أظهرت دراسة حديثة أن استخدام برامج الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" يرتبط بتدني التحصيل الدراسي وفقدان الذاكرة وتزايد المماطلة.
وكانت دراسة سابقة قد كشفت أن نسبة تصل إلى 32% من طلاب الجامعات يستخدمون برنامج المحادثة الآلي "شات جي بي تي" الذي يشتهر بقدرته على صياغة إجابات منطقية عن أسئلة نصية بسيطة.
وتوصلت الدراسة الجديدة إلى أن طلاب الجامعات الذين يلجؤون إلى "شات جي بي تي" لإنجاز واجباتهم يقعون في حلقة مفرغة. فاعتمادهم على البرنامج لإنجاز المهام في وقت قصير يقلل من محاولاتهم لحل المسائل بأنفسهم، ما يؤدي على المدى الطويل إلى ضعف الذاكرة وقدرتهم على استرجاع المعلومات.
نُشرت نتائج البحث في المجلة الدولية لتكنولوجيا التعليم العالي. وأجرى العلماء مقابلات مع 494 طالباً حول استخدامهم لـ"شات جي بي تي"، حيث اعترف البعض منهم بأنهم "مدمنون" على استخدام هذه التقنية لإكمال المهام الدراسية.
وأوضح الباحثون أنه "بما أن برنامج 'شات جي بي تي' قادر على الاستجابة السريعة لأي سؤال يطرحه المستخدم، فإن الطلاب الذين يفرطون في الاعتماد عليه قد يقللون من الجهد المعرفي المبذول لإتمام واجباتهم الأكاديمية، ما يؤدي إلى ضعف الذاكرة. وعبر الزمن، قد يؤدي الإفراط في الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنجاز المهام الدراسية بدلاً من التفكير النقدي والجهد العقلي لإلحاق الضرر بقدرة الطلاب على الاحتفاظ بالمعلومات والوظائف الإدراكية ومهارات التفكير النقدي".
وكشفت المقابلات التي أجراها الباحثون عن المشكلات التي يواجهها الطلاب الذين اعتادوا الاعتماد على "شات جي بي تي" لإكمال واجباتهم.
كيف أجريت الدراسة؟
قام الباحثون باستطلاع آراء الطلاب في ثلاث مناسبات مختلفة لتحديد الفئة الأكثر ميلاً لاستخدام "شات جي بي تي" وتأثيره عليهم. ولاحقاً، وجهوا أسئلة حول الآثار المترتبة على استخدام البرنامج.
صرح الدكتور محمد عباس، مؤلف الدراسة من الجامعة الوطنية للكمبيوتر والعلوم الناشئة في باكستان، لموقع "PsyPost" قائلاً: "نشأ اهتمامي بهذا الموضوع بسبب الانتشار المتزايد للذكاء الاصطناعي التوليدي في المجال الأكاديمي وتأثيره المحتمل على الطلاب".
وأضاف: "خلال العام الماضي، لاحظت اعتماداً متزايداً وغير نقدي على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي بين طلابي لإنجاز مختلف الواجبات والمشاريع التي أسندتها لهم. وهذا ما دفعني إلى التعمق أكثر لفهم الأسباب الكامنة وراء استخدامهم له وتبعاته".
إلامَ توصلت الدراسة؟
وجدت الدراسة أن الطلاب الذين يركزون على النتائج أقل اعتماداً على أدوات الذكاء الاصطناعي لإنجاز المهام. كما كشفت أن الطلاب الذين يعتمدون على "شات جي بي تي" يفقدون القدرة على استرجاع المعلومات، وبالتالي لا يستفيدون بالكامل من تعليمهم.
وأوضح الدكتور عباس: "تشير نتائجنا إلى أن الاستخدام المفرط لـ'شات جي بي تي' يمكن أن تترتب عليه آثار ضارة على التحصيل الدراسي للطلاب. فعلى وجه التحديد، كان الطلاب الذين يستخدمون 'شات جي بي تي' تكراراً أكثر عرضة للمماطلة مقارنةً بالذين نادراً ما يستخدمونه".
وتابع: "وبالمثل، أبلغ الطلاب الذين استخدموا 'شات جي بي تي' تكراراً عن فقدان الذاكرة. وفي السياق نفسه، حقق الطلاب الذين لجأوا إلى 'شات جي بي تي' تكراراً لإنجاز واجباتهم الأكاديمية معدلات تقييم ضعيفة".
واستنتجت الدراسة أن الطلاب الذين يشعرون بالضغط هم الأكثر عرضة للجوء إلى "شات جي بي تي"، إلا أن هذا يؤدي بدوره إلى تدهور الأداء الأكاديمي والمزيد من المماطلة وفقدان الذاكرة.
ماذا يقترح الباحثون؟
يقترح الباحثون على المؤسسات التعليمية أن تضع في اعتبارها أن حجم العمل الدراسي الكبير قد يدفع الطلاب إلى استخدام "شات جي بي تي".
كما يوصي الباحثون بأن يحذر الأكاديميون الطلاب من الآثار السلبية لاستخدام البرنامج.
واختتم الباحثون بالقول: "ينبغي على مؤسسات التعليم العالي تأكيد أهمية إدارة الوقت بكفاءة وتوزيع حجم العمل توزيعاً مناسباً عند تكليف الطلاب بالمهام والواجبات الدراسية. وفيما برنامج 'شات جي بي تي' قد يساعد في إدارة حجم العمل الدراسي الثقيل تحت ضيق الوقت، يجب إطلاع الطلاب على العواقب السلبية للإفراط في الاعتماد عليه".