محللون: بوادر فوضى تلوح في الأفق وسط حالة الانسداد السياسي بالسودان

عربي ودولي
قبل 3 سنوات I الأخبار I عربي ودولي

يرى محللون سياسيون أن حالة انسداد الأفق السياسي التي يعايشها السودان منذ أكثر من شهرين، مع تصاعد الاحتجاجات في الشارع، قد تقود إلى حالة من الفوضى، لا سيما مع تعدد الميليشيات المسلحة في البلاد.

 

وتفاقمت حالة الانسداد السياسي في السودان، مع تمسك رئيس وزراء الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك، بالاستقالة من منصبه، بعد لقاء مع قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان حميدتي، مساء الأحد، بحسب مصادر متطابقة في السودان.

وقالت المصادر إن حمدوك ”أصبح محبطا أكثر من أي وقت مضى، وفشلت كل محاولاته لإنقاذ الوضع السياسي من الانهيار مع تمسك الأطراف بمواقفها وعدم وجود أي بوادر لحل الأزمة السياسية“.

 

ويأتي عزم حمدوك على الاستقالة بعدما عجز لأكثر من شهر عن تشكيل حكومة متوافق عليها من كفاءات مستقلة نتيجة انقسامات القوى السياسية وتصاعد الاحتجاجات الرافضة لوجود المكون العسكري في السلطة.

 

ودخل السودان في هذه الأزمة عقب قرارات قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، التي أعلن خلالها حالة الطوارئ، وحل الحكومة المدنية، ووضع رئيس الوزراء قيد الإقامة الجبرية، واعتقال عدد من الوزراء في الحكومة المحلولة والقادة السياسيين.

 

ورغم أن البرهان وحمدوك وقعا على ”اتفاق سياسي“ في 21 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عاد بموجبه رئيس الوزراء إلى منصبه، وأطلق سراح الوزراء والقادة السياسيين المعتقلين، إلا أن الاحتجاجات في الشارع لم تتوقف واستمرت ترفع شعارات ”لا تفاوض لا مساومة لا شراكة“.

البارود والدم

ويرى الباحث في مركز الخاتم عدلان للاستنارة، أبو هريرة عبد الرحمن، أن البلاد ”باتت قريبة من فصل البارود والدم في ظل انتشار الميليشيات المسلحة والجيوش غير النظامية وتشتت القوى السياسية وعدم التفافها على ميثاق موحد“.

وقال أبو هريرة في حديث لـ“إرم نيوز“، إنه ”لا بد من مساومات وتقديم تنازلات من جميع الأطراف لإخراج البلاد من حالة الانسداد التي وصلت إليها“.

 

وأوضح أن حمدوك ”يمثل المنطقة الوسطى بين كل الفاعلين السياسيين على المستوى المدني والعسكري والحركات المسلحة ولجان المقاومة، وإذا ذهب فسيصعب إيجاد منطقة وسطى يمكن أن تلتقي فيها هذه الأطراف، ما يقودها حتما إلى المواجهات“، بحسب قوله.

ورأى أن ”غياب حمدوك عن المشهد سيفتح شهية الانقلابيين للاستيلاء على السلطة ويعود بالقوى المدنية إلى نقطة الصفر في المقاومة“.

وأضاف: ”هنالك تحشيد في الشارع لكن لا توجد قيادة مع غياب الاتفاق على الحد الأدنى بين القوى السياسية.. هذه مشاكل لا بد أن تحل، لأن المؤسسة العسكرية إذا أرادت تسليم السلطة للمدنيين فلا يوجد مركز موحد لهم“.

وذكر أن ”الاختلاف بين المدنيين وعدم اتفاقهم على برنامج واحد، يفتح الباب أمام عودة أنصار النظام القديم من الإسلاميين إلى المشهد لأن الطبيعة لا تقبل الفراغ“، وفق تعبيره.

كما توقع ”أبوهريرة“ أن تشهد المؤسسة العسكرية ”نزاعا داخليا، يتمدد إلى الحركات المسلحة الموقعة على السلام، ما يجعل أيادي الكل قريبة من زناد البنادق“، مشددا على أنه ”لا بد من استيعاب الحركات في برنامج مرضٍ سياسيا وأمنيا حتى لا تنفجر الأوضاع“.

ويوجد في السودان حاليا حوالي 5 حركات متعددة القيادة في انتظار إخضاعها لعملية الترتيبات الأمنية من أجل التسريح والدمج في القوات المسلحة السودانية، بحسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا للسلام.

وتمتلك كل من الحركات المسلحة الخمس، قوات منفصلة، تحت قيادة رؤسائها المشاركين في السلطة على مستوى مجلسي السيادة والوزراء والولايات.

وكانت الحكومة السودانية قد وقعت في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، اتفاق جوبا للسلام في السودان مع الجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة في إقليم دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

مشروع سياسي جديد

ويحذر المحلل السياسي، عز الدين دهب، من أن ”حالة الانسداد السياسي والفراغ الحكومي التي تشهدها البلاد لأكثر من شهرين مع انعدام بوادر الحل، تنبئ بكارثة سياسية قد تعيشها البلاد في مقبل الأيام“.

وقال دهب في حديث لـ“إرم نيوز“، إن ”الوضع الآن أقل ما يوصف بأنه في غاية التعقيد، نتيجة الفراغ السياسي، رغم اتفاق البرهان وحمدوك الذي كان يتوقع له أن يقود البلاد في طريق المصالحة“.

 

وأشار إلى أن من السيناريوهات المتوقعة ”وقوع انقلاب عسكري يعصف بالفترة الانتقالية إلى ما لا يحمد عقباه، أو العنف الذي يقود إلى حرب أهلية“، بحسب رأيه.

ودعا إلى ”ضرورة فتح أبواب الحوار بين القوى السياسية وتغليب مصلحة البلاد، لتجنيبها حالة الفوضى والعنف المسلح والانقلابات العسكرية“.

وأضاف: ”دون تحرك عاجل للتوافق وإنتاج مشروع سياسي جديد يغلب مصلحة البلاد على الأيدلوجيات وإعلان حكومة متوافق عليها، فالخيارات كارثية“.

خريطة طريق

 

من جهته، يرى المحلل السياسي خالد الفكي، أن ”الخروج من الأزمة الراهنة في السودان يكمن في العودة إلى الوثيقة الدستورية التي نصت على الشراكة بين المكونيين المدني والعسكري“، مستبعدا خروج العسكريين من السلطة استجابة لمطالب الشارع الرافض للشراكة.

واعتبر الفكي في حديث لـ“إرم نيوز“، أن ”شعار لا شراكة لا تفاوض لا مساومة الذي ترفعه الاحتجاجات، هو ضمن خيارات وسقوف التفاوض وتحقيق مكاسب جديدة للمدنيين بعد الشعور بتمدد العسكريين في الدولة“.

واعتبر أن ”المخرج يكون في توافق كافة المكونات العسكرية والمدنية على خريطة طريق تحفظ للجميع حقوقهم وتضع معايير وأسسا لممارسة سياسية راشدة تقوم على قواعد استكمال إجراءات التحول الديمقراطي وبنيان هياكل مدنية الدولة“.