”لسنا لصوصا.. نحن مهجرو حرب“.. عبارة ترددها إينغريد بافال البالغة 61 عاما، لثلاث مرات متتالية دون أن يفهمها أحد، ثم تحاول شرحها بإنجليزيتها الركيكة لكن دون جدوى.
تنتظر إينغريد بافال قرار الشرطة التي استُدعيت إلى مركز تسوق، لمجرد سماع امرأة وابنتها تتحدثان بلغة غير الهنغارية.
بعدها يعتذر عناصر الشرطة من ”إينغريد“ وينصرفون بعد التأكد من إقامتها الأوكرانية.
بهذه القصة بدأت إينغريد سرد تفاصيل عدم ارتياحها من المكوث في هنغاريا (المجر)، وأضافت ”لا ألوم السيدتين اللتين استدعتا الشرطة عند سماعي أتحدث بالأوكرانية، لأن الشعب المجري لم يألف وجود الأجانب الذين لا يظهر عليهم ملامح السياح في بلادهم“.
وأضافت الأوكرانية المنحدرة من مدينة خاركوف ”لم أتعرض لأي موقف عنصري، ولم تقصّر الجمعيات الأهلية معي هنا، لكن الامتيازات التي تقدم في الدول الأخرى أفضل“.
لم تقدم الكثير وتمثل قصة إينغريد معاناة معظم اللاجئين الأوكرانيين في هنغاريا، والناتجة عن عدم اعتياد الشعب المجري على وجود اللاجئين في بلدهم، وعدم تحدثه بلغة غير الهنغارية.
حتى الحكومة الهنغارية لم تقدم الكثير للاجئين الأوكرانيين، وألقت العبء الأكبر على عاتق المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني.
من جانبها، قالت باولا يريفين البالغة 37 عاما لـ“إرم نيوز“: ”سأسافر قريبا إلى بولندا لأن الحياة هناك أفضل من حيث فرص العمل وتقبل المجتمع وكثرة عدد الأوكرانيين“.
ولجأت يريفين إلى المجر لأنها الأقرب إلى مدينتها لفيف، وقالت ”لم أتعرض لأي عنصرية في المجر، وأشكر الحكومة والشعب على ما قدموه، لكن حياتنا ستكون أفضل في الدول الأخرى“.
وضربت يريفين مثالا على ذلك بالقول ”في ألمانيا وبولندا، أصبح في كل دائرة تخص الأجانب مترجما يتحدث الأوكرانية، كذلك بعض الشركات أبدت استعدادها لتوظيف الأوكرانيين بشكل خاص“.
وعن المجر، تقول المهندسة المعمارية باولا ”هي ليست من الدول الغنية، وتعاني كثيرا من الحرب، كما أن أبناءها ليسوا معتادين على رؤية اللاجئين، لذلك علينا البحث عن مكان أفضل، لأننا لا نعلم متى ستنتهي هذه الحرب“.
السياسة حاضرة تؤكد بعض التقارير الصحفية أن التقارب الروسي – المجري حال بشكل أو بآخر من تقديم الدعم الحكومي للأوكرانيين بالوتيرة الأوروبية ذاتها.
وقال أرتيم آرثور (18 عاما)، وهو أيضا أوكراني لاجئ في المجر ”أخوض بعض النقاشات في الكنيسة والنادي الرياضي وأشعر بتحيز نسبة كبيرة من المجر إلى الروس، وتأييد علاقات بلادهم المتحالفة مع روسيا“.
وعن ارتياحه في المجر، قال آرثور ”لقد قدموا إلينا كل شيء، ونحن ممتنون لهم، لكنهم دائما في حالة ارتياب من الأجانب، لا يعاملونهم بعنصرية، لكنهم يشعروننا بتلك الريبة“.
ويعتزم آرثور السفر إلى السويد لمتابعة دراسته، ويقول ”الجامعات التي تدرّس بالإنجليزية قليلة في المجر، لذلك أنوي السفر ودراسة القانون الدولي في ستوكهولم، كما إن إجراءات الحماية هناك أفضل“.
مغلقة أمام الأجانب ومنحت كل دول الاتحاد الأوروبي، الحماية المؤقتة لجميع الفارين من الحرب في أوكرانيا، إلا أن المجر استثنت الأجانب القادمين من أوكرانيا رغم امتلاكهم إقامات أوكرانية سارية المفعول.
لذلك وبحسب بيانات المعابر الحدودية المجرية، فإن معظم اللاجئين الذين وصلوا إلى المجر سافروا بعد ذلك إلى بلدان أخرى بمن فيهم العرب والأجانب.
وهنا قال تيمور أرمنازي (25 عاما) “ قضيت 5 أيام في المجر فقط، ثم سافرت إلى ألمانيا، لأن الحكومة الهنغارية لم تعاملنا معاملة الأوكرانيين الفارين من الحرب، كما لم تمنح الأوكرانيين حتى المعاملة ذاتها التي تلقّوها في باقي دول أوروبا“.
وأضاف أرمنازي وهو طالب سوري يدرس في أوكرانيا ”نحن أيضا فارون من الحرب، ولدينا صعوبات في بلدنا الأم ونخشى من العودة إليه، لكن السلطات المجرية لم تهتم لذلك ولم تمنحنا حق الحماية“.
يجري تيمور مقارنة بين التعاطي مع اللاجئين في ألمانيا وفي المجر ويقول ”في برلين شعرنا بأنهم مستعدون لمساعدتنا على الاندماج وجعل ألمانيا ديارنا الجديدة“.
وأضاف ”في المجر كانوا يتعاملون معنا على أننا ضيوف يجب أن يقدَّم إلينا واجب الضيافة وسنرحل قريبا، حتى أولاد البلد لم يكونوا ودودين كالألمان“.