أطباق اليمن الرمضانية.. حضور أوائل الشهر وتلاشٍ آخره

محليات
قبل شهرين I الأخبار I محليات

تحتفظ السفرة الرمضانية في اليمن هذا العام، بجزء يسير من أكلاتها الموسمية الشهيرة، المرتبطة بالشهر الفضيل، في ظل تفاقم الحالة المعيشية والاقتصادية، واستمرار تدهور الأزمة الإنسانية "الأسوأ على مستوى العالم"، وفق الأمم المتحدة.

 

وفي وقت تحول فيه قدرة معظم اليمنيين الشرائية، المتراجعة إلى مستويات قياسية، دون الحصول على مكونات تحضير الأطباق التقليدية الرمضانية؛ فإن بعض هذه الأكلات تحافظ على حضورها في موائد المقتدرين ماديًا، وبعض الأسر التي قد تُضطر إلى توفيرها لبضعة أيام فقط، من باب إدخال الفرحة والسرور إلى قلوب أفرادها.

 

ويتصدّر طبق "الشفوت" قائمة المأكولات الرمضانية، الأكثر حضورًا في المطبخ اليمني، نظرًا لاتساع شهرته وامتدادها إلى مختلف مناطق البلاد، شمالًا وجنوبًا، إلى جانب كلفته المحدودة وتحضيره السهل، الذي لا يتطلب سوى "اللحوح"، وهو خبز مخمّر ورقيق، يتم غمره باللبن أو "الزبادي"، قبل أن تضاف إليه مقادير محدودة من التوابل والبهارات والفلافل، ويفضّل البعض وضع الثوم والكمّون عليه، كما يمكن إضافة مكونات أخرى بحسب الإمكانيات.

 

وتقول الناشطة اليمنية، منى أحمد، في حديثها لـ"إرم نيوز"، إن الموائد الرمضانية جنوب البلاد، غالبًا ما تمتلئ خلال الإفطار، بـ"السمبوسة، والباجية، والمطبّق، والكاتلس، والعتر، والشفوت إضافة إلى الشوربة، تتبعها وجبة العشاء عقب صلاة التراويح أو في وقت متأخر، والتي تكون عبارة عن الأرز إما مع اللحم في أيام مثل الجمعة، أو الدجاج والسمك في معظم الأيام".

 

وتشير منى إلى أطباق أخرى للتحلية الباردة، تتفرد بحضورها خلال شهر رمضان في عدن، كـ"اللبنيّة، والبدنج والجيلي"، لكنها لم تعد حاضرة في كثير من المنازل، بسبب ثمنها المرتفع، وتدهور الأوضاع المعيشية، وهو ما يجعل البعض يعتبرها من "الكماليات والرفاهيات"، حدّ قولها.

 

ويعدّ حساء "الشُربة" أو "الشوربة"، واحدًا من أبرز الأطباق الرمضانية الخالصة في اليمن، وهو عبارة قمح مجروش بعناية، تضاف إليه الخضراوات كالبصل والطماطم والبهارات، مع كرات اللحم أو الدجاج، وحين لا تتوافر الإمكانية لشراء اللحم أو الدجاج، يصبح بالإمكان تناوله دونهما.

 

وتشترك مناطق البلاد بشقّيها الشمالي والجنوبي، في عدد من الأطباق الرمضانية، في حين يتفرد شمال اليمن، بمأكولات رمضانية أخرى، مثل فطائر "بنت الصحن" و"فتّة المرق" و"العصيد" و"السلتة"، والأخيرة يتم تحضيرها من الحلبة والمرق واللحم المفروم أو الدجاج، مع توابلها الخاصة.

 

وعادة ما ترتبط الأكلات اليمنية التقليدية كالزربيان، والمندي، والمضبي، والحنيذ، المعتمدة على لحم الضأن والماعز والأرز، بالعزائم والولائم الرمضانية النادرة.

 

ويرى فهمي عبد الرب (ربّ أسرة) أن بعض الأسر اليمنية قد تُضطر إلى التكلّف لشراء مكونات هذه الأطعمة التقليدية المرتبطة بهذا الشهر، ليس لقيمة الغذائية، بل لارتباطها بروحانية رمضان، خاصة أن تناولها يكون بشكل جماعي في أوقات محددة، يجتمع فيها أفراد الأسرة على مائدة مستديرة في أجواء مملوءة بالألفة والمحبة، "وهي ميزة خصّ الله بها شهر رمضان المبارك".

 

وذكر عبد الرب، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن هذه المأكولات والأطباق، لا تستمر في حضورها على مدى أيام رمضان، "ويكون تواجدها محصورًا في الأيام الأولى منه لدى الكثيرين، وذلك قد يكون مرتبطًا في معظم الأوقات بالحالة المادية، أو بحماس استقبال الصيام وأجوائه المتميزة، ثم يصبح الناس متشبعين من هذه المشاعر التي تتغير مع اقتراب عيد الفطر وتحضيراته، إضافة لحالة الإرهاق التي تصيب النساء وربّات البيوت، وانصراف الكثير للحاق بصلوات التهجّد وقيام الليل في خواتم رمضان، وعدم توافر الوقت المناسب لالتهام مثل هذه الأطباق".