هل يحمي اللعب بالتراب الأطفال من الحساسية والأمراض المناعية؟

صحة
قبل 19 ساعة I الأخبار I صحة

أظهرت دراسات علمية حديثة أن السماح للأطفال باللعب في التربة قد يحمل فوائد صحية تتجاوز المتعة واللهو، حيث يسهم التعرض المبكر لميكروبات البيئة الطبيعية في تعزيز مناعة الطفل وتقليل احتمالات الإصابة بالحساسيات والأمراض المناعية الذاتية.

وبحسب الباحثين، فإن التفاعل مع الميكروبات الموجودة في التراب يساعد الجهاز المناعي على التمييز بين مسببات الأمراض الخطرة والمواد غير الضارة، وهي عملية حيوية خلال السنوات الأولى من حياة الطفل حين يكون جهاز المناعة في طور التكوّن.

وتلعب مجموعة الميكروبات المعوية، المعروفة بـ”الميكروبيوم”، دورًا أساسيًا في تنظيم مناعة الجسم. ويبدأ هذا الميكروبيوم بالتكوّن عند الولادة، خاصةً في حالات الولادة الطبيعية والرضاعة، ثم ينمو وي diversifies من خلال التفاعل مع البيئة، مثل الحيوانات الأليفة والتربة.

وتستند هذه الرؤية إلى ما يُعرف بـ”فرضية الأصدقاء القدامى” التي طوّرها البروفيسور غراهام روك، والتي تشير إلى أهمية التعايش مع ميكروبات بيئية مفيدة اعتاد عليها الجسم البشري عبر التاريخ. وهي فرضية تُعد امتدادًا لمفهوم “فرضية النظافة” التي تربط بين قلة التعرض للميكروبات وارتفاع حالات الإصابة بالحساسيات.

وقد دعمت تجربة فنلندية هذا التوجه، حيث كشفت أن الأطفال الذين لعبوا في تربة طبيعية مستخرجة من الغابات، أظهروا تنوعًا ميكروبيًا أكبر على الجلد، وزيادة في خلايا مناعية مهمة، مقارنة بأقرانهم الذين لعبوا على أسطح اصطناعية. كما أشارت دراسة سويدية حديثة عام 2024 إلى أن الأطفال الذين نشأوا في بيئات زراعية أو عاشوا قرب حيوانات أليفة كانوا أقل عرضة للإصابة بالحساسية.

في المقابل، ارتبط الإفراط في استخدام المضادات الحيوية والاعتماد المتزايد على الولادات القيصرية بانخفاض التنوع الميكروبي في جسم الطفل، وارتفاع خطر الإصابة باضطرابات مناعية.

ورغم أن العوامل الوراثية تلعب دورًا في تحديد قابلية الفرد للإصابة بالحساسية، إلا أن الخبراء يؤكدون أن التعرض المنتظم والآمن للطبيعة يمكن أن يكون عنصرًا وقائيًا فعّالًا. لكنهم يشددون على ضرورة تجنّب التربة الملوثة التي قد تحتوي على مواد سامة أو طفيليات ضارة.

وبوجه عام، فإن السماح للأطفال بالتفاعل مع الطبيعة واللعب في الهواء الطلق ليس فقط تجربة غنية بالنمو العقلي والجسدي، بل قد يكون أيضًا خطوة علمية مدروسة نحو مناعة أقوى وصحة أفضل.