تمثل بداية العام الجديد فرصة جديدة لتقليل استخدامنا للأجهزة الذكية، والتقليل من أخذها معنا أينما ذهبنا حتى إلى دورة المياه. وفي تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" (WSJ) الأميركية، تطرقت الكاتبة جولي جارغون لعدد من الطرق التي من شأنها أن تُمكنك من اتباع عادات صحية عندما يتعلق الأمر باستخدام التكنولوجيا. فمثلا، يمكن لكل فرد من الأسرة تقييم مدة استخدامه للتكنولوجيا ومشاركة النتائج مع البقية. كما أن إعدادات وقت الشاشة على أجهزة آبل وأندرويد تساعد على احتساب وقت الشاشة لكل أسبوع.
دع الأطفال يضبطون الوقت حسب الخبيرة في تربية الأبناء سوزان غرونر، فإن وضع قواعد بشأن استخدام التكنولوجيا يكون أكثر نجاحًا عندما تشارك الأسرة بأكملها في صنع القرار. وهي ترى أنه من الأفضل جعل الأطفال يراقبون بأنفسهم الوقت الذي يقضونه على الشاشة. اسأل أطفالك عن مدة ونوع وقت الشاشة الذي يريدونه، وكيف يخططون لمراقبته. ثم دعهم يديرونه بأنفسهم لمدة أسبوع. بعد ذلك، حاول معرفة ما الذي نجح وما الذي فشل في خطتهم، وهل تمكنوا من إنجاز واجباتهم المدرسية وممارسة بعض الأنشطة الأخرى والحصول على قسط كاف من النوم، وهل تمكنوا من مراقبة الوقت أو لابد من وضع منبه؟
قد يستغرق نجاح هذه الإستراتيجية بضعة أسابيع، ولكن الخبيرة غرونر تؤكد أن هذا النهج يعلم دروسًا مهمة في إدارة الوقت. ومن المرجح أن يتبع الأطفال القواعد التي ساعدوا في وضعها.
اتفقوا على استخدام الأجهزة الذكية؟ يمكن أن يساعد وجود قواعد متسقة، حول التوقيت والمكان المناسبين لاستخدام الأجهزة الذكية، على تجنب حدوث مشاكل. فعلى سبيل المثال، إذا وافقت الأسرة على عدم وجود هواتف على طاولة العشاء أو بغرف النوم ليلا، فلا جدال حول ذلك. من جهتها، قررت سوزان أريكو، المرشدة في مجال الرفاهية الرقمية، التوقف عن إدخال هاتفها معها إلى الحمام مؤكدة أنها من خلال هذه الخطوة تريد تحدي الشعور بضرورة بقاء الهواتف بحوزتنا طوال الوقت. التنافس على تقليل وقت الشاشة يقول كريس فلاك الشريك المؤسس لشركة "آنبلاغ" الاستشارية للصحة الرقمية "إذا كانت عائلتك تتمتع بروح المنافسة، فاستفد من ذلك لتقليل وقت الشاشة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتحدى الآباء أنفسهم للتخلي عن ساعتين في الأسبوع من تصفح إنستغرام، بينما الأطفال يقللون من استعمال تيك توك بنفس المقدار. ومن ينجح في تحقيق هذا الهدف يحصل على بيتزا، أما الخاسرون فيحصلون على شطائر.
خصص وقتًا للأنشطة غير التقنية لا يكفي التعبير عن رغبتك في قضاء المزيد من الوقت بالهواء الطلق أو قراءة الكتب، ولابد من تخصيص وقت لذلك وجعله جزءًا من روتينك اليومي. يمكنك تخصيص وقت للنزهات العائلية أيام العطلات أو القراءة معًا.
