أصبحت قضية صحة المرشد الإيراني، علي خامنئي (83 عاما)، التي كانت موضع نقاش في الأسابيع الأخيرة، أكثر بروزا بعد إلغاء لقائه مع أعضاء مجلس "خبراء القيادة"، وكذلك عدم بث صور اللقاء الذي قيل إنه أجراه مؤخرًا مع "مجموعة من الرياضيين"، وأثيرت التكهنات حول حالته الصحية.
وفي آخر الأخبار في هذا الصدد، أزالت وكالة أنباء "إيرنا" الخبر الذي نشرته يوم أمس نقلًا عن قائم مقام كركان الذي قال إن "مجموعة من الباسيج في هذه المدينة" ستلتقي بخامنئي.
وقبل ثلاثة أيام، قال عضو مجلس الخبراء، هاشم زاده هريسي، لصحيفة "همدلي" الايرانية حول عدم لقاء أعضاء هذا المجلس بعلي خامنئي: "بما أن المرشد يتحدث عن قضايا مختلفة، ولم ير هذا الوقت مناسبًا لإلقاء كلمة، ألغي هذا الاجتماع مراعاةً لراحته ووقته".
هذا على الرغم من أنه قبل ذلك، وبعد انتهاء جلسات اجتماع الخبراء، كان أعضاء هذا المجلس يلتقون بخامنئي. وكانت وسائل إعلام مقربة من النظام الإيراني قد أفادت، الثلاثاء 6 سبتمبر (أيلول)، أنه في نهاية اجتماع الخبراء، سيجتمع أعضاء هذا المجلس مع خامنئي، لكن هذا الاجتماع أُلغي فجأة.
في غضون ذلك، كان علي رضا أفشار، الذي قدمته بعض وسائل الإعلام، بما في ذلك موقع "العربية"، كحارس شخصي سابق لمير حسين موسوي، ادعى يوم الأحد 11 سبتمبر، على صفحته على "تويتر" أنه بعد مرور يومين "لم تتغير الحلقات الأربع للحراس الشخصيين [لخامنئي]؛ "هناك أنباء داخل قصر مرمر [بيت المرشد] لا يريدون تسريبها".
كما نشرت بعض وسائل إعلام النظام، يوم الاثنين، خبرًا، نقلًا عن صفحات "إنستغرام"، عن لقاء خامنئي مع عدد من الرياضيين، الأمر الذي تداوله مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الموالون للنظام على نطاق واسع، لكن لم يتم نشر أي أخبار أو صور رسمية لهذا الاجتماع المزعوم حتى الآن.
في السابق، في الحالات التي لم تكن فيها الحالة العامة للمرشد الإيراني مناسبة، تم إلغاء اجتماعاته العامة. وبسبب عدم وضوح المعلومات حول الحالة الجسدية لعلي خامنئي، انتشرت شائعات كثيرة حول تدهور حالته الجسدية وحتى وفاته، لكن لم تتمكن أي وسيلة إعلام أو منظمة مستقلة من تأكيد المعلومات في هذا الصدد.
خامنئي يبلغ من العمر 83 عامًا، وبحسب بعض التقارير غير الرسمية، فقد أصيب بسرطان البروستاتا. في منتصف سبتمبر 2014، أُعلن رسميًا أن خامنئي خضع لعملية جراحية في البروستاتا في إحدى المستشفيات الحكومية (مستشفى رجائي)، والتي وفقًا لهذا التقرير، تم إجراؤها بنجاح. كانت هذه واحدة من الإفادات الرسمية القليلة حول حالة المرشد الإيراني الصحية.
وكان خامنئي قد أصيب في تفجير في أوائل الثمانينيات، وقد تسبب هذا الانفجار بإعاقة بإحدى يديه. وحظي عقد اجتماع خبراء القيادة هذا العام باهتمام بالغ بسبب نشر مقال للمرشح الرئاسي الإيراني السابق وأخر رئيس وزراء في إيران مير حسين موسوي (مقدمة للترجمة العربية لكتابه) حذر فيه من توريث منصب المرشد في إيران.
وفي هذا السياق، قال عضو مجلس خبراء القيادة، غياث الدين طاها محمدي، يوم الاثنين، إن هذا المجلس يجب أن يكون المرشد التالي "في جعبته" حتى إذا حدث شيء ما، سيختارون الشخص الأفضل من بين جميع علماء الأمة. وأعرب عن أمله في أن يكون خامنئي بصحة جيدة حتى "مجيء الإمام المهدي" و"حتى بعد مجيئه".
انتشرت في الفترة الأخيرة أنباء تفيد بأنه بات على فراش الموت، الأمر الذي يضيف أزمة جديدة إلى قائمة الأزمات التي يواجهها نظام طهران، خصوصاً مع عدم تسمية خليفة رسمي له حتى الآن.
وخلال السنوات الماضية طرحت العديد من الشخصيات لخلافة خامنئي، إلا أن بعضها فارق الحياة مثل محمود الهاشمي الشاهرودي الذي توفي في 2018، واستبعد آخرون مثل صادق لاريجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام بسبب مواقفه من منع شقيقه علي لاريجاني من المشاركة في الانتخابات الرئاسية 2021.
وفي تقرير لموقع «فردا» الإيراني، فإنه بافتراض عدم حدوث شيء مميز في إيران حتى وفاة خامنئي، وبقيت الظروف السياسية على ما هي عليه الآن، فإن نجله الثاني مجتبى خامنئي يعد المرشح الأبرز لخلافته.
فيما يرشح آخرون الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي لمنصب المرشد. ويعود اختيار المرشد وفق دستور إيران إلى ما يسمى مجلس خبراء القيادة المكون من 88 شخصاً من رجال الدين بمرتبة «مجتهد».
وربما ما يعزز حظوظ مجتبى خامنئي في منصب المرشد، هو ما أوردته وسائل إعلام رسمية مقربة من النظام من تقديم نجل المرشد على أنه «مجتهد» في الفترة الأخيرة، وإطلاق لقب «آية الله» عليه.
ويسيطر النجل على أكبر المؤسسات الاقتصادية التي تشكل 60 % من اقتصاد البلاد، ويتمتع بنفوذ واسع في القطاعات الأمنية والعسكرية خصوصاً مع الحرس الثوري.
وأصبح لديه منظمة استخباراتية وأمنية تمكنت من تهميش وزارة المخابرات الحكومية إلى حد كبير في السنوات الـ 13 الماضية.
لكن الطريق ليس ممهداً كليّاً أمام أمام مجتبى لخلافة والده، فثمة عقبات يمكن أن تحول دون ذلك أبرزها: غياب الخبرة الإدارية والرسمية في الدولة، وأن خلافته يمكن أن تقابل برفض التوريث.