"إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا”..
”الزمن” هو الوحيد الذي يمارس فعله على حياة الانسان بموازاة هذه المسئولية دون تصادم معها، وبما يبقي هذه المسئولية القوة التي تستقيم معها الحياة ..
يسرق الزمن منا مكونات الحياة بطريقته التي يتعملق فيها كلما تقادمت بالمرء السنين ، لكنه وهو يسرق ، فإنه يقبل التسوية لاستعادة جزء مما سرق باستخدام العلم كوسيلة للتسوية . فإذا سرق جزءاً من بصرك مثلاً فإنه يقبل التسوية التي لا يخسر فيها سطوته ولا يخسر فيها المرء بصره . العلم هو القوة التي يقف أمامها الزمن حسيراً ومسلماً بأن الانسان وهو يقاومه بالعلم جدير بأن يقبل معه التسوية.
غير أن لهذه التسوية محدداتها التي تستنفد عندها عناصر التسوية فعاليتها أمام حتمية النهاية.
وإذا كان الزمن بسطوته الهائلة يقبل التسوية مع الانسان ، في استجابة منطقية لحقيقة أن العلم جعل من تأثير الزمن عنصراً متغيراً في معادلة الحياة ، فإن الانسان هو المدمر الأكبر للحياة.. والدليل على ذلك أنه يوظف العلم في اتجاهين متناقضين في آن واحد ، فنفس المنتج العلمي الذي يستخدمه لمقاومة فعل الزمن لمصلحة الانسان ، فإنه يستخدمه لتدميره ، وفي هذا الإستخدام التدميري فإنه لا يقبل التسوية ، ويكون الانسان بذلك السارق الأشد قسوة للحياة.
الزمن يأخذ الحياة على نحو متدرج ، واثناء ذلك يقبل بتسويات مذهلة ، أما الانسان فإنه يأخذها دفعة واحدة ، ويسجل بكل نرجسية وبلادة أنه منتصر .. بئس الانتصار .