عاد حل الدولتين في اليمن إلى الواجهة كخيار لإحلال السلام في البلد الذي مزقته الحرب، مع تداول أنباء تشير إلى أن الوفد العماني الذي يزور صنعاء هذه الأيام يحمل مبادرة تم التوافق عليها لحل الأزمة في البلاد تقوم على تقسيم اليمن، إلا أن حظوظ المبادرة في النجاح، إن تأكدت، ضعيفة إذ أن الحوثيين يريدون كل اليمن في حين أن الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا تريد اليمن كاملا وموحدا.
وكشفت مصادر دبلوماسية الثلاثاء توصل الولايات المتحدة والسعودية لاتفاق حول مسار الحل في اليمن في حين لا تزال الخلافات تتمحور حول وضع حزب الإصلاح الإخواني الذي يسيطر على بعض المناطق.
وأفادت المصادر بأن المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ اتفق مع مسؤولين سعوديين، أبرزهم السفير ال جابر، خلال زيارته الأخيرة للرياض على السير في حل الدولتين شمالا وجنوبا.
وأشارت المصادر إلى أن المقترح الأميركي ينص على تسليم المجلس الانتقالي الجنوبي والشمال للحوثيين وتشكيل إدارة مشتركة بينهما.
وكان المجلس الأطلسي الأميركي ذكر في تقرير سابق له بأن خبراء أميركيين عسكريين طرحوا على السعودية مقترحا يقضي بتحديد موقفها من حل الدولتين أو الكونفيدرالية ووضع حزب الإصلاح وعائدات موارد النفط.
وتلعب سلطنة عُمان دور وساطة بين جماعة الحوثي والمملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي، سعيا للتوصل إلى حل سياسي للصراع الذي يمزق اليمن وتسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب الأمم المتحدة.
وأعلنت جماعة الحوثي الثلاثاء وصول وفد من سلطنة عُمان إلى العاصمة صنعاء، لاستكمال التباحث ونقل الأفكار والمقترحات التي حملتها المباحثات مع الجانب السعودي والأطراف الدولية إلى الحوثيين المدعومين من إيران.
وتعدّ هذه الزيارة هي الثانية للوفد العماني إلى العاصمة اليمنية صنعاء منذ انتهاء الهدنة في أكتوبر الماضي، نتجت عنها مباحثات وصفتها جماعة الحوثي بـ”المثمرة”.
والتقى الوفد العماني بزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، ورئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن محمد الغماري، وفق قناة “المسيرة” الناطقة باسم الحوثيين.
ونفت جماعة الحوثي أن تكون المفاوضات الجارية مع الوفد العماني قد تطرقت ضمن تفاصيلها إلى الأنباء المتداولة بشأن حل الدولتين، لكنها لم تنف في الوقت ذاته التطرق إليها في وقت لاحق.
وقال القيادي الحوثي بليغ الشامي إن المفاوضات الجارية مازالت حول البنود السابقة للوصول إلى تهدئة جديدة.
ونفى القيادي الحوثي في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” الروسية الأربعاء الأنباء المتداولة عن أن الوفد العماني الذي يزور صنعاء هذه الأيام يحمل مبادرة تم التوافق عليها لحل الأزمة في البلاد تقوم على تقسيم اليمن. وأكد الشامي أن الحديث عن حل الدولتين “غير وارد أصلا أو على الأقل في المرحلة الحالية”
وأشار إلى ما يجري اليوم “من أجل الوصول إلى تفاهمات حول البنود الإنسانية التي طرحتها صنعاء قبل الهدنة الأولى، ولا شيء جديد”، متابعا “نحن نريد صرف المرتبات والمعاشات لجميع مؤسسات الدولة بما فيها الدفاع والداخلية، والتحالف رفض الصرف للداخلية والدفاع”. وأضاف “أظن بهذه الزيارة يكون هناك حل لهذه المشكلة، ولا نستبق الأحداث”.
وأبدى الحوثيون بعض المرونة في الآونة الأخيرة، وهو ما يظهر في تغير خطابهم الإعلامي، وفي تلميحات قياداتهم ببعض التنازلات في ما يتعلق بالاشتراطات التي رسمتها في السابق حيال تجديد الهدنة الإنسانية، حيث أسقط كبير المفاوضين الحوثيين شرط أن تشمل الرواتب جميع العاملين، بمن في ذلك المقاتلون الذين ينتمون إلى الجماعة.
ويختلف المراقبون حيال دوافع هذا التغير في موقف الحوثيين، فهناك من يرى أن ذلك جاء نتيجة التحركات العمانية، في المقابل يرى آخرون أنه لا يعدو كونه مناورة سياسية من جانب الحوثيين مع تصاعد الضغوط الدولية وتنامي الاحتقان الشعبي في مناطق سيطرتهم بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
ودأب الحوثيون على تلطيف خطابهم ولجم تصعيدهم الإعلامي استثمارا للوقت الذي تقتضيه المفاوضات لاسترجاع الأنفاس قبل معاودة التصعيد العسكري والهجمات على قوات الحكومة الشرعية في عدة جبهات.
وتبذل الأمم المتحدة جهودا لتمديد هدنة في اليمن استمرت ستة أشهر وانتهت في الثاني من أكتوبر الماضي، وتتبادل الحكومة والحوثيون اتهامات بشأن المسؤولية عن فشل تمديدها.
وأعرب المبعوث الأميركي إلى اليمن الاثنين عن اعتقاده بأن عام 2023 سيقدم فرصة لإنهاء الصراع في هذا البلد العربي بشكل نهائي.
وقال ليندركينغ إن “واشنطن ملتزمة بإيجاد حل للأزمة في اليمن، رغم عدم وضوح تصورات التوصل إلى السلام، وتعتقد أن عام 2023 سيقدم فرصة لإنهاء الصراع بشكل نهائي“.
وجاءت تصريحات ليندركينغ في افتتاح مؤتمر عقد في واشنطن بشأن اليمن وأثار جدلا واسعا، لاسيما بشأن الجهات المنظمة له والأطراف المشاركة فيه والتي تبدو أقرب إلى خطي مسقط والدوحة.
وأوضح المبعوث الأميركي أن الرئيس جو بايدن “مهتم بإنهاء الصراع بعد أكثر من ثماني سنوات من الحرب، التي تسببت في انهيار الاقتصاد اليمني ومزقت المجتمع”، وأن بلاده تعمل مع عمان والسعودية لإنهاء الحرب.
ومنذ أكثر من ثماني سنوات يشهد اليمن حربا بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات بينها صنعاء منذ سبتمبر 2014.