تناولت الصحف العالمية الصادرة صباح اليوم الخميس، أهم القضايا والملفات على الساحة الدولية، وجاء في مقدمتها الأزمة الأوكرانية وسط تحذيرات من أن الغزو الروسي المحتمل لكييف سيضعف شعبية الرئيس فلاديمير بوتين ويجعل موسكو أكثر عزلةً من الناحية السياسية، وأكثر تضرراً عسكرياً.
كما سلطت الصحف الضوء على آخر مستجدات المحادثات الجارية في العاصمة النمساوية فيينا والرامية إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وسط تقارير تتحدث عن ”صفقة بلا فائدة“ بالنسبة لمنتقدي الاتفاق.
إضعاف شعبية بوتين
اعتبرت مجلة ”فورين أفيرز“ الأمريكية، أن قرار غزو أوكرانيا سيكون غير مرض للشعب الروسي الذي يشعر بقلق واسع النطاق بشأن الاقتصاد ووباء كورونا، وربما يؤدي مثل هذا التصرف إلى إضعاف شعبية الرئيس بوتين وفقدانه الدعم الذي تلقاه عام 2014 عندما اتخذ قرارا بضم شبه جزيرة القرم.
وقالت المجلة الأمريكية إنه من خلال العديد من المؤشرات واستطلاعات الرأي الأخيرة، فإن الروس، بمن فيهم أولئك الذين يدعمون بوتين بشكل عام، متناقضون بشدة بشأن الصراع مع أوكرانيا، حيث يخشى الكثير من العواقب الاقتصادية الوخيمة؛ وبالنظر إلى الدور الذي تلعبه أوكرانيا في الثقافة والتاريخ الروسيين، يخشى البعض من أن الحرب قد ترقى إلى مستوى ”محاربة روسيا لنفسها“.
وأضافت المجلة في تحليل لها: ”بالنسبة لبوتين، الذي يطمح لإعادة انتخابه في غضون عامين، فإن هذه المخاوف الداخلية ليست بسيطة، وإذا دخلت روسيا في حرب طويلة الأمد في أوكرانيا، فقد تهدد القاعدة الشعبية العريضة التي اعتمد عليها بوتين لأكثر من 20 عامًا“.
وتحت عنوان ”الأزمة الاقتصادية القادمة“، ذكرت ”فورين أفيرز“ في تحليلها: ”ظاهريًا، يبدو أن العديد من الروس يدعمون موقف الكرملين العدائي تجاه الغرب، لكن في الواقع وجد استطلاع للرأي أن العديد من الروس عبروا عن التعب من كونهم في حالة مواجهة مستمرة مع الغرب وأوكرانيا، وكان الدافع وراء هذا القلق العميق هو الشعور السائد بأن روسيا قد تواجه قريبًا تكاليف اقتصادية واسعة النطاق من تلك المواجهة“.
وأشارت المجلة إلى أنه حتى دون حرب فعلية، فإن توقعات الناتج المحلي الإجمالي والتضخم لروسيا لعام 2022 ”كئيبة بالفعل“.
وقالت: ”إنه في الأسابيع الأخيرة، أدت المواجهة مع الغرب إلى إضعاف الروبل (العملة الروسية)، الذي ظل مستقرًا نسبيًا العام الماضي، وألحق أضرارًا بأسواق الأسهم الروسية، مما أثر على الأسواق المالية العالمية“.
وتحت عنوان ”الخوف من إراقة الدماء“، سلطت المجلة الأمريكية الضوء علي قضية أخرى تؤرق الشعب الروسي، وقالت: ”إن الشاغل الأكبر للعديد من الروس بشأن الحرب في أوكرانيا هو طبيعة الصراع“.
