أقلام حرة
أقلام حرة

في دوري (الشوكة والسكين) التاريخ يتوقف عند فحمان.. خطط (ناولوني الصابونة) تقصي أحلام الكبار!

كتب/ عبدالله الصعفاني

بعد سنين من غياب دوري كرة القدم، كانت جماهير الأندية والمنتخبات اليمنية تُمنِّي النفس بمشاهدة منافسات دوري أندية الدرجة الأولى في مدن يمنية أُخرى، خارج التسييس وخارج اختلاق الأعذار، أو على الأقل تمكينهم من المتابعة عبر الشاشة التليفزيونية، لكن لا الدوري أقيم كالدوريات، ولا الشاشة التليفزيونية غطّت، ولا الانترنت حضر.

 

* وتوقع عشاق كرة القدم أن يتحقق النقل التليفزيوني مع بلوغ المربع الذهبي وصعود أندية الأهلي والوحدة صنعاء.. صقر تعز وفحمان أبين.. لكن مساعي النقل فشلت حتى في المباراة النهائية التي جمعت الزعيم الصنعاني الوحدة وذئاب علة في محافظة أبين، النادي الريفي الذي فجر أقوى المفاجآت في تاريخ الدوري اليمني وانتزع البطولة على بساط جدارة الفوز المستحق، ملحِقًا الخسارة بقطبي العاصمة صنعاء بقوة البأس والشكيمة ودهاء مدرب لا حدود لطموحاته.

 

* طلبت قناة حضرموت مبلغ 12 ألف دولار نظير تأمين النقل التليفزيوني المباشر لنهائي البطولة، ورأى اتحاد الكرة في الشرط مبالغة، لتفشل المفاوضات، وتغيب البدائل، وتقام تفاصيل نهائي الدوري بطريقة (ياراقصة في الظلمي ما حد يقول لك ياسين..)

 

* والغريب أن جماهير كرة القدم، وتحديدًا مشجعي الأندية الأربعة، فشلوا حتى في المتابعة على أجهزة الراديو لتبقى نتيجة المباراة النهائية متعثرة متلعثمة في الذبذبات البائسة، وهي مناسبة للتذكير بالمعروف عالميًّا من أن الأندية والاتحادات الأهلية هي من تحصل على عوائد النقل التليفزيوني للمباريات، وليس العكس، ولكن من قال بأن التقاليد أو حتى النظريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية قابلة للتطبيق في بلاد فيه كل هذه الأنواع من القات والسلاح والأحزاب والتكتلات.

 

* والغريب أن اتحاد اللعبة الذي يمتلئ رصيده بدولارات الدعم الدولي، لم يتكيف مع الظروف الخاصة للقنوات الفضائية اليمنية في زمن الحرب، فاستكثر مبلغ النقل الفضائي، ولم يبحث عن البديل لتنحبس أحداث النهائي ومراسيم تكريم فرسان الذهب والفضة والبرونز وأسماء النجوم والألقاب داخل ملعب سيئون الأولمبي، ويكتفي عشاق كرة القدم والأندية بالاطلاع على ما جرى من إثارة ومنافسات ومفاجآت بطريقة (اهدي سلامي وتحياتي)، رغم أننا في زمن إعلامي تنقل فيه الكاميرات نقاط عرق اللاعبين ومشاعرهم الخفية وأبسط الذرات المتطايرة من عشب ملعب المباراة.

 

* وحيث وشر البلية ما يضحك، فقد وضعت نفسي قبل أن تبدأ مباراة النهائي في موقع الباحث عن مشاهدة تتحقق فيها إثارة المتابعة لما سيقدمه حصان البطولة نادي فحمان أمام وحدة صنعاء المطرز بنجوم المنتخبات الوطنية الذين التحقوا به قاطعين مهمتهم مع المنتخب، لكن المتابعين لم يشاهدوا من المنافسة سوى عبارات بليدة وبائسة على نحو (انتظرونا لا تذهبوا بعيدًا..

 

سنعود بعد قليل.. أين الصورة.. أين الصوت.. كل شيء ضائع من المصدر.. إننا نرى لاعبين كالنمل، فلا نستطيع التفريق بين رأس وقدم.

