في خطابٍ جديد ألقاه اللواء أحمد سعيد بن بريك خلال فعالية للمجلس الانتقالي، خرج علينا باقتراح عنوانه العريض: “تسمية الدولة الجنوبية القادمة باسم: دولة حضرموت العربية المتحدة، وعاصمتها عدن!”، في محاولة تبدو – بوضوح – كأنها رقصة أخيرة أمام جمهور بدأ يغادر القاعة، أو قشة يتمسك بها الغارق في مستنقع الفشل السياسي والشعبي.
لنضع العاطفة جانبًا، ونتعامل مع ما طُرح بمنطق الواقع:
أولًا: ما الذي يعنيه طرح اسم “دولة حضرموت العربية المتحدة”؟
اسم يبدو للوهلة الأولى كأنه ولِد في لحظة ارتباك… لا جذور له في وثائق نضالية، ولا يحمل أي صدى تاريخي أو شعبي. هو ببساطة محاولة لإعادة تسويق مشروع الانتقالي المنهار في حضرموت، ولكن بطبعة جديدة، تُزيّن الفشل بشعارات “استرضائية”.
فهل يعقل أن “حضرموت”، التي تطالب منذ سنوات بقرارها المستقل، تُستعمل الآن كورقة لشرعنة كيان سياسي فشل في إدارة محافظة واحدة؟
وهل “عدن” ستصبح عاصمة حضرموت، بينما هي نفسها تعاني من انقطاع الكهرباء، والانفلات الأمني، وتكدّس النفايات؟!
ثانيًا: الناس لا تأكل الأعلام ولا الشعارات
الشارع لا يبحث عن “اسم دولة” بقدر ما يبحث عن راتب يصله في موعده، وكهرباء لا تنطفئ كل ساعة، وأمن لا يُباع ويُشترى بحسب الولاءات.
الناس تريد عدالة، ومؤسسات، وخدمات، ودولة لا تقفز كل يوم من اسم إلى آخر كمن يبدّل جلده أمام المرآة.
ما يحدث حاليًا على منصات الانتقالي لا يمتّ بصلة لمشروع وطني، بل هو مجرّد “تهريج سياسي”، ومزايدات لفظية هدفها صرف الأنظار عن الإخفاق المتراكم في الجنوب عامة، وحضرموت خاصة.
ثالثًا: حضرموت ليست ملعبًا لتجارب الفاشلين
إذا كان المجلس الانتقالي فشل في عدن، وفي شبوة، وفي أبين، وفي كل محاولة لفرض مشروعه بالقوة، فليعلم أن حضرموت ليست حديقة خلفية، ولن تكون طوق نجاة لأي طرف سياسي.
حضرموت لها رجالها، ومشروعها، ووعيها، ولن تقبل أن تُستعمل اسمًا تغطي به قوى مأزومة عجزها وتشرذمها.
الخلاصة:
ما طرحه اللواء بن بريك لا يعدو كونه محاولة يائسة لإعادة تعويم الانتقالي تحت عنوان جديد، لكنه عنوان هش، لا يحاكي الواقع، ولا يستند إلى إرادة حقيقية من أبناء حضرموت.
الناس شبعت شعارات، وجاعت للكهرباء.
سئمت المنصات، وتاقت للأمان.
ملّت من تغيير أسماء الدول، وتريد تغيير العقليات التي أوصلتها لهذا القاع.
فلنقلها بصراحة:
حضرموت ليست صالة عرض لمشاريع فاشلة، بل أرض قرار وسيادة، ولن يحكمها إلا من يحترم عقل ناسها، وكرامتهم، وحقهم في العيش الكريم.
اللواء الركن : سعيد الحريري