الجواسيس الروس... لماذا أضرت الحرب بسمعتهم؟

عربي ودولي
قبل سنتين I الأخبار I عربي ودولي

نشرت مجلة "الإيكونوميست" (The Economist) البريطانية تقريرا عن أجهزة المخابرات الروسية، وكيف أن الحرب في أوكرانيا أضرت بسمعة الجواسيس الروس.

 

وذكر التقرير أن 3 أجهزة استخبارات روسية وُلدت من رحم لجنة أمن الدولة -وهو الاسم الرسمي الذي كان يُطلق على وكالة المخابرات السوفياتية "كيه جي بي" (KGB). والأجهزة الثلاثة هي جهاز الأمن الداخلي، والمخابرات الخارجية، والاستخبارات العسكرية.

 

 

 

 

وقد ورثت تلك الأجهزة السمعة المخيفة التي تتصف بها الآن؛ من أسلافها في عصر القياصرة والحقبة السوفياتية. وقد بدا ذلك في الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، وباتت جميعها "في حالة مزرية"، وفقا للإيكونوميست. وقالت المجلة البريطانية إن الانفجار -الذي أوقع أضرارا بجسر كيرش في شبه جزيرة القرم يوم السبت- كان مجرد "غفلة أمنية" أخرى، جاءت بعد قيام عملاء أوكرانيين بتفجير سيارة مفخخة في موسكو في أغسطس/آب الماضي أسفر عن مقتل ابنة منظّر "قومي متطرف" روسي بارز.

 

 

وأضافت أن إخفاق الاستخبارات الروسية تجلى في معمعة الحرب، مشيرة إلى أن جهاز الأمن الداخلي الفدرالي -وهي الجهة الاستخباراتية الرائدة لحماية الأسرار وعمليات التجسس في أوكرانيا- قام بعمل "أخرق غير متقن" في المهمتين المنوطتين به. إخفاق وقد أخفقت تلك الأجهزة في منع الولايات المتحدة من الحصول على خطط الحرب الروسية الخاصة بأوكرانيا، ومن ثم نشرها، وهي أكبر عملية مثيرة من نوعها لاستغلال المعلومات الاستخبارية منذ أزمة الصواريخ التي نشرها السوفيات في جزيرة كوبا عام 1962، مما عرض أميركا لتهديد مباشر. ولعل الأسوأ من ذلك -طبقا لتقرير الإيكونوميست- تلك التجهيزات المكشوفة من قبل جهاز الأمن الداخلي الروسي استعدادا للحرب -من بينها خطط اغتيال المعارضين، وتنصيب حكومة دمية في أوكرانيا- والتي ساعدت في إقناع المسؤولين الأميركيين والبريطانيين بأن الحشد العسكري الروسي لم يكن خدعة.

 

 

 

 

كما أن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خوض الحرب في المقام الأول يعود -في أغلبه- إلى تصرفات جهاز الأمن الداخلي "الخرقاء". وأضافت الخدمة الخامسة التابعة للجهاز -المسؤولة عن الجمهوريات السوفياتية السابقة- عددا كبيرا من الأفراد إلى فريق عملائها في أوكرانيا في يوليو/تموز 2021، وفقا لتقرير صادر عن المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة في لندن. فساد وكان أن تحدث ضباط الخدمة الخامسة كثيرا إلى أولئك الأوكرانيين الذين أبدوا تعاطفا مع روسيا، وبالغوا في نقل صورة عن حجم شبكات عملائهم داخل أوكرانيا، مما أعطى انطباعا خاطئا للكرملين بأن الحكومة الأوكرانية ستنهار بسرعة.

 

 

وتطرقت الإيكونوميست إلى الفساد الذي ينخر جسد أجهزة المخابرات الروسية. ونقلت عن جون سيفر -الذي شغل منصب رئيس محطة وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي آي إيه" (CIA) في موسكو ثم أدار عملياتها في روسيا لاحقا- قوله "لطالما فوجئنا ببعض الأمور التي تقوم بها (المخابرات الروسية) وتتسم بالذكاء والصرامة. لديهم أشخاص أذكياء حقا". لكن تلك المواهب ظلت تتعايش وتتأقلم مع مظاهر الفساد والقصور الوظيفي. فالمعلومات الاستخباراتية تخضع للتنميق في كل مرحلة من مراحل رفعها للمسؤولين حيث تُنزع منها الأخبار السيئة قبل وصولها إلى الكرملين. على أن قوة الاستخبارات الروسية تكمن في ضخامتها، ومع ذلك فإن شريحة صغيرة فقط من أفرادها يقومون بأعمال تجسس مفيدة. وكشفت الإيكونوميست أن ضباط جهاز الأمن الداخلي هم من سمموا زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني بغاز الأعصاب في سيبيريا عام 2020. ومن مظاهر الفساد في المخابرات الروسية، أن أكثر المناصب المرغوبة في جهاز الأمن الداخلي هو رئيس الخدمة الرابعة، وهو القسم المسؤول عن الأمن الاقتصادي. وذكرت المجلة البريطانية أن ضباط ذلك الجهاز يتم تعيينهم في الشركات الرئيسة، مما يتيح لهم فرصة كبيرة للثراء. ويستشري الصراع الداخلي في أجهزة المخابرات وتناحرها مع الدوائر الحكومية الأخرى. وعن ذلك يقول مكسيم (وهو ليس الاسم الحقيقي لضابط سابق في جهاز الأمن الفدرالي)، إن الجهاز "مثل لعبة العروش"، مضيفا أن هناك "عشائر مختلفة في داخله لها مصالح سياسية ومالية متباينة". ومضت المجلة إلى الزعم أن الرئيس بوتين لا يثق بجواسيسه، ويقال إنه يتجاهل رئيس جهاز الأمن الداخلي، ألكسندر بورتنيكوف، ويتواصل مع رؤساء الأقسام.