 

المصور معصوب العينين، وعدسته شاردة باتجاه المدرجات حتى صرخ متطوع.. أين الملعب يا جِنِّي.. ليكتفي معلق عراقي حاول الاستفادة من المناسبة بضم متابعين جدد لموقعه، فإذا هو يشكي ويبكي، ولسان حاله: (لا تنسوا المشاركة في قناتنا)، وطبعًا لم يسمعه أحد، فأيّ بث يمكن الحديث عنه غير بث الهموم والأحزان.

 

 

 

أقطاب المربع الذهبي في سطور

 

* كان أبرز وأجمل ما قدمه دوري مجموعتي سيئون وعتق هم لاعبو فحمان.. النادي الريفي الذي لقَّن كبار المرشحين للبطولة دروسًا في الصلابة وقوة البأس والشكيمة تحت قيادة مدربه الحاذق محمد حسن البعداني، وتوقف يالتاريخ..أمامك ذئاب عله.. فرسان القدرة على إثخان الكبار بالجراح.. معكِّرًا مزاج أندية شدت الرحال إلى ملعب الخليفي، وملعب سيئون، تحت ألقاب الزعيم والامبراطور والصقور، لكنها تحولت إلى أرانب مستأنسة أمام ذئاب أبين الأبطال الذين حققوا البطولة بلا بيوت تجارية داعمة، وبلا مخدات نوم أو وسادات التاريخ، فأجبروا القاصي والداني على أن يبارك لهم البطولة.. بطولة الدوري وبطولة الأقوى هجوًما، والأكثر ثقة وطموحًا.

أما لو تطلّب الحال فتح باب الأسئلة حول بعض الأندية المهمة في عناوين، فلا يجب نسيان اختصار الحكاية والرواية في هذه السطور.

 

* وحدة صنعاء.. رمى بثقل امتلاكه رئيس نادٍ بمواصفات عاشق اهتم بالمبنى، فخذله اللاعبون على محك المعنى وأهدروا فرصة عودتهم إلى الزعامة… فشل الوحدة مع مرتبة الخيبة، ودموع الوقت الضائع.

 

* من جانبه ذهب أهلي صنعاء إلى المنافسة تحت ضجة (يا صنعاء دوري دوري.. الأهلي بطل الدوري)، فلم يرجع بأكثر من دعوة لتعمير البوري.. ولكن يبقى وجود أقراص النحاس في خزانة أهلي صنعاء الممتلئة بالكؤوس خير من التدحرج مع أندية خردة الحديد؛ أملاً في إعادة التدوير.

 

* صقر تعز… راهن محبوه على إمكانية ضرب موعد له مع البطولة بخلفية استناده إلى بيت تجاري بمنهجية إدارية، فإذا بالكنز عبارة عن صناديق متداخلة، لا تفضي إلا إلى قطعة من فحم، وشيء من أمل في انتعاشة لم ينفع معها إقصاء مدرب تمنى لخلفه النجاح، ولم ينسَ أن يرفع لافتة (ولا لي دخل)، مشيرًا إلى أن الخلل ربما يكون في الماصورة الأم.. ووقع شعب إب في ذات المعالجة بتغيير المدرب، فلم يطل على أكثر من البقاء مع الكبار ببركات النفس الأخير.

*وماذا عن أندية أخرى عريقة مثل شعب حضرموت وبقية قائمة الاكتفاء بسقط المتاع..؟

لا شيء سوى أنها أكدت انتماءها إلى زمن اللعب بالشوكة والسكين، والاكتفاء من التقليد والمحاكاة بتسريحات الشعر.. وأنا هنا ناولوني الصابونة..!

ليكون النادي المثير للإعجاب والمفاجأة هو فحمان أبين، بطل الدوري وفارس الذهب، وليكون لقب الوصيف وميداليات الفضة من نصيب وحدة صنعاء، والميداليات البرونزية للأهلي صنعاء..

ودائمًا.. لا عزاء للمترهلين. 

 

*ناقد رياضي يمني.