أمجد خليفة:
يوم في ذاكرة تاريخي يُضاف إلى التواريخ السنوية التي أنتظرها بفارغ الصبر لمَ تحمله من أهمية كبرى بالنسبة لي، 5/5/2015م سُيخلد في ذاكرتي مدى الحياة ولن يمحى من تقويمي حتى تنزع روحي من جسدي، كيف لا وقد نحته في صخر تقويمي بأسطر من ذهب، فقد لوح الموت ضفافه أمام ناظري وشاهدته قريباً جداً من أن تنتهي حياتي الدنيوية والعيش في الحياة البرزخية التي تعد أولى مراحل حياة الآخرة، فلا أخفيكم سراً أني قد تمنيت أن يحدث كل ما ذكرته آنفاً وأن تختم حياتي لأنها كانت خاتمة حسنة تمهد لحياة سعيدة هانئة أبدية، وذلك لأنني سأموت شهيداً في سبيل الله، وكلنا نعلم علم اليقين ما قد أعده الله تبارك وتعالى للشهداء في جنات النعيم.
أتذكر هذا اليوم جيداً بكل تفاصيله ولحظاته وثوانيه، فلم يمر مرور الكرام كباقي أيام الحرب التي شهدته مدينتي عدن من اجتياح المتمردين لها، فأصابتني رصاصة بمدينة كريتر في حارتي شارع الملك سليمان "الهريش"، من قبل أحد قناصيهم، لم أكن الأول في قائمة الجرحى ولم أكن الأخير، فقد اخترقت رصاصاتهم أجساد رجال ونساء وأطفال وشيوخ قبلي وبعدي، ودمرت مدافعهم مباني ومساكن عدن.
في ظهر ذلك اليوم أول مرة أذوق فيها احساس أن تخترق رصاصة جسد انسان، فاخترقت جسدي وسببت لي كسر في الحوض، بسببها سبعين يوم تلقيت العلاج فيها لأعاود مرة أخرى الوقوف على قدماي الحمد لله، أربعين يوماً منها قضيتها في مستشفى "أطباء بلا حدود" الذين بذلوا جهوداً جبارة لمعالجتي فلهم الفضل بعد الله عز وجل لبقائي حياً، لست لوحدي فقط بل وللكثير من جرحى الحرب في عدن والمحافظات المجاورة لها.
رأيت روعة أبناء عدن وما عملوه لإسعافي وتقديم تضحيات جميلة من أناس يعرفوني وآخرين لم يروني من ذي قبل ولا يعرفوني، ولكن بوادر الخير التي فيهم دفعتهم لصنع المعروف دون النظر إلى الشخص الذي يقوم لأجله بذلك، ومع كل الناس تم ذلك، فليس بالغريب على عدن وأبنائها، عمل الخير والمعروف وتقديم المساعدات للجميع فذلك في جينات العدني مغروسة في ذاتهم.
أتقدم بالشكر أولاً وأخيراً لله عز وجل.
شكراً "أمي وأبي".
شكراً "أخوتي وزوجتي".
شكراً "أهلي وأقربائي"
شكراً "أصدقائي وصحبتي".
شكراً "مستشفى #أطباء_بلا_حدود".
شكراً "لكل إنسان قدم لي يد العون وهو لا يعرفني ولا أعرفه ولن ألتقي به مرة أخرى وساعدني في لحظات لم أعلم أنه ساعدني وذاكرتي لم تسعفني حتى أن أتذكره".
شكراً "#عدن".
#عدن_انتمائي
#أمجد_خليفة