بنك الوقت من أجل تحقيق بعض القرارات، مثل تخصيص وقت أكثر للقراءة، يمكن اتباع طريقة التحفيز. فعلى سبيل المثال، وتحكي الكاتبة أن إحدى صديقاتها تخطط لجعل أطفالها يحسبون عدد الساعات التي يقضونها في أداء الأعمال المنزلية والقراءة، ثم تخصيص نفس القدر من الوقت للعب بالأجهزة الذكية. تغييرات يومية صغيرة إذا بدا لك قضاء يوم كامل، من دون استخدام أحدث الأجهزة الذكية، أمرًا صعبًا للغاية، فعليك اتباع سياسة التدرج في تقليص الوقت المقضي على الشاشات. فمن شأن تقليل استخدامك للتكنولوجيا بمعدل ساعتين يوميًا لمدة عام كامل أن يجعلك تستعيد شهرًا كاملاً من حياتك. ضع في اعتبارك الاستغناء عن الساعة التي تقضيها في التحقق من الأخبار بالصباح، والساعة التي تقضيها في تصفح إنستغرام بالسرير ليلاً (يكون ذلك أسهل من خلال الحرص على عدم وجود هاتفك بغرفة نومك). أنشطة بديلة ربما تريد تحسين جودة الوقت الذي يقضيه أطفالك أمام الشاشات، وليس التقليل منه. إذا كان أطفالك يشاهدون عددا لا يحصى من مقاطع الفيديو على تطبيق تيك توك أو يوتيوب، فاجعلهم يشاهدون محتوى ترفيهيا تعليميا. حيال هذا الشأن، تقول نيكول روسون، مؤسسة "سكرين تايم كلينيك" (شبكة تضم مدربين بالصحة الرقمية) "إذا كانت البرمجة أقل جاذبية، سيتجهون لقراءة كتاب". أثناء مشاهدة فيلم يمكن أن تساهم مشاهدة الأفلام في لمّ شمل العائلة، لكن إلقاء نظرة خاطفة على الهاتف مثلا أثناء عرض الفيلم سيكون له نتائج عكسية. يوضح فلاك أن "وجود أجهزة على مرأى البصر أثناء التفاعلات الشخصية يقلل من جودتها" سواء كان الهاتف قيد التشغيل أو مغلقا. لهذا السبب، يقترح فلاك الاحتفاظ بالأجهزة في غرفة أخرى أثناء مشاهدة فيلمك المفضل.
تجنب منصات التواصل تشير مرشدة الرفاهية الرقمية إلى أن بدء يومك، دون التحقق من تويتر وإنستغرام، سيساعدك على مزيد ضبط النفس في استخدام منصات التواصل الاجتماعي. ابحث عن بديل ليس عليك أن تكون متصلا بالشبكات الاجتماعية طوال الوقت للبقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة. يمكن أن يساعدك الانتقال إلى استعمال التطبيقات البديلة لمشاركة الصور أو الشبكات الاجتماعية الأصغر، على أن تكون في منأى عن الصخب والتجاذبات السياسية التي تحدث على المنصات الكبرى. لضبط وقت الشاشة قم بتفعيل خاصية "عدم الإزعاج" على هاتفك خلال الأوقات التي تريد فيها التركيز على أنشطة أخرى أو النوم. في الهواتف التي تعمل بنظام التشغيل "آي أو إس 15" أصبحت هذه الخاصية جزءًا من إعداد جديد يسمى "فوكيس" يسمح لك بالقيام بأكثر من مجرد إسكات إشعارات كل التطبيقات. كما تسمح لك هذه الخاصية باختيار بعض الأشخاص أو التطبيقات التي تريد تلقي إشعارات خلال الأوقات التي تكون فيها جميع التطبيقات الأخرى صامتة. كما يمكنك استخدام إعدادات هاتفك لتقييد الوقت الذي تقضيه على التطبيقات التي تدمنها بشكل أكبر.
بدلاً من الرسائل النصية لا تبعث رسالة نصية تلقائيا عندما تريد التواصل مع شخص ما، لا سيما من أفراد الأسرة، فالرسائل المتبادلة تستنزف مزيدا من وقت التعرض للشاشات، وتفتقر إلى مشاعر التواصل، وعادة يتجاهلها المراهقون. لذلك قد تصبح المكالمات الهاتفية بديلا جيدا ومختصرا للتواصل مع الأبناء إذا كانوا خارج المنزل، في حين تصبح الرسائل النصية الورقية بديلا مثاليا لتذكير الأبناء بمهامهم داخل المنزل. ويعد التواصل المباشر بين أفراد الأسرة أفضل طريقة لاستعادة العلاقات الأسرية المفقودة بسبب عزلة الهواتف.