يعيش سكان مدينة الفاشر في غرب السودان أوضاعًا مأساوية دفعتهم إلى أكل جلود الأبقار للبقاء على قيد الحياة، بعد أن طال الحصار ونفدت المساعدات والمواد الغذائية وحتى أعلاف الماشية التي كانت مصدر غذائهم الأخير.
يقول صالح عبد الله (47 عامًا) بعد ثلاثة أيام من الجوع: “شوينا جلد البقر… وحتى الحطب لإشعال النار كان صعب نحصل عليه.”
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، يعيش السودان واحدة من أكثر مراحله قسوة. وتُعد الفاشر آخر المدن الكبرى في دارفور التي ما زالت خارج سيطرة قوات الدعم السريع.
بعد عام من الحصار، خلت المدينة تقريبًا من كل شيء. توقفت التكايا الخيرية عن العمل بعد نفاد المواد الغذائية، وفق ما أكدته لجان المقاومة المحلية، كما لم يعد السكان يجدون حتى علف الحيوانات الذي لجؤوا إليه كغذاء مؤقت.
الأسبوع الماضي، نشرت لجنة المقاومة في الفاشر مقطع فيديو يظهر فيه سكان يشوون جلود حيوانات على نار خفيفة. وكتبت اللجنة: “هنا الفاشر… الناس اضطروا لأكل علف الحيوانات، ولما خلص ما لقوا غير الجلود القديمة يسدّوا بها جوعهم.”
يقول صلاح آدم (28 عامًا)، وهو طالب نزح من حي أولاد الريف إلى مركز إيواء في حي درجة أولى: “كنت أعتمد على تكية توزع الطعام، لكنها توقفت من ستة أيام. في اليومين الأولين شاركت أسرة وجبة بليلة ذرة بدون ملح… ومن وقتها ما أكلت شيء.”
منذ أغسطس، كثفت قوات الدعم السريع قصفها للفاشر وسيطرت على أجزاء منها. صور الأقمار الاصطناعية التي حللها مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل أظهرت سواتر ترابية أقامتها تلك القوات على امتداد 68 كيلومترًا حول المدينة، مع ممر واحد لا يتجاوز أربعة كيلومترات، يُبتز فيه المدنيون لعبوره.
تسببت الحرب في مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 13 مليون شخص، بينهم مليون من الفاشر وحدها.
إبراهيم عثمان (36 عامًا) غادر المدينة مؤخرًا إلى طويلة، على بُعد 70 كيلومترًا غربًا، بعد أن صمد طويلًا تحت القصف. يقول: “كنت ناوي أبقى مهما حصل، بس الخوف من الموت جوعًا خلاني أغادر، حتى لو الطريق خطر.”
ووفق المنظمة الدولية للهجرة، تراجع عدد سكان الفاشر بنسبة 62%، من أكثر من مليون نسمة إلى نحو 413 ألفًا فقط — معظمهم يعيشون على حافة المجاعة.