إعفاء الأمير فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود من قيادة قوات التحالف باليمن، واحالته ونجله للتحقيق مع مسؤولين وضباط آخرين بوزارة الدفاع، قرار تداركي في غاية الأهمية، كونه يكشف عن جدية سعودية في تصحيح مسار التحالف وتصويب معركته باليمن، بعد هذا الاستيعاب المتأخر لجوهر مشكلة اخفاق التحالف وتعثره المتواصل منذ قرابة خمس سنوات، في تحقيق أي انتصار ميداني أوحسم عسكري لأي جبهة مع الحوثيين شمالا، رغم توفر كل الامكانيات المختلفة لتحقيق ذلك، بسبب توغل الفساد المالي لدى كبار أمراء العائلة الحاكمة واستشرائه في وزارة الدفاع التي يقودها ولي العهد نفسه وشقيقه الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع والمسؤول عن ملف المشاورات السياسية لاتفاق الرياض وآلية تسريع تنفيذه بين حكومة الشرعية اليمنية والإنتقالي الجنوبي.
ولعل الإقرار الصريح من القيادة السعودية باقتحام الفساد لوزارة الدفاع التي تعد معقل القوة العسكرية للأمير محمد بن سلمان، كولي عهد ووزير للدفاع، يعد خير دليل على الجدية التصحيحية من قيادة المملكة لمسار التحالف وحرصها من الآن على ضرورة تصويب معركتها المشتركة ضد الحوثيين وتلافي كل الأخطاء السابقة وتفعيل علاقة التحالف ودعمه لكل حلفائه باليمن دون تمييز أوتفضيل للمنهزمين والمتآمرين والاستغلاليين للتحالف،على حساب المخلصين الجنوبيين الأوفياء في حربهم مع المليشيات الحوثية،بدون دعم وتمويل ولا حتى مرتبات للقوات الجنوبية والأمنية المعتصمين لليوم ال٥٢ أمام معسكر التحالف بعدن، للمطالبة بمرتباتهم،دون أي جدوى او تجاوب من التحالف او الحكومة.
ويمكن القول أيضا ان اختيار قائد عسكري محنك من غير العائلة السعودية الحاكمة كالفريق الركن مطلق بن سالم الازيمع، نائب رئيس هيئة الأركان العامة، لتولي قيادة القوات المشتركة للتحالف باليمن خلفا للامير فهد بن تركي المحال للتقاعد والتحقيق، دليل أكثر وضوحا على جدية القيادة السعودية في البحث عن كفاءة قيادية لتولي قيادة التحالف وحرصها على إختيار قائد عسكري مجرب ومشهود له بالحنكة خلال تجربته قيادته لقوات درع الجزيرة بالبحرين،وتعويلها الكبير على قدراته في تصحيح مسار التحالف وتصويب معركته ومراجعة أخطائه وتقييم كل مارافق فترة حربه الماضية باليمن.
ليبقى نجاحه في القيام بكل هذا مرهونا - في تقديري المتواضع- بحجم الدعم المختلف المطلوب ان يحصل عليه وبما لا يقل على الاقل، عن الدعم الذي كان يلقاه سلفه الأمير المقال من منصبه، بتهمة تورطه ونجله عبدالعزيز، نائب أمير منطقة الجوف ب"تعاملات مالية مشبوهة وفساد مالي"،حسب تبرير ديباجة الأمر الملكي القاضي باعفائهما من منصبيهما واحالتهما للتحقيق.
وختاماً هل يمكن القول أن السعودية بدأت معركتها الحقيقية من اليوم ضد الحوثيين باليمن، أم أن التغيير والإقامة لا يمكن أن تؤثر شيئا في مجريات معارك التحالف المتعثرة شمالا، إذا لم تزدها تعثرا بسبب عدم جدية المملكة حقيقة، في تحقيق أي حسم عسكري مع الحوثيين،في ظل معطيات الواقع اليمني المعقد وصعوبات الوضع السياسي والاقتصادي والأمني،المنهار على مختلف الجوانب والاصعدة مايستدعي ضرورة ان تشمل رقعة الاقالات والاحالة للتحقيق والمحاسبة وتحريات لجنة الرقابة ومكافحة الفساد، كل انشطة المسؤولين على الملف اليمني بداية بالسفير آل جابر نفسه ورئاسة اللجنة الخاصة، مرورا بمايسمى إعلاميا بالبرنامج السعودي لاعادة تنمية إعمار اليمن وصولا إلى مركز الملك سلمان للإغاثة وقيادة قوات التحالف بعدن.
#هل_بدأت_السعودية_حربها_الحقيقية_باليمن #لن_ينجو_احد_من_الفساد #ماجد_الداعري