محمد علي محسن
محمد علي محسن

مصائب شعب..

حين سئُل الراحل المشير عبدالله السلال عن حال صنعاء بعد عودته من منفاه فأجاب : ذهبت والعرشي يَعمِر - يبني ويشيّد - وعدت والعرشي يَعمِر .. بالطبع قصد الراحل عبد الكريم العرشي ، عضو مجلس الرئاسة في دولة الوحدة ،وقبلها كان رئيسًا لمجلس الشورى ..

 

لا أعلم ماذا كان سيقول وهو يشاهد حالنا الآن ، الرئاسة تَعمِر ، والحكومة تَعمِر ، والجماعة الحوثية تَعمِر ، والانتقالي يَعمِر ، فالجميع شغَّال قرعة ، ولا وقت لديهم ، يبنون وطنهم الخاص بهم ، وعلى أشلاء وخراب وطنهم .

رئاسة متفرغة في تعيينات بالدولار ، وفي بزنس مقاولات تجارية ، فلم يسلم منها حتى الإغاثة الإنسانية ، أو غذاء الجيش الذي مُنح مقاولة للمقربين من حاشية الرئيس . 

رئاسة شغالة قرعة في تعيينات بالسفارات والملحقيات والشركات ، المهم الوظائف التي تدفع مرتباتها بالدولار .

والحكومة جالس رئيسها يُكلِّف ويُعيِّن ويقترح اسماء من أصحاب الحظوة والقرابة والنفوذ ، فهذا يقترحه وكيلًا لوزارة في الهواء كي يستلم له مثل عباد الله الصالحين بالدولار ، وذاك يرتب له وضعًا في الخارج أو يخترع له وظيفة مستشار أو خبير أو مدير ، المهم يلحق له ويستلم بالدولار .

 

الإنتقالي لم يقصِّر صراحة ، فهذا قائدًا وذاك مستشارًا وذاك وكيلًا أو ممثلًا وهات يا بي هات . 

المطوع السلفي الذي كان واعظًا في الجامع ، شاءت مكارم الأشقاء ومغانم الحرب أن ترفعه لوزير ،وذاك سارق القات أو الماشية أو قاطع السبيل صاروا اليوم حماة الديار واصحاب سطوة ونفوذ .

أمَّا الجماعة الحوثية فلا يماثلها حتى الشيطان في سلوكها أو أباطيلها أو استحواذها على الوظيفة والمال العام ، فهذا الراعي يقلِّد مهدي المشَّاط رتبة فريق ، مرة واحدة يا عيني عليك يا بلد ، فحتى الرتبة العسكرية صارت تهدأ مثل دبة عسل او تخزينة قات من سوق الحصبة ..

 

الله يرحم المشير عبدالله السلال الذي قضى عمره كله وإلى أن بلغ ارفع رتبة عسكرية ، ومع أنه كان من أوائل المبتعثين للدراسة العسكرية في العراق وخدم في عهد الإمامين الظالمين يحيى وأحمد يا جناه ، ومن ثم قاد ورفاقه الضباط الأحرار ثورة وجمهورية إلى أن أطيح به سلميًا في ٥ نوفمبر ١٩٦٧م ؛ هناك من استكثر عليه رتبة المشير .

بينما عاق والديه الولد " مهدي المشاط " ظفر بها في لحظة ، وبلا أي ضوابط أو إحترام ، نط الخبير من شخص عادي نكرة إلى القصر الجمهوري وإلى رتبة فريق .المهم نزلت عليه ليلة القدر بينما كان يتضرع لسيده عبد الملك بن رسول الله .

 

ليس المهم ان تكون مؤهلًا أو نزيهًا أو خبيرًا ، فمثل هذه المعايير ليست في قاموس هؤلاء ، إنما يتوجب عليك أن تكون منافقًا أو صعلوكًا أو قاتلًا أو لصًا يشار له بالبنان ، وحذاري أن تكون قائدًا سابقًا أو لديك سيرة ذاتية تؤهلك لوظيفة رفيعة ، فهذه ستكون وبالًا عليك .

 

فمن أراد أن يكون له حظوة ومكانة فأول شيء أن يكون جاهلًا ، وثانيًا يكون متعصبًا في مولاته ، وثالثًا أن يكون متحمسًا جدًا للبطش والقتل ، ورابعًا وهذا المهم أن يكون لصًا وقحًا بحيث يسرق المليون والعشرة دون يرفل له جفن ، بحيث يشيَّد العمارة او يبيع الغذاء والدواء والغاز بطرفة عين ..

 

تصدقوا بالله أن وكيلًا مثَّل اليمن في مؤتمرات دولية وأعطى انطباعًا جيدًا عن الشرعية النائمة في الفنادق ، وهذا الوكيل يتقاضى مرتب نازح في عدن ومقداره ٨٣ الفًا ؛ استكثروا عليه مرتبًا أسوة بالوكلاء والمستشارين الذين حلَّت عليهم نعمة الرئاسة والحكومة بينما الواحد منهم لا يضاهي شيئًا من قدرات الوكيل النازح الذي يتحدث أربعة لغات أجنبية .

 

ووصلت تفاهة القائمين على شؤون هذه البلاد التعيسة أنهم لا يكلفون أنفسهم الرد على الرسائل الواردة لهم من الخارج أو الوزارات والهيئات والمؤسسات ، فجُلّ همُّهم في ألماهيات والمكافئات والهبات ، أو أنهم يستكشفون وظائف شاغرة في هذه الشركة أو المؤسسة أو الديوان أو السفارة .

 

بالله عليكم كيف ستنتهي الحرب قريبًا والخبرة جالسين يتشاركون البلاد ويوزعون مواردها ووظائفها على أتباعهم ومواليهم وأقاربهم ..

 

محمد علي محسن