د. أنيس عبدالله شعفل
د. أنيس عبدالله شعفل

الأتمتة… ضرورة ملحّة لدعم كفاءة القطاعات والخدمات 

يشهد العالم تحولًا رقميًا متسارعًا نتيجة التطور الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو تحول جعل الأتمتة أحد أهم الاتجاهات الحديثة في تطوير الأعمال وتحسين جودة الخدمات ورفع كفاءة المؤسسات. وفي سياق التحديات الاقتصادية والإدارية التي تواجه العديد من القطاعات في بلادنا، يبرز مفهوم الأتمتة كخيار استراتيجي قادر على إحداث نقلة نوعية في بيئة العمل، سواء من حيث تقليل الجهد والوقت أو من حيث تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمجتمع.

تُعرَّف الأتمتة بأنها استخدام أنظمة وأدوات قادرة على تنفيذ المهام المتكررة بشكل تلقائي، مما يقلل الأخطاء البشرية ويخفف العبء الإداري. و مع توسّع استخدام منصات التشغيل الآلي التي تعتمد على واجهات بصرية سهلة الاستخدام ، أصبح من الممكن إنشاء أنظمة ذكية دون الحاجة إلى خبرة تقنية متقدمة،  وهو ما يتيح لمؤسسات بلادنا إمكانية تبني حلول عملية تساهم في تطوير أسلوب العمل وتحسين الأداء المؤسسي.

تبرز أهمية الأتمتة في قدرتها على رفع الإنتاجية وتسريع إنجاز الإجراءات اليومية، ما ينعكس مباشرة على كفاءة العمل ويخفف الضغط على الكوادر الإدارية والفنية. كما تسهم الأتمتة في تعزيز دقة العمليات وتقليل الهدر في الوقت والموارد، و هو ما يمثل إ ضافة نوعية لقطاعات حيوية في بلادنا مثل الصحة والتعليم والخدمات المالية والإدارية. ويستفيد الشباب كذلك من توسع مجالات الأتمتة ، حيث تمنحهم هذه التقنيات فرصة الاندماج في سوق العمل الإقليمي والدولي، في ظل الطلب المتزايد على مهارات التشغيل الآلي وبناء الأنظمة الذكية دون كود، وهو ما يمكن أن يشكل مصدر دخل جديد للكثير من العاملين المستقلين ورواد الأعمال.

ولا تقف أهمية الأتمتة عند المؤسسات الكبيرة، إذ تمثل فرصة مهمة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في بلادنا. فبإمكان أصحاب الأعمال أتمتة عمليات الجرد، وإدارة الطلبات، وتنظيم التواصل مع العملاء، ما يساعدهم على تقليل التكاليف التشغيلية وزيادة القدرة التنافسية. كما تنعكس فوائد الأتمتة على المنظمات الإنسانية والجهات الخدمية، التي تعتمد بشكل كبير على إدارة البيانات وإعداد التقارير وتحسين التنسيق بين فرق العمل، وهي مهام يمكن للأتمتة أن تُنجز بكفاءة أعلى ووقت أقل.

وقد ساهم ظهور منصات -أدوات اتمتة- متخصصة في تقليص الفجوة التقنية، حيث تتيح هذه الأدوات إنشاء تدفقات عمل متكاملة دون الحاجة لكتابة أي كود، فضلًا عن قدرتها على ربط العديد من التطبيقات والأنظمة ضمن مسارات عمل ذاتية التشغيل. وهذا يجعل تبني الأتمتة خيارًا و اقعيًا للمؤسسات في بلادنا، حتى مع محدودية الموارد أو غياب البنية التقنية المتقدمة .

إن إدماج الأتمتة في مؤسسات بلادنا يمثل خطوة محورية نحو التحول الرقمي، ويساعد على تجاوز الكثير من التحديات المتعلقة بإدارة الوقت والموارد . كما أن نشر الوعي المجتمعي بأهمية هذه التقنيات يساهم في توسيع فرص الابتكار وخلق بيئة أكثر قدرة على مواكبة التطور العالمي . وفي ظل استمرار التغيرات التقنية السريعة، أصبحت الأتمتة اليوم ضرورة ملحّة لا يمكن تجاهلها،  بل أداة أساسية في تطوير الخدمات، وتحسين كفاءة المؤسسات، وتمهيد الطريق نحو مستقبل أ كثر استقرارًا وإنتاجية في بلادنا.