يرى خبراء ومحللون أن سلسلة الإجراءات العقابية التي اتخذتها واشنطن بحق، تمهّد لتحركات أوسع تتضمن إنشاء تحالف دولي لتوجيه ضربات عسكرية رادعة ضدها.
ومؤخرًا، فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على أفراد وكيانات متورطة في تمويل الحوثيين، أعقبتها خطوة أكثر صرامة، تمثّلت في تصنيف الجماعة كـ"منظمة إرهابية أجنبية"، لتعزيز عزلتها السياسية والاقتصادية، في سياق مساع أمريكية "تهدف إلى وقف نمو قدرات الميليشيا وحصارها، قبل انطلاق عملية عسكرية ضدها"، وفق الخبراء.
وكشف القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، تيموثي ليندركينغ، عن نهج جديد تتبعه واشنطن في تعاملها مع الملف اليمني، عبر "تطوير فريق قوي يهتم بالشأن اليمني، ضمن إدارة ترامب الجديدة".
وأكد ليندركينغ، خلال لقائه السبت الماضي، بوفد حكومي يمني في واشنطن، على أهمية زيادة الضغط على الحوثيين بسبب سلوكهم الكارثي على اليمن، مشيرًا إلى أن الوضع في البحر الأحمر "غير مقبول".
وفي ظل المتغيّرات التي يشهدها التعاطي الأمريكي مع الحوثيين وتهديداتهم في البحر الأحمر، مع قدوم الإدارة الجديدة، تشير تقارير دولية إلى رغبة الرئيس دونالد ترامب في التوصّل إلى حل جذري ينهي مشكلة ميليشيا الحوثي واعتداءاتها على الملاحة الدولية، بعد سريان قرار تصنيفها رسميًا، عبر تحالف دولي موسع، مزمع إنشاؤه خلال الأسابيع المقبلة.
التطابق مع داعش
يقول المحلل السياسي، خالد سلمان، إن تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية، "له ما بعده، ويمثّل انعطافة حادة في مسار التعاطي معهم إقليميًا وحتى دوليًا، كطرف سياسي يفاوض ويلتقي بالوفود ويتعاطى دبلوماسيًا مع عواصم القرار".
وأشار سلمان، لـ"إرم نيوز"، إلى أن التصنيف الأمريكي "يحرم الحوثيين من هذه المزايا، ويحشرهم في خانة تتطابق كليًا مع تنظيم داعش، حيث تغلق كل قنوات الاتصال وتُشدّد العقوبات وتجري عملية عزلهم".
وذكر أن واشنطن تتجه إلى الغاء تحالف "حارس الازدهار"، واستبداله بمكون جديد ذي طابع عسكري؛ الأمر الذي سيخرج المواجهة من حالة رد الفعل على هجمات الحوثيين، إلى الفعل المبادر بتقويض أسس قوتهم، وإلغاء حضورهم كليًا من المعادلة السياسية والحرب.
وبحسب سلمان، فإن هذا التوجه الجديد "سيتم تعزيز قانونيته بغطاء دولي يتماهى مع التصنيف الأمريكي، ويسوّغ ضرب الحوثيين دون خشية ردود أفعال الدول الكبرى"، لافتًا إلى أن "زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، تأتي في هذا السياق بهدف تحديد أولويات المواجهة وتوزيع المهام".
وأضاف أن اليمنيين أمام تحد جديد، يتداخل فيه الشأن المحلي بالإقليمي والدولي، "ويدفع بالصراع في اليمن إلى النقطة النهائية، وهو قطعًا لا ينفصل عن صراع أوسع، طرفه إيران، وما بقي من أذرعها في المنطقة، وتحديدًا الحوثيين".
استغلال الفرص
وبدوره، يرى مسؤول المناصرة في مركز واشنطن لحقوق الإنسان بالكونغرس الأمريكي، سيف المثنى، أن نهج التعامل الجديد لواشنطن مع الملف اليمني يعزز إمكانية تحقيق أهداف تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية أجنبية، "كالضغوط الاقتصادية القصوى والعزل السياسي المستمر، فضلًا عن البحث عن إعادة هيكلة الوجود العسكري الأمريكي في البحر الأحمر وخليج عدن".
وقال المثنى، لـ"إرم نيوز"، إن التدخل العسكري الأمريكي في اليمن "لن يكون مباشرًا، إلا في حال استمرار الحوثيين في تهديد الملاحة البحرية والأمن القومي".
وبين أن الشأن الداخلي في اليمن، هو شأن الحكومة المعترف بها دوليًا، والتي عليها استغلال هذه الفرص الأمريكية، بالتحرك العسكري الذي إن حدث سيقابله دعم أمريكي لوجستي وفني.
مصير الحوار
ومن جانبه، أعرب المحلل السياسي، أنور التميمي، عن اعتقاده بأن المتغير الأمريكي الجديد، في ظل الحديث عن خطوات مرتقبة لتشكيل تحالف دولي بقيادة واشنطن لردع الحوثيين، سيكون له تأثير كبير حال شروعه في عمل عسكري حقيقي.
وشدد التميمي، لـ"إرم نيوز"، على أهمية عدم الاكتفاء بممارسة الضغوط السياسية على الحوثيين دون فعل ميداني ملموس، بهدف انتزاع تنازلات منهم.
واعتبر ذلك "بمثابة فتح تغرة لتمكين الحوثيين من تسويق رؤيتهم للحل الذي يتركز في جوهره على إلحاق القوى السياسية بمشروعهم، وإشراكها صوريًا في بعض هيئات الحكم، وبالتالي فإن هذا الأمر مطمح حوثي ولا يتطلب ضغطًا لتحقيقه".
وقال التميمي إن الحديث عن حوار مع الحوثيين، لا يمكن أن يتحقق إلا بعد عمل عسكري يؤدي إلى شلل في قدراتهم العسكرية، ويفقدهم السيطرة على الموارد، ويبعدهم عن الموانئ والعاصمة صنعاء؛ "لأنهم بعد كل هذه الخسائر سيكونون مجبرين على التعاطي بواقعية مع الوضع الجديد".
وأشار إلى أن بقاء الأمر في طور التهديد والوعيد الدولي، أو في حدود الضربات العسكرية المحدودة، "سيخدم الميليشيا الحوثية التي تستخدمها بشكل دعائي، وتقدم نفسها لحاضنتها الشعبية على أنها قوة دولية تواجه قوى عظمى، وهذا الأمر يستهوي كثيرًا المزاج الشعبوي، ليس في اليمن فحسب، بل وفي العالمين العربي والإسلامي".