجربتها في الوحدة وتريد العودة إلى وضعها السابق كدول مستقلة وبين حركات سياسية تطمح للانفصال عن دولها، وهذا ما تتجاهله الخارجية الأمريكية.
وقال الباحث الأمريكي إن على الخارجية الأمريكية أن تأخذ في عين الاعتبار تاريخ طويل لتجارب دول توحدت وفشلت في اتحادها وقررت "فك الارتباط" وعدد أبرز تجارب "فك الارتباط" بين دول توحدت وفشلت تجاربها في الوحدة وعادت إلى وضعها السابق كدول مستقلة وأبرزها:
الوحدة بين مصر وسوريا في 22 فبراير1958 وتشكيل ما عرف حينها بـ"الجمهورية العربية المتحدة" فبعد نجاح الرئيس جمال عبدالناصر في تأميم قناة السويس، أصبح بطلا قوميا في العالم العربي تمت وحدة فورية بين مصر وسوريا لكن ذلك الزواج لم يدم طويلا ففي 28 سبتمبر 1961 انقلب ضباط الجيش على النظام في سوريا وأعلنوا إعادة الدولة السورية المستقلة.
بنفس السياق قام ما عرف حينها "الاتحاد العربي الهاشمي" بين الأردن والعراق، والذي جاء ردا على اتحاد مصر وسوريا، لكن تلك التجربة في الوحدة الاندماجية سرعان ما فشلت بعدما أطاح الثوار بالنظام الملكي في العراق عام 1958.
ويضيف الباحث "روبن" وفي أفريقيا، رسمت القوى الاستعمارية الحدود مع القليل من الاهتمام بالاختلافات العرقية واللغوي ففي ديسمبر 1950، دعمت الولايات المتحدة الاتحاد بين إثيوبيا وإريتريا. ومرة أخرى، لم يكن ذلك الاتحاد سعيدًا، ففي عام 1991، استعادت إريتريا استقلالها بدعم من الولايات المتحدة نفسها.
ويضيف الباحث: في العام 1981 اتفقت غامبيا بالاندماج مع السنغال في نظام كونفدرالي واتفقت الدولتان على توحيد العملة والجيش والاقتصاد لتشكل ما عرف حينها بـ "سنغابيا الكونفدرالية" لكن تلك المحاولة سرعان ما فشلت وفي عام 1989 قررت غامبيا فك الارتباط عن السنغال والعودة إلى وضعها السابق كدولة مستقلة، وبذات السياق اتجهت العديد من الدول التي دخلت في وحدة مع دول مجاورة إلى " فك ارتباطها" وهو ما حدث مع تيمور الشرقية التي حصلت على استقلالها بعد ربع قرن من الوحدة مع إندونيسيا، وبذات الطريقة استقلت الكثير من الدول بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية اليوم تتمتع بعلاقات دبلوماسية دافئة معها.
وعودة إلى التاريخ الطويل من اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالدول التي قررت "فك ارتباطها" عن الدول التي ذهبت للاتحاد معها نتيجة فشل تلك تجارب الاتحاد غير السعيد فان رفض الولايات المتحدة الأمريكية اليوم الاعتراف بتطلعات شعبي جنوب اليمن وأرض الصومال في فك الارتباط واستعادة دولهم المستقلة يعد حالة " شاذة " لاسيما قد اعترفت في السابق بكلتا الدولتين، فقد هنأ وزير الخارجية الأمريكي تشارلز هيرتر أرض الصومال على استقلالها في عام 1960 واعترفت وزارة الخارجية الأمريكية رسميًا بدولة جنوب اليمن في عام 1967.
ويضيف الباحث: دخلت كلا البلدين في وحدة اندماجية مع دول مجاوره لها فانضمت أرض الصومال إلى المستعمرات الإيطالية السابقة لتشكل "جمهورية الصومال" واندمج الدولتان في شمال وجنوب اليمن بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وشكلا " الجمهورية اليمنية" ومثلما شن الدكتاتور الصومالي سياد بري حملة إبادة جماعية ضد عائلة إسحاق، العشيرة المهيمنة في "أرض الصومال"، عمل الدكتاتور اليمني علي عبد الله صالح منذ فترة طويلة على تهميش "الجنوبيين" في اليمن في سعيه للهيمنة.
ويقول "مايكل روبن" في ختام مقاله: "اليوم، تتفوق كل من أرض الصومال واليمن الجنوبي في الأداء على الحكومات التي تعترف بها الولايات المتحدة، فالصومال هي الدولة الأكثر فسادًا في العالم وملاذًا للتطرف الإسلامي الذي باعت حكومته مصالحها الوطنية ومواردها الطبيعية مقابل الأموال الصينية والتركية. أما أرض الصومال فهي في المقابل دولة ديمقراطية مستقرة متحالفة مع تايوان وتقوم بواجبها في حماية أراضيها من تواجد الإرهابيين، والقراصنة، ومهربي الأسلحة وبينما يعزز الحوثيون سيطرتهم على جزء كبير من شمال اليمن، فإن حكم المجلس الانتقالي الجنوبي في جنوب اليمن يظل الحكومة الوحيدة العاملة في البلاد، وهو من يحكم المنطقة الآمنة الوحيدة في اليمن".
ويشير الباحث الأمريكي في ختام مقاله أنه لا توجد هناك مخاوف مبررة تمنع الولايات المتحدة الأمريكية من الاعتراف بتطلعات شعبي أرض الصومال واليمن الجنوبي من استعادة دولتيهما المستقلة سواء بشكل مباشر أو بعد استفتاء بإشراف دولي، فعلى العكس من الحركات الانفصالية الأخرى، أرض الصومال وجنوب اليمن كانت دول مستقلة معترف بها في الأمم المتحدة ولها حدود وسبق أن اعترفت بها الولايات المتحدة بهما عند استقلالهما، منوها إلى إن الأمن الذي يمكن أن يوفره كلا البلدين في منطقة غير مستقرة سيكون ذا قيمة لا تقدر بثمن لحرية الملاحة الدولية والشحن المستقل ومواجهة تمدد النفوذ الإيراني في اليمن والنفوذ الصيني والتركي في الصومال.