تصاعدت التوترات في شبه الجزيرة الكورية، حيث اتخذت الولايات المتحدة وحلفاؤها بعض الإجراءات ردا على موجة اختبارات الصواريخ الأخيرة التي أجرتها كوريا الشمالية، بما في ذلك تلك التي حلقت فوق اليابان المجاورة دون سابق إنذار.
وبحسب خبراء تحدثوا إلى شبكة "سي إن إن" الإخبارية، فإن التصعيد الأخير لكوريا الشمالية يحمل العديد من الرسائل للغرب، لاسيما في ما يتعلق من ناحية التوقيت وعدد الصواريخ التي جرى اختبارها. وكانت كوريا الشمالية قد ذكرت، اليوم السبت، أن تجربتها الصاروخية الأخيرة التي قامت بها، يوم الثلاثاء "عادية ومخطط لها للدفاع عن النفس، ولم تشكل أي تهديد للطيران المدني أو الدول المجاورة". وذكر المتحدث باسم الإدارة العامة للطيران: " إن إدارة الطيران أولت الاعتبار الواجب لسلامة الرحلات المدنية الدولية قبل إطلاق الصاروخ".
وقال إن التجربة الصاروخية كانت: "بهدف توفير الحماية من التهديدات العسكرية الأميركية"، على حد زعمه.
مغزى التصعيد الحالي يرى بعض الخبراء أن هناك بعض الأسباب التي تجعل كوريا الشمالية تزيد من وتيرة اختباراتها بهذه السرعة في الوقت الحالي. وفي مقدمة تلك الأسباب فإن هذا هو "التوقيت المناسب" من وجهة نظر بيونغ يانغ، ليستعرض النظام الشيوعي هناك قوته، بعد شفاء زعيمه، كيم جونغ أون، من مرض كوفيد-19. ويوضح المدرس والأكاديمي في جامعة كوكمين بكوريا الجنوبية، أندريه لانكوف، بأن بيونغ يانغ لم تجري اختبارات كهذه منذ فترة طويلة بسبب اعتبارات سياسية، مضيفا: "لذلك أتوقع أن يكون المهندسون والجنرالات الكوريون الشماليون حريصين جدًا على التأكد من أن (ألعابهم) ستعمل بشكل جيد". وفي سياق متصل، يقول خبير الأسلحة والأستاذ في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، جيفري لويس، إنه "من الطبيعي أيضًا أن تتوقف كوريا الشمالية مؤقتًا عن اختبار صواريخها خلال الصيف العاصف بانتظار تحسن حالة الطقس في الخريف".
لكن، وكما قال العديد من الخبراء، فإن كيم يبعث متعمدا برسالة واضحة من خلال إظهار قوة ترسانة كوريا الشمالية فترة الصراع العالمي المتصاعد الناجم عن الحرب في أوكرانيا. ويوضح لانكوف: "إنهم يريدون تذكير العالم بأنه لا ينبغي تجاهلهم، وإنهم موجودون ويعمل مهندسوهم على مدار الساعة لتطوير أسلحة نووية وأنظمة إطلاق متطور".
ويتفق كارل شوستر، المدير السابق للعمليات في مركز الاستخبارات المشتركة التابع لقيادة المحيط الهادئ الأميركية في هاواي، فيما ذكر آنفا، مردفا: "يطلق كيم الصواريخ لجذب الانتباه إلى نفسه، وللضغط على اليابان والولايات المتحدة بغية التواصل معه". ولفت إلى أن كوريا الشمالية قد باتت تشعر أيضًا بالجرأة على التحرك الآن بينما الغرب منشغل بالحرب في أوكرانيا. وزاد شوستر: "بدأت (تجارب الصواريخ) في يناير، وهو الوقت الذي بدأ فيه الإبلاغ عن خطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لغزو أوكرانيا". من جهته، يعتقد قال لانكوف أن الغزو الروسي لأوكرانيا ربما يكون قد عزز ثقة كيم لأنه "أظهر أنه إذا كان لديك أسلحة نووية، فيمكن أن تفلت من العقاب تقريبًا. وإذا لم يكن لديك أسلحة نووية، فأنت في ورطة". "دولة نووية" ومما يساعد على فهم التصعيد الأخير لكيم جونغ أون، إقرار كوريا الشمالية في أيلول، قانونًا تعلن فيها دولة تمتلك أسلحة نووية، حيث تعهد الزعيم الديكتاتوري بـ "عدم التخلي أبدًا" عن الأسلحة النووية. وفي هذا الصدد يقول الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، يانغ مو جين، إن القانون أظهر أيضًا آمال كوريا الشمالية في تعزيز علاقاتها مع الصين وروسيا. ويضح شوستر إنه بعد معارضة الصين وروسيا العلنية لعقوبات جديدة ضد كوريا الشمالية، "يعرف كيم أنه يحظى بدعم موسكو وبكين". واعتبر أن اختبار أسلحة يخدم غرضًا مزدوجًا:يتمثل بتعزيز صورة كيم محليا ويؤكد قوة نظامه للمجتمع الدولي. وعلى نفس المنول يعتقد شوستر: "كيم المصاب بجنون العظمة يشعر بالقلق من الأشخاص الذين يخضعون بما يساوى قلقه بشأن تغيير محاولات إسقاط وتغيير نظامه من الخارج". وختم بالقول إن كيم يبلغ كبار مسؤوليه من خلال الاختبارات التي يتم إجراؤوها أنه "يمكننا التعامل مع أي تهديد يمكن للغرب وكوريا الجنوبية أن يشكلوه علينا".