هل تفضل أن تكون مواطناً أم " متسيداً" ؟
الجواب : اذا كنت تفضل أن تكون مواطناً ، فهذا يعني أنك مستعد للتفاهم مع بقية المجتمع على بناء دولة المواطنة بالاستناد إلى قاعدة المساواة أمام القانون . يعني أنك مستعد لأغلاق ملف الحرب والصراعات الدموية ، وأن كل ما تطمح إليه هو سلام يتيح لك الحياة والأمن والعدل واحترام حقوقك في العمل والترقي والحكم واختيار اسلوب حياتك ، وربما طريقة موتك .
أما إذا كنت تصر على أن ترى نفسك "متسيداً" ، على أي نحو كان ، فهذا يعني أنك مصمم على أن تغرق هذا البلد في الحروب والصراعات ، وأن السلام بالنسبة لك هو أن يقبل بك المجتمع " متسيداً" ، وأن المجتمع بالنسبة لك هو حشد من الرعية ، وأن الدولة هي صولجان السلطة والتسلط ، وأن القانون هو ما يصدر عنك من تعليمات .. أي انك باختصار مشروع حرب دائم .
الذين تقمصوا " التسيد" من مواقع مختلفة ومن منطلقات متنوعة ، كانوا وسيظلوا دعاة حرب ، ينتصرون تارة ، ويهزمون تارة أخرى . والبلد الذي يتقلب في رداء " التسيد" ، ولا يستطيع الانتقال إلى قيم المواطنة لا يمكن له أن يستقر وينعم بالسلام ، لأن هذا النظام الاجتماعي لا يعترف بالحقوق الطبيعية والسياسية للانسان ، وتحميه قوى غاشمة ، تتفق على حمايته وتختلف وتتصارع على الظفر بقيادته .
التاريخ السياسي لليمن في جانب كبير منه هو صراع " التسيد" للظفر بقيادة المجتمع : سلالات بدم أزرق ترى أنها متميزة عن غيرها من الشعب بالحسب والنسب والأحقية في الحكم ، وجاهات اجتماعية فشلوا في أن يكونوا سادة أنفسهم فتورطوا في" تسيد" مجتمعاتهم عبر حروب أفسدوا بسببها قيام الدولة ، وغيرهم ممن قادوا الثورات عبر الانقلابات العسكرية لم يستوعبوا حقيقة أن بناء الدولة يبدأ بانشاء نظام صحيح للمواطنة فاتجهوا نحو " التسيد" بالمعنى الذي جعل منهم مجرد مقلدين لأسوأ نماذج "التسيد" التي انتجتها التجارب التاريخية لهذه المجتمعات .
هذا السؤ ال هو ما يجب ان تكون الاجابة عليه واضحة لنعرف ما إذا كنا قريبين من السلام الذي يحقق الاستقرار الدائم لبلدنا .
سؤال بسيط ، لكن الإجابة عليه معقد بقدر ما في تاريخنا من حكايات .
ومع ذلك فإن الاجابة عليه هي بيت القصيد في معادلة السلم والحرب .