بعض السياسيين في بلادنا مثل ذلك الرجل الجاهلي الذي كان يصنع لنفسه صنما يعبده من التمر ثم إذا جاع أكله..
وهؤلاء يصنعون لأنفسهم شعارات يسمونها مبادئ وثوابت، ويضحون بأبناء الشعب من أجلها، ثم إذا جاعوا في منتصف الطريق باعوها وأكلوا ثمنها!
خذ هذه الأمثلة:
الأول: كان يرفع شعار (الجمهورية أو الموت)، ثم في لحظة انتقام باع الجمهورية وجيش الجمهورية وعاصمة الجمهورية للإماميين؟!
والثاني: كان يرفع شعار (الوحدة أو الموت)، ثم في لحظة تخبط سياسي تحول إلى قاطع طريق يدعو للتقسيم ويرفع أعلام سلطنات ما قبل الاستقلال؟!
والثالث: كان يرفع شعار (الإسلام هو الحل)، ثم في لحظة تخبط فكري صار يرفع شعار (عثتر هو الحل)؟!.
والرابع: كان يرفع شعار (الأممية البروليتارية) ثم صار اليوم متقوقعا داخل كيان القرية ومشروع القرية، وتحول قلمه الأممي التحرري إلى قلم تمزيقي مأجور؟!
وهناك خامس وسادس.. وستظل هذه الظاهرة تنتج نفسها في بلدي مادامت بواعث وجودها قائمة، وهي في نظري لا تتعدى أحد سببين رئيسيين:
الأول: أن بعض تلك الشعارا لا تستحق أن توصف بالثوابت، فهي مجرد قضايا سياسية قابلة للاجتهاد.
والثاني: أنها ثوابت حقا، ولكن بعض الذين تصدروا لحملها لا يستحقونها!
وبالتالي فإن العلاج لهذه الظاهرة يمكن حصره بأمرين اثنين: إعادة تعريف الثوابت وفق مرجعية فكرية جامعة منضبطة، ثم إعادة بناء الروافع السياسية برجال يقدمون المبدأ على المنفعة الذاتية.
وبدون هذين الأمرين ستظل دماء شعبنا تنزف، وستظل أصنام التمر تنصب وتباع وتؤكل!