لقد بتناء نسمع ونقرأ ان وزارة الخدمة المدنية والتامينات في حكومة الشرعية انتهت من وضع اللمسات الاخيرة لاحالة اعداد كبيرة من موظفي الجهاز الحكومي المدني والعسكري للتقاعد الذين بلغوا احد الاجلين تنفيذا لقانون الخدمة المدنية وهناك تململ واعتراض من قبل ممن احيلوا للتقاعد .
لكن وبنظرة موضوعية وحتى سياسية فإن من الحكمة والانصاف تاجيل هذا الاجراء الى حين تتوفر ظروف سياسية واقتصادية ومعيشية مستقرة.عندها تكون الحرب قد وضعت اوزارها ودخلت البلاد في مرحلة سلام واستقرار عدا ان اصلاح الخدمة المدنية على نحو يقيني ومنصف لايمر عبر الاستعجال في احالة من بلغ الاجلين للتقاعد ولكن يتم كاولوية من خلال تصفية الخدمة المدنية في جازة المدني والعسكري من الازدواج الوظيفي الذي يكبد الدولة موارد ضخمة سنويا.
ان عدم نجاعة قرار اجراء احالة موظفي الدولة الذين بلغوا حد الاجلين للتقاعد في الظروف الراهنة تنفيذا لقانون الخدمة المدنية يعود الى انه لايحقق الانصاف ويحرم الموظف المحال للتقاعد من الفرصة البديلة التي كان سيحصل عليها في ظروف توفر الاستقرار الا قتصادي والمعيشي. ويحرمهم من العديد من الفرص فيما لو تم تقاعدهم لاحقا في ظل وجود دولة مستقرة مسؤولة وراعية لشعبها ونمو اقتصادي مستدام .
للاسف انه باحالة موظفي الدولة للتقاعد في هذا الظر ف نكون قد اخذنا شكليا قانون التامينات الاجتماعية بعين الاعتبار ونسينا الجوهر وهذا لايعتبر نجاحا يمكن ان يحسب لقيادة الخدمة المدنية والتامينات الاجتماعية رغم جهودها التي نثمنها لانه اجراء يمكن القول انه منفصل عن الواقع لاننا تركنا جانبا اخذ طبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد اقتصاديا وسياسيا ومعيشيا عند تنفيذ هذا الاجراء.
فكيف لنا ان نقرر اجراء عملية التقاعد باعتبارات القانون في ظل فقدان النقود لاكثر من ٣٠٠% من قيمتها وحتى لو منحنا المتقاعد قبل احالتة للتقاعد علاواتة السنوية القانوتية فهذا لايعوضه عن المزايا التي كان سيحصل عليها لو تقاعد في ظل الاستقرار السياسي والاقتصادي والمعيشي الذي يمكن ان يترتب على استقرار اسعار الصرف . وهنا سنحرم المتقاعد من الحقوق والمزايا التي كان سيحصل عليه بمافي ذلك مايترتب على حرمانة من مايمكن الحصول عليه في تنفيذ استراتيجية الاجور مستقبلا والتي كان مستحق لها سابقا وحرمته من الوصول اليها ظروف الحرب والازمة الاقتصادية .
المشكلة ان هيئات التقاعد سواء تعلق الامر بالهيئة العامة للتامينات والمعاشات او المؤسسة العامة للتامينات تعاني هي الاخرى في هذه الظروف صعوبات وتحديات مالية ضخمة لاتستطيع معه تحمل تكلفة معاشات المحالين للتقاعد .لان مالديها من اموال واصول نقدية تآكلت بفعل التضخم عدا عن ديونها الضخمة التي لدى الدولة التي استثمرتها في اذون الخزانة الحكومية. يضاف لها تحديات ترتبط بتعدد جهات الاشراف التي نتجت عن الانقسام السياسي وبذلك فإن تفعيل عملية التقاعد لمن بلغوا احد الاجلين في هذه الظروف سيؤدي الى دفع المتقاعدين الى المجهول في غياب الاستقرار و اليقين والموارد ..
واريد ان اذكر الجهات ذات العلاقة وحكومة الشرعية ان الاستعجال في احالة الموظفين الى التقاعد الذين بلغوا احد الاجلين في واقع وظروف قتصادية ومعيشية وسياسية غير مواتية سيجعل من العملية شبيهه بتلك التي جرى من خلالها احالة الالاف من الموظفين في الجنوب الى التقاعد بعد حرب 1994 رغم فارق المبررات والاسباب والذين حرموا لاحقا من استراتيجة الاجور والرواتب وما ترتب على ذلك من اضطربات سياسية قادها المتقاعدون وتحركت ككرت الثلج على اثر حرمانهم من المزايا التي حصلوا عليها موظفي الدولة لاحقا .
د.يوسف سعيد احمد