عبدالرب السلامي
عبدالرب السلامي

اليمن.. بعد انكسارات المحور الإيراني

أحداث سوريا ولبنان انعكست تأثيراتها على اليمن. الحوثيون باتوا أمام خيارات صعبة: إما الإصرار على الدفاع عن محور منهار، أو التراجع وتقديم تنازلات لصالح الوطن، والدخول في خارطة سلام شاملة لاستعادة الدولة.

 

إيران قد تضحي بذراعها اليمني عند أول صفقة مع الغرب. الحوثيون يدركون ذلك، فهم ليسوا أقرب إلى قلب المرشد من حزب الله، وليست اليمن كسوريا في جسر المحور الإيراني.

 

اهتزاز الثقة بإيران بدأ يتزايد. في صنعاء، أصوات في المجلس السياسي تطرح خيار المصالحة مع قوى الشرعية، وأخرى داخل تيار الهاشمية الزيدية تفضل التقارب مع الجوار العربي، تجديداً لتاريخ العلاقة مع آل حميد الدين. كما أن مرجعيات تقليدية في التيار الزيدي الإرشادي تجاهر برفضها التبعية لإيران.

 

التيار المرتبط بالحرس الثوري، مختلف عن كل أؤلئك، يصر على المضي باليمن في معركة مفتوحة، ولا تزال الحلول الصفرية هي الحاضرة لديه تجاه جميع المبادرات الوطنية. رهانه الوحيد أن العالم سيعترف به في نهاية المطاف، على غرار سيناريو طالبان وهيئة تحرير الشام!.

 

التصعيد في البحر، ودخول إسرائيل المباشر، عقدا المشهد، وأجهضا فرص استعادة الدولة، ووضعا أي تحرك وطني نحو العاصمة صنعاء في موقف محرج؛ إذ لا يمكن لشرعية وطنية أن تعود إلى العاصمة تحت غطاء طيران صهيوني!

 

السعودية وعُمان، البلدان الجاران لليمن، لا يزالان مع خيار الحل السياسي ودعم خارطة الطريق، فإقفال الملف اليمني يمثل أولوية استراتيجية لبلدين لديهما رؤى تنموية طموحة تحتاج إلى محيط مستقر.

 

إذن، نحن أمام مشهد مركب: محور إيراني يتهاوى، وذراع حوثي يكابر، وعدوان صهيوني يخلط الأوراق، وجوار عربي مستمسك بخيار السلام.

 

الشرعية لم تستفد من هذه المتغيرات والفرص بشكل كافٍ، لأسباب عديدة، أهمها: تباين المشاريع السياسية، تعدد المكونات المسلحة، الانقسام تبعاً لأطراف الرباعية الداعمة، استشراء الفساد، وأخيراً الخطاب الإعلامي التفكيكي؛ شمال وجنوب، هاشمية وقحطانية، وثأرية سياسية تستجر صراعات الماضي.

 

معالجة هذه النقاط ضرورة ملحة لإنقاذ صف الشرعية؛ فالفرص الخارجية لا تصنع التغيير ما لم توازيها عناصر قوة داخلية. هذا قانون في التغيير يعلمه خبراء الإدارة، وينبغي أن يلتقطه السياسي الحاذق بالبديهة.