تقرير بريطاني: مقاتلون يمنيون يتأهبون لمغادرة ساحات الحرب

تقارير وحوارات
قبل سنة 1 I الأخبار I تقارير وحوارات

"الأخ كان في مواجهة أخيه على الجبهة"، كان هذا حال اليمن طوال أكثر من ثمان سنوات من الحرب، حيث توزعوا على الفصائل المتحاربة من الجهتين، واليوم يواجه كثير من المقاتلين اليمنيين مرحلة جديدة ستنهي دورهم القتالي، وإن كان جانب منهم يرى فيها سبب لحرمانه من الدخل المالي العالي، إلا أن آخرين وجدوا فيها فرصة للعودة إلى حياتهم المدنية وخروج بلدهم من دوامة الصراع.

جاء ذلك بتقرير لموقع "ميدل ايست آي" البريطاني، عرض لمصير كثير من المقاتلين اليمنيين بعد توقف الحرب التي كانت تمثل مصدر الدخل الرئيس أو الوحيد لهم.

يأتي ذلك في ظل تزايد الآمال بانتهاء حرب اليمن بشكل نهائي وتحقيق السلام في البلاد في ظل الانفراجة التي تحققت إثر الوساطة الصينية بين السعودية الداعمة للحكومة اليمنية الشرعية المقيمة في عدن بالجنوب وإيران الداعمة للحوثيين الذي يسيطرون على العاصمة صنعاء، وقد أعقبها إطلاق عملية تفاوض بين الحوثيين والحكومة الشرعية والرياض لإنهاء الحرب، آخرها مفاوضات أجريت في الرياض بين وفد من المفاوضين الحوثيين ومسؤولين سعوديين والتي استهدفت الوصول إلى خارطة طريق تدعم عملية السلام في اليمن.

ومنذ أن بدأت الحرب في اليمن عام 2015، انضم كثير من اليمنيين إلى القتال طلبًا للمال، وقاتل معظمهم في صفوف القوات الحكومية المدعومة من السعودية والإمارات، لأنهم كانوا يتقاضون رواتب بالريال السعودي، بل ترك بعضهم وظيفته متدنية الأجر وانضم إلى المعارك في سبيل الحصول على أجور أفضل.

إلا أن بعض هؤلاء المقاتلين لم يكن لديهم عمل ليتركوه، ووجدوا أن القتال هو سبيلهم الوحيد للعيش في زمن الحرب والأزمة الاقتصادية، حسبما ورد في تقرير موقع "ميدل ايست آي".

ومع تزايد فرص انتهاء حرب اليمن يواجه هؤلاء المقاتلون مصيرًا مجهولًا في ظل حقيقة أنه لم يعد لديهم مهنة سوى القتال في بلد يشهد ما يوصف بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

الآن وقد توقف الصراع المُهلك بين الحوثيين والتحالف منذ أبريل 2022، فإن الجنود اليمنيين أخذوا يتخلون عن أسلحتهم ويسعون إلى بناء حياة أخرى لهم بعيدًا عن ساحة المعركة.

وقال أحمد، وهو جندي سابق يبلغ من العمر 36 عامًا ويعيش في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، لموقع Middle East Eye البريطاني، إنه "لا شيء يستحق الموت من أجله"، ومع أن "القتال قد يعود عليك بدخلٍ جيد، فإن التفكير في التأثير الوخيم للحرب يجعلك تدرك أنها أسفرت عن تدمير مجتمع كامل".

ويقول أحمد: "زُرت خلال العيد في العام الماضي يتامى اثنين من زملائي الذين قُتلوا في المعارك. وأنا أعدُّ أطفالهما كأطفالي، لكن لم يسعني إلا أن أسأل نفسي: لماذا قُتلا؟ وأدركت حينئذ ألا شيء فيما نفعله يستحق الموت من أجله ولا أن نترك أهلنا وراءنا بلا أحد يرعاهم".

أحمد ليس جنديًا مستجدًا، وهو يعتقد أن الجنود يجب أن يخدموا وطنهم مثل جميع الموظفين الحكوميين الآخرين. ولكنه يرى أيضًا أن القتال يجب أن يكون الملاذَ الأخير، وأنه لا يجوز اللجوء إليه إلا بمبررات مقنعة.

وقال أحمد: "لقد حان وقت السلام. واليمنيون إخوة في نهاية الأمر. ولذلك آمل أن تتمكن الأطراف المتحاربة من التوصل إلى اتفاق سلمي"، وقد هدأت حدة القتال، و "لم نشهد في الآونة الأخيرة ما أعتدناه من معارك عنيفة، لذا قد تكون هذه بداية النهاية للحرب".

ومع ذلك، فإن كثيرين ممن تركوا القتال لا تزال ذكراه تؤرقهم من حين لآخر، على الرغم من سعادتهم باحتمال انتهاء حرب اليمن.

ويرى عبد الله، وهو مقاتل سابق يبلغ من العمر 39 عامًا، أن كل من حمل السلاح يتحمل قدرًا من المسؤولية عن عواقب الحرب، سواء أكانت جيدة أم سيئة.

وقال لموقع MEE: "انضممت إلى القتال في عام 2015، وأنا أحسب أن الحرب ستنتهي في غضون بضعة أسابيع، وأن اليمن سيكون أحسن حالًا بعدها. لكن الحرب استمرت سنوات، واليمن تتفاقم أحواله سوءًا".

وأردف عبد الله بالقول: "منذ عام 2015، لم أرَ سوى العواقب السيئة للحرب. أرى أناسًا جوعى كل يوم، وأرى دمارًا، وأرى نازحين يعيشون في مخيمات مزرية. فالحرب لم تجلب علينا سوى الخراب والبؤس، وينتابني الخزي بسبب ذلك، فقد كانت جزءًا من هذا كله".

وقال عبد الله إن ما رأيته من آثار الحرب دفعني إلى ترك القتال، وهو يرى أنه إذا لم يقاتل أحد، فإن الحرب ستتوقف، لأن "المقاتلين هم وقود الحرب، وانضمامهم يزيد اشتعالها كل يوم. أما إذا توقف المقاتلون عن القتال أو قلَّ عددهم، فإن الأطراف المتحاربة ستضطر إلى إيجاد حل سلمي".

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 60 % من الوفيات المقدرة بنحو 377 ألف قتيل في اليمن خلال سنوات الحرب (بين عام 2015 وبداية عام 2022) كانت نتيجة لأسباب غير مباشرة، مثل انعدام الأمن الغذائي ونقص الخدمات الصحية. وتذهب تلك التقديرات إلى أن ثلثي اليمنيين - أي نحو 21.6 مليون يمني - يحتاجون إلى تلقي المساعدة الإنسانية في عام 2023.