يا أبي لاتسافر .. هذا الطريق لا خط رجعة له ..
قلتُ ..
و اختفى في الظلام..
........
يا أبي مد لي شاسعا من فؤادك
فأنا في البوادي البعيدة من طرف ثوبك..
صرت شريدة..
وأنا في حكاياتك الخضر لم ألقى نفسي..
إنني يا أبي كالمساء يمضي وحيدا..
تصاحبني خطواتي الوئيدة..
يا أبي كيف غادرت دارك
و من فمك الأغنيات كانت تسيل!!
و صوتي على شدوك العابق كان يسافر ..
وكان لصمتي هواك الدليل..
يا أبي بيتنا حيث أشعلت نارك ساكن ..
غير انّا يا أبي ما سكنا ..
أشعلوا النار في الجوار فغبنا ..
انت وحدك يا أبي حيث كنا ..
ليت هذي العيون التي لم تنم ..
على صدرك الحاني ياحبيبي تنام ..
هذه جنة من اغان تزف الينا السلام ..
جباهك ياوالدي لم تخنا ..
إنا بها نستحث الغمام ..
علها تمطر .. سوف تمطر ..
غيث روحك والأماني العظام..
........
ياأبي لاتسافر هذا الطريق لا خط رجعة له .. قلتُ ..
واختفى في الظلام..
.......
ياابي لون عينيك بحر لا جزر له ..
مدنا بالحقيقة إن الحقيقة كنز..
و صوت الحقيقة كنز
و صمت الحقيقة نار ..
مدنا بالحياة فموت خفي يلف المدينة ..
هل رأيت المدينة ليلا !!
اه من صمت اهل المدينة ..
إنهم يصرخون بلا صوت.. ياوالدي
إنهم خفية يضحكون..
يا أبي مات أهل المدينة .. مذ غادرتنا خطاك..
غيلة هلك الحب ..
و انسحبت كل الشوارع خلفك ..
تلملم حبات خطوك وتنثرها في مداك..
مات أهل المدينة يوم توقف حكيك..
فهلا سردت الحكايا ..
علّ البراعم تزهر
و علّ الطيور السجينة يوما تطير
و علّ أزيز خفي من باطن الأرض يخبو ..
و علك يا والدي تستعيد الطريق ..
تسامر في الأمسيات الصحاب و تضحك ..
و تشرب كأسا من البن ليلا و تضحك..
و تصحو على زقزقات الطيور و تضحك
علّ قلب المدينة يضحك..
علّ صوت البكاء يخف..
علَّ ذاك الشراع المسافر يوما يعود ..
و العروسة لا تصحو في الصبح ثكلى..
و علّ قلب المهاجر ليلا ينام .
..........
يا أبي لا تسافر.. قلتُ ..
و ضاع الصدى كالغريب في الأقاصي البعيدة..
غيَّب صوتي الظلام..