واختتمت ”فورين أفيرز“ تحليلها بالقول: ”كما هو الحال مع الحرب في أفغانستان، يشعر الكثير من الناس بالقلق من أن الحرب في أوكرانيا من غير المرجح أن تكون بلا دماء، وهم يخشون على أولادهم وأسرهم، حيث إن أوكرانيا توجد في الجوار مباشرة.. وعلى الرغم من أن العديد من الروس لديهم روابط عائلية مع الأوكرانيين، إلا أنهم لا يشاركون بوتين وجهة نظره بأن الأوكرانيين والروس هم نفس الأمة“.
في سياق متصل، رأت مجلة ”ناشيونال إنترست“ الأمريكية، أن اندلاع حرب كبرى في أوكرانيا سيجعل روسيا أكثر عزلةً من الناحية السياسية وأكثر تضرراً عسكرياً، مع توتر القوات بالفعل بسبب الانتشار في أماكن أخرى لردع التهديدات في القوقاز وآسيا الوسطى وسوريا وعلى الحدود الصينية، كما اعتبرت أن بوتين يخاطر برد فعل سياسي محلي إذا كانت الخسائر الروسية كبيرة في هذه الحرب.
وأضافت المجلة في تحليل لها: ”والأهم من ذلك، أن أي تصادم عسكري بين الناتو وروسيا سيحدث في ظل خلفية تصعيد نووي. وحتى دون التهديدات الصريحة من قبل حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو روسيا للاستخدام النووي، فإن المواجهة العسكرية المباشرة تفتح الباب أمام النوايا الخاطئة، والتصعيد الخاطئ، ودوامة الصراع التي تفلت من سيطرة صانعي السياسة“.
تدابير بريطانية
ذكرت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية أن المملكة المتحدة وضعت ألف جندي على أهبة الاستعداد للانتشار في أوروبا الشرقية إذا نشبت أزمة لاجئين بسبب أي غزو روسي لأوكرانيا، وذلك قبيل زيارة مقررة لرئيس الوزراء، بوريس جونسون، إلى مقر ”الناتو“ وبولندا اليوم.
ووفقاً للصحيفة، حذر مسؤولون بريطانيون من خطر حدوث ”كارثة إنسانية“ إذا قامت روسيا بغزوها، وذلك بعد تحذيرات أمريكية مماثلة من احتمال حدوث نزوح هائل لما يقرب من 5 ملايين شخص، مع احتمال دخول اللاجئين إلى بولندا.
وأشارت إلى أن المخاوف من أن أي غزو روسي قد يؤدي إلى أزمة لاجئين كبيرة تشغل بال القادة الغربيين بشكل متزايد، حيث تحشد موسكو حوالي 135000 جندي على حدود أوكرانيا وفي بيلاروسيا المجاورة.
وكانت بريطانيا قد وافقت على إرسال 100 مهندس إلى بولندا للمساعدة في تأمين حدودها الشرقية في ديسمبر الماضي، وقالت في وقت سابق من الأسبوع الجاري، إنها ستبدأ في إرسال 350 من مشاة البحرية الملكية الأخرى كإظهار للتضامن مع قيام ما يصل إلى 30 ألف جندي روسي بإجراء تدريبات مشتركة مع بيلاروسيا.
ووفقاً للصحيفة، عرضت المملكة المتحدة أيضًا نشر مدمرة من النوع ”45“، ونشر سفينة دورية بحرية من طراز ”HMS Trent“، في شرق البحر الأبيض المتوسط، وإرسال طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني إلى جنوب أوروبا، ومضاعفة 900 جندي متمركزين في إستونيا كجزء من مجموعة قتالية موجودة في ”الناتو“.
وأوضحت ”الغارديان“ أنه ستتم مناقشة العرض بين جونسون والأمين العام لحلف ”الناتو“، ينس ستولتنبرغ، كجزء من خطط أوسع للتحالف العسكري لإرسال المزيد من القوات إلى أوروبا الشرقية.
صفقة بلا فائدة
ذكرت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية، أن منتقدين لإحياء الاتفاق النووي الإيراني في الولايات المتحدة يقللون من أهمية الصفقة ويرون أنها لن تقدم سوى القليل من الفوائد لواشنطن وحلفائها، ولا تستحق التسويات التي ستقدمها أمريكا والقوى العظمى لطهران.
