في ظل تراجع الدولار إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات ومخاوف الركود الناجمة عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها الرئيسيين، لامس الذهب أعلى مستوى له على الإطلاق، اليوم الاثنين، ما دفع المستثمرين إلى التوجه نحو الملاذ الآمن.
فقد ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية 1.99% إلى 3393.00 دولار للأونصة بحلول الساعة 09:49 بتوقيت غرينتش، وصعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب 2.35% إلى 3406.70 دولار.
فيما وصل مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات مما زاد من جاذبية الذهب لحائزي العملات الأخرى، نقلاً عن "رويترز".
وارتفع الذهب الذي عادة ما ينظر إليه على أنه وسيلة للتحوط من ارتفاع التضخم بأكثر من 27% منذ بداية العام.
من جانبه، قال رئيس التشغيل في شركة "سبائك" محمد صلاح، إن أسعار الذهب تواصل تسجيل مستويات قياسية، مدفوعة بعدة عوامل أبرزها ضعف الدولار والصراعات الجيوسياسية والتجارية، مشيرًا إلى أن المعدن الأصفر قد يشهد مزيدًا من الارتفاعات في الفترة المقبلة.
وأوضح في مقابلة مع قناة "العربية Business" أن "الذهب مستفيد في المقام الأول من ضعف الدولار في الربع الأول من العام؛ فقد حقق الذهب حتى الآن ارتفاعات تقارب 30%، منها 10% فقط نتيجة لتراجع الدولار. العلاقة السلبية بين الذهب والدولار واضحة، والذهب يستفيد منها دائماً، لا سيما عندما يكون الدولار متراجعًا بقوة".
عوامل تدعم صعود الذهب
وأضاف: "هناك أيضا عوامل كثيرة تدعم ارتفاع الذهب، منها الصراعات الجيوسياسية، والحروب التجارية التي تصاعدت بشكل كبير، إلى جانب التدفقات الاستثمارية على صناديق الذهب. أعتقد أننا أمام مستويات قياسية جديدة، وقد نشهد وصول الذهب إلى 3500 دولار للأونصة بمنتهى السهولة قبل منتصف العام".
وعن العوامل الداعمة مستقبلاً، قال صلاح: "العوامل كلها مجتمعة موجودة في الفترة القادمة، وكنا قد رأيناها في الفترة الماضية أيضاً. لا يوجد طرف في النزاع التجاري بين الصين وأميركا يريد تقديم تنازلات، ونشهد تصعيدًا جديدًا يوميًا، وآخرها ما يتعلق بالسفن التجارية. في مارس فقط شهدنا تدفقات أموال تقارب 10 مليارات دولار لصناديق الاستثمار".
وأضاف: "البنوك المركزية ما زالت تضيف إلى احتياطياتها من الذهب، فبنك الشعب الصيني يشتري شهريًا بشكل متتالٍ، وإن كان بكميات قليلة بسبب ارتفاع الأسعار الكبير. البنك المركزي الهندي عاد أيضًا للشراء، وإن كان بمستويات منخفضة. وهذا يدل على أن البنوك المركزية مهتمة بالحفاظ على أصولها، خاصة في ظل ضعف العملات".
لن يكون بديل للسندات الأميركية
ورداً على سؤال حول إمكانية تخلي بعض الدول عن السندات الأميركية والاتجاه إلى الذهب كملاذ آمن، قال: "لا أعتقد أن السندات الأميركية ستشهد تخليًا كبيرًا، لأنها تظل من أدوات الملاذ الآمن التي تمنح عائدًا، بينما الذهب لا يمنح عائدًا. صحيح أن الذهب يحقق مكاسب، لكنه لا يحمل صفة العائد كما هو الحال مع السندات الأميركية".
وتابع قائلاً: "أعتقد أن الاقتصاد الأميركي، وبمجرد نهاية الخلافات التجارية، قد يستعيد استقراره. هناك أحاديث داخلية ومؤشرات على محادثات بين الطرفين. الأزمة تبدو كأنها تتم إدارتها سياسيًا أكثر من كونها خلافًا اقتصاديًا عميقًا".
وأشار إلى أن "الذهب لن يستطيع أن يحل مكان السندات الأميركية كملاذ آمن عالمي، لأنه محدود مقارنة بحجم السندات. ولكن الذهب سيستفيد من الضغوط الاقتصادية التي يمر بها العالم، وخاصة في ظل ضغط البيت الأبيض على الفيدرالي، والذي قد يساهم في خفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل في مايو، وهو ما سيؤثر سلبًا على الدولار ويزيد من احتمالية صعود الذهب".
وختم بقوله: "الذهب هو ملاذ آمن، لكنه ليس أداة ذات عائد مثل السندات، وكل من الأصول له خصائصه المختلفة، لكن الذهب يستفيد حالياً من بيئة اقتصادية تدفع المستثمرين نحو الأمان أكثر من العائد".
وفي الأسبوع الماضي، أمر ترامب بإجراء تحقيق للنظر في الحاجة لفرض رسوم جمركية جديدة محتملة على جميع واردات المعادن الأساسية الأميركية، في تصعيد كبير في نزاعه مع شركائه التجاريين العالميين ومحاولة للضغط على الصين الرائدة في هذا القطاع.
أما بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، فارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.1% إلى 32.63 دولار للأونصة، وصعد البلاتين 0.2% إلى 969.20 دولار، بينما انخفض البلاديوم 0.3% إلى 959.20 دولار.
من جانبه، قال رئيس الأبحاث وتحليل الأسواق في مجموعة إكويتي أحمد عزام، إن الدولار الأميركي يواجه ضغوطات عدة ولم يعد الآن ملاذاً آمناً.
وأضاف عزام في مقابلة مع "العربية Business"، أن عمليات بيع سندات الخزانة الأميركية من اليابان والصين تثير قلق المستثمرين وتدفعهم لشراء الذهب.