ويأتي ذلك فيما استؤنفت المفاوضات المتأنية بشأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 في فيينا الثلاثاء الماضي، حيث قال مسؤولون أمريكيون وإيرانيون إن الاتفاق قد يكون في ”متناول اليد“.
ورأت الصحيفة الأمريكية، أن التقدم الذي حققته إيران منذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق في 2018 قد قوض مكاسب المفاوضين الغربيين، الذين كانوا يسعون جاهدين لضمان عدم اقتراب إيران من تطوير سلاح نووي.
ونقلت عن مسؤولين أمريكيين سابقين قولهم: ”إن إحياء الصفقة يمكن أن يبقي الإيرانيين على مسافة آمنة من الحصول على يورانيوم كافٍ لصنع قنبلة لمدة ثماني سنوات أخرى أو نحو ذلك، لكنهم شددوا على أنه دون اتفاق قد يستغرق الأمر أسابيع أو حتى أياما“.
وذكرت ”وول ستريت جورنال“، أنه بينما يقول مؤيدو الاتفاق إن إعادة الصفقة من شأنها نزع فتيل الأزمة المتصاعدة وإعطاء الولايات المتحدة مزيدًا من الوقت للرد إذا اختارت إيران تصعيد برنامجها النووي، يجادل المنتقدون بأنها لن تؤدي إلا إلى ”تأجيل يوم الحساب“ لأن إيران تستخدم تخفيف العقوبات لبناء قوتها العسكرية.
ورأت الصحيفة أنه من دون استعادة اتفاق، تبدو إيران مستعدة لتوسيع نطاق عملها النووي، وتقترب أكثر من القدرة على إنتاج سلاح نووي وخلق أزمة لإدارة بايدن، التي تواجه بالفعل تحديات ضخمة في السياسة الخارجية، بما في ذلك مع روسيا بشأن أوكرانيا.
تلميح إيراني
في غضون ذلك، اعتبرت صحيفة ”الإندبندنت“ البريطانية، أن إعلان إيران عن تطوير صاروخ جديد بعيد المدى قادر على الوصول إلى خصمها إسرائيل، تهديد صريح للدولة اليهودية والولايات المتحدة على حد سواء، وذلك بعد أن وصفته طهران بأنه ”صاروخ جديد خفيف الوزن يعمل بالوقود الصلب وذاتي الحركة ويبلغ مداه 1450 كيلومترًا (900 ميل)، وهو أكثر من كافٍ للوصول إلى إسرائيل من أي نقطة في غرب أو وسط إيران“.
وذكرت الصحيفة أن إيران سبق أن هددت في وقت سابق بأن ترسانتها قادرة على الوصول إلى إسرائيل، التي وجهت لها تحذيراً بالصواريخ التي أطلقت خلال مناورات عسكرية في ديسمبر الماضي، وكذلك قواعد أمريكية في المنطقة، استهدفت إحداها في العراق قبل عامين.
وأضافت ”الإندبندنت“: ”إذا كانت مواصفاته المعلنة دقيقة، فإن الصاروخ سيمثل شيئًا من الاختراق التقني. وحتى الآن، كانت ترسانة إيران من الصواريخ البعيدة المدى القادرة على الوصول إلى إسرائيل والشرق الأوسط الأوسع تعمل بالوقود السائل، ما يعني أنها أقل قدرة على الحركة وأكثر عرضة للضربات الجوية وتتطلب وقتًا أطول للتحضير وتكون أقل دقة بشكل عام“.
ونقلت عن محللين سياسيين قولهم: ”إن توقيت الكشف عن الصاروخ في الذكرى الـ 43 للثورة الإيرانية هو رسالة إلى خصوم إيران بطريقة ما. وفي نقطة أخرى، إنه يظهر أن إيران قطعت شوطًا طويلاً في برنامجها الصاروخي المحلي“.